الاتحاد الأوروبي يحقق في مخاطر «معقمات الأيدي» المسرطنة

معقمات الأيدي تثير قلق الاتحاد الأوروبي بعد تقارير عن «مكونات مسرطنة»، ففي خطوة جديدة تهدف إلى حماية صحة المواطنين والحفاظ على سلامة المنتجات المنتشرة في الأسواق أعلن الاتحاد الأوروبي عن بدء تحقيق واسع النطاق حول مكونات «معقمات الأيدي» التي تباع في دول الاتحاد، وذلك بعد ورود تقارير علمية تشير إلى احتواء بعض هذه المعقمات على مواد قد تكون «مسرطنة» أو ضارة بالجهاز التنفسي والجلد على المدى الطويل، وقد أثارت هذه التقارير حالة من القلق بين المستهلكين في أوروبا والعالم نظرًا للاعتماد الكبير على «معقمات الأيدي» منذ تفشي جائحة كورونا
أسباب التحقيق الأوروبي
يأتي هذا التحقيق بعد رصد جهات رقابية أوروبية عدة مكونات كيميائية في بعض أنواع «معقمات الأيدي» قد تشكل خطرًا على صحة الإنسان، ومن أبرز هذه المواد مادة «البنزين» المعروفة بارتباطها الوثيق بالإصابة بأنواع معينة من السرطان، بالإضافة إلى مركبات أخرى مثل «الميثانول» و«الأسيتالدهيد» التي تؤثر سلبًا على الكبد والجهاز العصبي، وقد أظهرت الدراسات أن بعض المصانع غير الملتزمة بمعايير السلامة استخدمت هذه المواد بهدف تقليل التكلفة الإنتاجية رغم خطورتها البالغة، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى التحرك العاجل لإجراء تقييم شامل لكل العلامات التجارية المتداولة من «معقمات الأيدي».
تزايد المخاوف بين المواطنين
أدت هذه الأنباء إلى حالة من القلق داخل الشارع الأوروبي خاصة أن «معقمات الأيدي» أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، إذ يستخدمها الملايين في المنازل والمكاتب ووسائل النقل، وقد صرح عدد من المواطنين عبر وسائل الإعلام بأنهم بدأوا يتجنبون بعض العلامات التجارية المجهولة المصدر إلى حين صدور نتائج التحقيق الرسمية، كما دعت منظمات حماية المستهلك إلى ضرورة نشر قوائم دقيقة بأسماء الشركات التي تلتزم بمعايير الأمان في تصنيع «معقمات الأيدي»، وذلك لضمان سلامة المستخدمين وطمأنتهم تجاه هذه المنتجات المنتشرة بكثرة.
دور المفوضية الأوروبية والهيئات الصحية
أكدت المفوضية الأوروبية أن الهدف من هذا التحقيق هو «ضمان خلو الأسواق من أي منتج قد يهدد صحة الإنسان»، مشيرة إلى أن فرق التفتيش ستقوم بسحب عينات من «معقمات الأيدي» من مختلف الدول الأعضاء وإخضاعها لتحاليل دقيقة في مختبرات متخصصة، كما أوضحت أن الاتحاد لن يتردد في «فرض حظر شامل» على أي منتج يثبت احتواؤه على مواد ضارة أو مسرطنة، وأضافت المفوضية أن هذه الإجراءات تأتي في إطار سياسة الاتحاد التي تضع «سلامة المستهلك» فوق كل اعتبار، لاسيما بعد ازدياد اعتماد الأفراد على «معقمات الأيدي» في الوقاية من العدوى.
تحذيرات علمية ودراسات حديثة
ذكرت مؤسسات بحثية أوروبية أن الإفراط في استخدام بعض أنواع «معقمات الأيدي» قد يؤدي إلى امتصاص الجلد لكميات من الكحول أو المواد الكيميائية الضارة، مما يسبب تهيجًا أو تحسسًا للبشرة، وأشارت إلى أن التعرض المستمر لمركبات مثل «البنزين» حتى بتركيزات منخفضة قد يرفع احتمالية الإصابة بمشكلات صحية مزمنة، كما شددت الدراسات على أهمية اختيار المنتجات التي تحمل علامات اعتماد من الهيئات الصحية الرسمية، والتي تثبت أن «معقمات الأيدي» آمنة وفعالة ضد الجراثيم دون أن تحتوي على مكونات مسرطنة أو مؤذية.
بدائل آمنة ومعايير مطلوبة
ينصح الخبراء الأوروبيون المواطنين بالاعتماد على «معقمات الأيدي» التي تحتوي على نسب كحول معتمدة تتراوح بين ٦٠ و٧٠ بالمئة دون أي إضافات كيميائية غير موثوقة، كما يوصون بضرورة التحقق من مصدر المنتج وتاريخ التصنيع والتخزين، وأكدت الهيئات الصحية أن استخدام الماء والصابون يظل الخيار الأكثر أمانًا في حالة التوفر، لأنه يزيل البكتيريا والفيروسات من دون الحاجة إلى التعرض لأي مواد قد تكون مضرة، بينما تبقى «معقمات الأيدي» خيارًا مكملاً وليس بديلاً تامًا عن النظافة التقليدية.
تأثير القرار على الشركات والأسواق
في حال قرر الاتحاد الأوروبي فرض قيود جديدة على صناعة «معقمات الأيدي» فمن المتوقع أن تتأثر العديد من الشركات المصنعة خاصة الصغيرة منها، حيث ستكون مطالبة بإعادة صياغة مكونات منتجاتها لتتوافق مع اللوائح الجديدة، وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وبالتالي أسعار البيع، ومع ذلك يرى المراقبون أن هذا التحرك ضروري لضمان جودة المنتجات المطروحة في السوق وحماية المستهلكين من المخاطر الخفية، ويؤكد الاقتصاديون أن الأسواق الأوروبية قد تشهد منافسة جديدة بين الشركات التي تلتزم بالمعايير الصحية وتلك التي ستضطر إلى سحب منتجاتها المخالفة.
دعوة لتشريعات أكثر صرامة
طالب أعضاء في البرلمان الأوروبي بسن تشريعات أكثر صرامة تحدد «معايير إنتاج معقمات الأيدي» بشكل دقيق وواضح، مؤكدين أن الوقاية من الأمراض يجب ألا تأتي على حساب السلامة العامة، كما شددوا على أهمية تشديد الرقابة على المنتجات المستوردة من خارج الاتحاد والتي غالبًا ما تدخل الأسواق بأسعار منخفضة وجودة متدنية، ودعوا إلى إطلاق حملات توعية للمواطنين لتثقيفهم حول كيفية اختيار المعقم المناسب واستخدامه بطريقة صحيحة وآمنة.
مستقبل استخدام «معقمات الأيدي» في أوروبا
يرى المراقبون أن هذا التحقيق الأوروبي سيكون نقطة تحول في سوق منتجات النظافة الشخصية، إذ قد يؤدي إلى ظهور علامات تجارية جديدة تركز على المكونات الطبيعية والآمنة، كما سيعزز من ثقة المستهلكين في المنتجات المعتمدة رسميًا، في حين يتوقع أن تختفي تدريجيًا الأنواع المجهولة المصدر التي لا تستوفي متطلبات السلامة، وبذلك يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق توازن بين الحماية من العدوى والحفاظ على صحة الإنسان من أي أضرار طويلة الأمد.
تحقيق الاتحاد الأوروبي حول «معقمات الأيدي» لا يهدف فقط إلى الكشف عن المخاطر المحتملة، بل يسعى إلى وضع أسس جديدة لسلامة المنتجات التي يعتمد عليها الناس يوميًا، فصحة المواطن الأوروبي تظل الأولوية القصوى في أي سياسات تتعلق بحماية المستهلكين وضمان بيئة خالية من المخاطر الكيميائية.