الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 الموافق 22 ربيع الثاني 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

داء ترسب الأصبغة الدموية.. مرض يرتبط بزيادة الحديد

داء ترسب الأصبغة
داء ترسب الأصبغة الدموية

الحديد عنصر أساسي في جسم الإنسان لا غنى عنه، فهو المسؤول عن نقل الأكسجين في الدم ودعم إنتاج الطاقة والمحافظة على قوة العضلات ووظائف الدماغ، إلا أن زيادة «الحديد» في الجسم قد تتحول من نعمة إلى خطر صامت يهدد الصحة العامة، إذ يؤدي تراكمه إلى الإصابة بما يُعرف بـ «داء ترسب الأصبغة الدموية»، وهو مرض نادر لكنه خطير في حال لم يُكتشف مبكرًا، لأنه يسبب تلفًا في الأعضاء الحيوية مثل الكبد والقلب والبنكرياس.

ما هو داء ترسب الأصبغة الدموية

داء ترسب الأصبغة الدموية هو اضطراب يحدث عندما يمتص الجسم كميات من «الحديد» تفوق حاجته الطبيعية، مما يؤدي إلى تخزينه في الأنسجة والأعضاء بشكل مفرط، ومع مرور الوقت تبدأ هذه الزيادة في «الحديد» بإلحاق الضرر بخلايا الجسم، فيتلف الكبد وتتأثر عضلة القلب ويضعف البنكرياس، ويُعرف هذا المرض أحيانًا باسم «تسمم الحديد المزمن» لأنه يتطور ببطء دون أن يشعر المريض بأعراض واضحة في بدايته.

أسباب تراكم الحديد في الجسم

ترجع زيادة «الحديد» في الجسم إلى عدة أسباب، منها الوراثية حيث يُولد الإنسان بخلل في الجينات المسؤولة عن امتصاص «الحديد»، فيمتص الجسم كميات كبيرة من الطعام تفوق حاجته الطبيعية، كما يمكن أن تنشأ الزيادة نتيجة أسباب مكتسبة مثل «الإفراط في تناول المكملات الغذائية» أو «نقل الدم المتكرر» لمرضى الأنيميا، أو بسبب أمراض الكبد المزمنة التي تعيق قدرة الجسم على تنظيم معدلات «الحديد»، ولذلك فإن الفحوصات الدورية تعتبر الوسيلة الأهم لاكتشاف هذه الحالات قبل أن تتفاقم.

أعراض داء ترسب الأصبغة الدموية

تتفاوت أعراض المرض من شخص لآخر حسب درجة تراكم «الحديد» في الجسم، ففي المراحل المبكرة قد لا تظهر علامات واضحة، لكن مع استمرار تراكم «الحديد» تبدأ الأعراض بالظهور تدريجيًا وتشمل «الإرهاق الدائم»، «آلام المفاصل»، «فقدان الوزن»، «تغير لون الجلد إلى البرونزي أو الرمادي»، و«تضخم الكبد»، وقد يشعر بعض المرضى باضطرابات في نبض القلب أو ضعف في الرغبة الجنسية نتيجة تأثير «الحديد» على الغدد الصماء، وفي الحالات المتقدمة قد تحدث مضاعفات خطيرة مثل تليف الكبد أو فشل القلب.

تأثير الحديد الزائد على الأعضاء

عندما تتراكم كميات كبيرة من «الحديد» في الكبد فإنها تؤدي إلى تدمير الخلايا الكبدية ببطء مما يسبب الالتهابات والتليف، ومع مرور الوقت قد يتحول التليف إلى سرطان في الكبد، كما يؤثر «الحديد» على القلب فيضعف عضلته ويؤدي إلى اضطرابات في الإيقاع القلبي، وفي البنكرياس يمنع «الحديد» خلاياه من إنتاج الإنسولين بالشكل الكافي مما يزيد خطر الإصابة بمرض السكري، أما على الجلد فيظهر أثر تراكم «الحديد» في صورة لون داكن يشبه الصدأ نتيجة الأصباغ التي يفرزها الجسم.

تشخيص داء ترسب الأصبغة الدموية

يبدأ تشخيص المرض عادةً من خلال تحليل بسيط لمستوى «الحديد» في الدم، ويشمل ذلك فحص «الفيريتين» الذي يقيس كمية «الحديد» المخزنة، وكذلك فحص «التشبع بالترانسفيرين» الذي يوضح مدى امتصاص الجسم للحديد، وإذا أظهرت النتائج ارتفاعًا في هذه القيم فقد يلجأ الطبيب إلى فحوصات إضافية مثل التصوير بالرنين المغناطيسي للكبد لقياس نسبة تراكم «الحديد» فيه، وأحيانًا تُجرى خزعة من الكبد لتحديد درجة الضرر التي أصابته، وهذه الخطوات التشخيصية تساعد في تحديد نوع العلاج المناسب لكل حالة.

طرق علاج داء ترسب الأصبغة الدموية

العلاج الأساسي للمرض يعتمد على خفض مستوى «الحديد» في الجسم، ويتم ذلك عادةً من خلال «الفصد» أو التبرع بالدم بانتظام، وهي طريقة آمنة وفعالة للتخلص من الفائض من «الحديد»، حيث يُزال جزء من الدم أسبوعيًا حتى تعود المعدلات إلى المستوى الطبيعي، وفي الحالات التي لا يمكن فيها إجراء الفصد، مثل المرضى الذين يعانون من فقر دم، يتم استخدام أدوية خاصة تُعرف بـ «عوامل خلب الحديد» تعمل على سحب «الحديد» الزائد من الجسم عن طريق البول أو البراز، كما يُنصح المرضى باتباع نظام غذائي متوازن يقلل من امتصاص «الحديد».

النظام الغذائي ودوره في التحكم بالمرض

يُعد النظام الغذائي من العوامل المساعدة في التحكم بمستويات «الحديد»، حيث يُنصح المرضى بالابتعاد عن الأطعمة الغنية بالحديد مثل الكبدة واللحوم الحمراء وصفار البيض، وتجنب تناول فيتامين C بكميات كبيرة لأنه يزيد من امتصاص «الحديد»، وفي المقابل يمكن تناول الأطعمة التي تحتوي على الكالسيوم أو الشاي والقهوة لأنها تقلل امتصاص «الحديد»، كما ينبغي تجنب الكحول لأنه يزيد من خطر تلف الكبد لدى المصابين، واتباع نمط حياة صحي يشمل ممارسة الرياضة والنوم الجيد.

الوقاية والكشف المبكر

إن الكشف المبكر عن زيادة «الحديد» في الجسم هو الخطوة الأهم للوقاية من المضاعفات، خاصةً إذا كان هناك تاريخ عائلي للإصابة بالمرض، فإجراء فحوصات دورية للدم يساعد في اكتشاف أي ارتفاع في معدلات «الحديد» قبل أن يظهر الضرر، كما يجب على من يتناولون المكملات الغذائية دون إشراف طبي أن يكونوا أكثر حذرًا، لأن زيادة «الحديد» لا يشعر بها المريض إلا بعد أن تُحدث أضرارًا فعلية في الأعضاء الداخلية.

داء يمكن السيطرة عليه

على الرغم من خطورة «داء ترسب الأصبغة الدموية» إلا أنه من الأمراض التي يمكن السيطرة عليها بفعالية إذا تم اكتشافها في الوقت المناسب، فالعلاج المنتظم يقلل مستوى «الحديد» ويمنع حدوث التليف والمضاعفات، ويستطيع المريض أن يعيش حياة طبيعية تمامًا بشرط الالتزام بتوصيات الطبيب، كما أن التبرع بالدم بانتظام لا يعد علاجًا فحسب بل يُعد أيضًا نوعًا من «الصدقة الصحية» التي تعود بالنفع على المتبرع والمريض معًا.

«الحديد» عنصر لا غنى عنه للحياة، لكن زيادته عن الحد الطبيعي تُحوّله إلى عبء يهدد صحة الإنسان، لذا يجب الحفاظ على التوازن في نسبته داخل الجسم، فكما أن نقصه يسبب الأنيميا فإن زيادته تؤدي إلى أمراض خطيرة كـ «داء ترسب الأصبغة الدموية»، والاعتدال هو السبيل الأمثل لحياة صحية آمنة.

تم نسخ الرابط