الأربعاء 29 أكتوبر 2025 الموافق 07 جمادى الأولى 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

ليست الوراثة فقط المسؤولة.. علامات الإصابة بالصدفية وأسبابها

الصدفية
الصدفية

الوراثة ليست السبب الوحيد في «الإصابة بالصدفية»، فالأمر يتجاوز الجينات إلى عوامل بيئية ونفسية ومناعية، حيث تشير الدراسات الحديثة إلى أن مرض الصدفية الذي يصيب الجلد مسببًا بقعًا حمراء وقشورًا مزمنة ليس مجرد نتيجة لعوامل «الوراثة» كما كان يُعتقد في السابق، بل هو نتاج تفاعل معقد بين الجينات والجهاز المناعي ونمط الحياة والعوامل البيئية التي تحيط بالإنسان، مما يجعل فهم هذا المرض وإدارته يعتمد على نظرة شمولية تتجاوز فكرة «الوراثة» وحدها.

ما هي الصدفية؟

الصدفية هي أحد الأمراض الجلدية المزمنة التي تظهر على شكل بقع متقشرة أو ملتهبة في مناطق مختلفة من الجسم، مثل المرفقين والركبتين وفروة الرأس، ويعود سبب ظهورها إلى تسارع دورة حياة خلايا الجلد، إذ تتكاثر الخلايا بسرعة أكبر من المعتاد مما يؤدي إلى تراكمها على السطح الخارجي، ويؤكد الأطباء أن الصدفية ليست معدية، ولكنها قد ترتبط بعوامل متعددة من بينها «الوراثة» والاستجابة المناعية المفرطة في الجسم، حيث يُنتج الجهاز المناعي إشارات خاطئة تحفز نمو خلايا الجلد بسرعة زائدة.

الوراثة ودورها في الصدفية

تشير الأبحاث إلى أن «الوراثة» تلعب دورًا رئيسيًا في احتمالية الإصابة بالصدفية، فوجود تاريخ عائلي للمرض يزيد من خطر ظهوره لدى الأبناء، وقد حدد العلماء أكثر من 25 جينًا يرتبط بزيادة القابلية للإصابة، من بينها الجين المعروف باسم PSORS1 الموجود في الكروموسوم السادس، والذي يُعتقد أنه يساهم في استجابة الجهاز المناعي الزائدة، ومع ذلك فإن «الوراثة» لا تعني بالضرورة أن الشخص سيصاب بالمرض، إذ إن كثيرين ممن يحملون الجينات المرتبطة بالصدفية لا تظهر عليهم الأعراض أبدًا، مما يشير إلى أن «الوراثة» وحدها لا تكفي لتفسير جميع الحالات.

العوامل البيئية المسببة للصدفية

رغم أن «الوراثة» تمثل قاعدة أساسية، إلا أن العوامل البيئية تلعب دورًا كبيرًا في تحفيز ظهور الصدفية، وتشمل هذه العوامل «الإجهاد النفسي» الذي يؤدي إلى اضطراب في الهرمونات وضعف الجهاز المناعي، بالإضافة إلى العدوى البكتيرية أو الفيروسية التي قد تنشط الخلايا المناعية في الجلد، كما يمكن أن تساهم بعض الأدوية مثل أدوية الضغط أو الليثيوم في تفاقم الحالة، ويُعد التدخين والسمنة من أبرز المحفزات التي تؤدي إلى زيادة الالتهابات الجلدية، مما يجعل السيطرة على نمط الحياة جزءًا أساسيًا من الوقاية والعلاج.

النظام الغذائي وتأثيره على الصدفية

أكدت دراسات طبية أن النظام الغذائي يمكن أن يلعب دورًا في تخفيف أو زيادة أعراض الصدفية، فالأطعمة الغنية بالدهون المشبعة أو السكريات قد تؤدي إلى زيادة الالتهابات داخل الجسم، بينما تساعد الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة مثل الفواكه والخضروات والأسماك الزيتية في تحسين صحة الجلد، ومن المهم أن يدرك المريض أن تأثير الطعام لا يتوقف على «الوراثة» بل يمتد إلى تفاعل الجهاز المناعي مع مكونات الغذاء، لذلك يُنصح بالابتعاد عن الأغذية المصنعة والاهتمام بشرب الماء بانتظام للمساعدة في ترطيب الجلد.

الأعراض والعلامات المميزة للصدفية

تظهر الصدفية في البداية على شكل بقع صغيرة أو متقشرة ذات لون فضي أو أبيض على الجلد، ثم تتوسع تدريجيًا لتشمل مناطق أكبر، وقد يصاحبها شعور بالحكة أو الألم، وفي بعض الحالات تتأثر الأظافر أيضًا فتصبح سميكة أو متشققة، كما يمكن أن تمتد الصدفية إلى فروة الرأس مسببة تساقط الشعر المؤقت، وتختلف شدة الأعراض من شخص لآخر حسب العامل المسبب ومدى استجابة الجهاز المناعي، وهنا تلعب «الوراثة» دورًا في تحديد مدى شدة الأعراض أو استجابتها للعلاج.

الجانب النفسي وتأثيره في تفاقم المرض

من المثير للاهتمام أن الدراسات أثبتت وجود علاقة قوية بين الحالة النفسية وازدياد حدة الصدفية، فالتوتر والقلق المزمن يمكن أن يثيرا رد فعل مناعي يؤدي إلى تفاقم الالتهاب الجلدي، وهنا يتضح أن «الوراثة» ليست وحدها المسؤولة عن ظهور المرض أو تطوره، بل إن الحالة العاطفية للمريض قد تكون عاملاً مسببًا لتكرار النوبات، ولهذا يُنصح المرضى باللجوء إلى تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو اليوغا أو العلاج السلوكي للسيطرة على الضغط النفسي.

خيارات العلاج المتاحة

تعتمد علاجات الصدفية على نوعها ومدى شدتها، وتشمل العلاجات الموضعية مثل الكريمات التي تحتوي على الكورتيزون أو فيتامين د، بالإضافة إلى العلاج بالضوء الذي يهدف إلى تقليل نشاط الخلايا المسببة للالتهاب، وهناك أيضًا أدوية مناعية حديثة تُستخدم في الحالات الشديدة، تعمل على إيقاف الإشارات المناعية غير الطبيعية، ويشير الأطباء إلى أن الاستجابة للعلاج قد تختلف تبعًا للعوامل الوراثية لكل شخص، مما يجعل «الوراثة» عاملاً حاسمًا في اختيار الدواء المناسب، ومع ذلك فإن التزام المريض بالعلاج ونمط الحياة الصحي يُعد أساس النجاح في السيطرة على المرض.

الوقاية والتعايش مع الصدفية

يمكن للمرضى أن يعيشوا حياة طبيعية إذا تم التحكم في أعراض الصدفية، وذلك من خلال الحفاظ على رطوبة الجلد باستخدام الكريمات والزيوت الطبيعية، وتجنب المواد الكيميائية المهيجة، إضافة إلى الابتعاد عن التدخين والاهتمام بتناول غذاء متوازن، كما يجب متابعة الحالة مع طبيب الجلدية بانتظام لتقييم تطورها، ويُنصح بتجنّب العوامل التي تؤدي إلى نوبات متكررة مثل الإجهاد الشديد أو العدوى، فكل هذه العوامل يمكن أن تتفاعل مع «الوراثة» وتزيد من احتمالية عودة الأعراض.

العلم والبحث المستمر

يواصل العلماء دراسة الجينات المرتبطة بالصدفية لمحاولة فهم العلاقة الدقيقة بين «الوراثة» والعوامل البيئية، وقد تم اكتشاف مسارات جديدة في الجهاز المناعي يمكن أن تُستخدم كأهداف لعلاجات أكثر دقة في المستقبل، ومن المتوقع أن تسهم الأبحاث الحديثة في تطوير أدوية مخصصة لكل مريض بناءً على تركيبته الوراثية، مما يفتح الباب أمام الطب الشخصي الذي يعتمد على فهم «الوراثة» كعنصر أساسي في تحديد العلاج الأنسب لكل حالة.

يتضح أن مرض الصدفية ليس ناتجًا فقط عن «الوراثة» كما كان يُظن سابقًا، بل هو مزيج معقد من العوامل الجينية والمناعية والنفسية والبيئية، وأن التعامل معه يحتاج إلى وعي شامل يشمل الوقاية والعلاج والدعم النفسي، ففهم دور «الوراثة» يساعد في الحد من الخطر، لكنه لا يُغني عن السيطرة على العوامل الأخرى التي قد تفجر الأعراض، وبذلك يصبح التوازن بين الجينات ونمط الحياة هو الطريق نحو جلد صحي وحياة خالية من المعاناة.

تم نسخ الرابط