الأحد 14 ديسمبر 2025 الموافق 23 جمادى الثانية 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

هل تتحقق الرؤيا السيئة إذا رويت؟ اعرف الحقيقة

الرؤيا
الرؤيا

تشهد الأوساط الدينية حديثًا موسعًا حول مسألة الرؤيا وخاصة ما يتعلق بالرؤيا غير الصالحة وما إذا كانت تتحقق إذا قام الإنسان بالحديث عنها عقب الاستيقاظ مباشرة، وقد طُرحت هذه القضية على الهواء في أحد البرامج التلفزيونية الدينية مما أثار اهتمامًا كبيرًا من الجمهور الباحث عن توضيح علمي شرعي من أهل الاختصاص، حيث دارت مناقشة بين الشيخ أشرف عبد الجواد من علماء الأزهر الشريف والشيخ عطية محمد عطية من علماء الأزهر الشريف حول مدى ارتباط حكاية الرؤياالسيئة بتحققها، الأمر الذي جعل الموضوع يتحول إلى نقاش فقهي له أبعاده ويستلزم توضيحًا شاملاً يعرض مختلف الآراء ويقدم الصورة الصحيحة للجمهور.

رأي الشيخ عطية محمد عطية حول الرؤيا غير الصالحة

بدأ الشيخ عطية محمد عطية بتوضيح موقفه المستند إلى ما ورد في نصوص السنة النبوية، حيث أكد أن الإنسان إذا شاهد في منامه شيئًا غير صالح فعليه أن يمسك لسانه ولا يروي هذه الرؤيا لأي شخص، لأن هذا الأمر كما يرى قد يؤدي إلى تحقق ما رآه، خاصة إذا جرى تفسير هذا المنام من قِبل شخص يفهم في التأويل، مشيرًا إلى أن تفسير الرؤيا قد يكون هو السبب في وقوعها، وأن الامتناع عن روايتها يُعد نوعًا من التحصن الروحي الذي يُبعد عن الإنسان الشر أو الضرر المحتمل.

وأوضح الشيخ عطية خلال ظهوره التلفزيوني أن الرؤيا جزء من النبوة وأن هناك حديثًا صحيحًا جاء فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم «الرؤيا على رجل طائر ما لم تُعبَر فإذا عبرت وقعت»، واعتبر أن هذا النص يشير بوضوح إلى أن تأويل الرؤيا هو ما يجعلها تتحقق، وأن رواية الرؤيا غير الصالحة وطلب تفسيرها قد يكون مدخلًا لوقوع ما هو غير مرغوب فيه، لذلك نصح بعدم نشر الرؤيا السيئة أمام أحد حتى لا تُفتح أبواب التأويل الخاطئ أو القلق بلا داع.

اعتراض الشيخ أشرف عبد الجواد وتوضيحه لحقيقة الرؤيا

على الجانب الآخر، اعترض الشيخ أشرف عبد الجواد على الفكرة القائلة بأن الرؤيا غير الصالحة تتحقق لمجرد روايتها، مؤكدًا أن هذا الاعتقاد غير دقيق وأن فهم النصوص يجب أن يتم في سياقها الصحيح، إذ لا توجد قاعدة شرعية تؤكد أن رواية الرؤياالسيئة تعني بالضرورة وقوعها، بل إن الرؤيا من عند الله وقد تكون أحيانًا بشارة خير أو قد تأتي تحذيرًا وإنذارًا لما هو قادم، وقد ضرب مثالًا بما جرى مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل غزوة أحد حين رأى بقَرًا تُذبح وتم تفسير هذه الرؤيا بأنها دلالة على استشهاد بعض أصحابه، ومع ذلك فإن الرؤيا لم تكن ضررًا بحد ذاتها وإنما كانت رسالة تنبيهية.

وشرح الشيخ أشرف أن الرؤيا قد تحمل رسائل متعددة وأن الأصل في التعامل معها هو حسن الظن بالله، وأن الحديث عن الرؤيا لا يعني بالضرورة تحققها أو وقوع محتواها، بل يعتمد الأمر على حكمة الله وإرادته وما يقدره للإنسان، وأضاف أن المرء إذا شاهد في منامه شيئًا غير مستحب فمن الأفضل ألا يُشعر الآخرين به، وهذا ليس لأن الرؤيا ستتحقق وإنما لأنها قد تُسبب له القلق أو تُفتح أبواب التأويل غير المحمود، وبالتالي فالأفضل أن يستعيذ بالله من شر ما رأى وأن يتخذ الأسباب الروحية التي أوصى بها النبي مثل تحويل الجنب أو النفث عن اليسار.

توجيهات نبوية حول التعامل مع الرؤى المزعجة

وأوضح الشيخ أشرف عبد الجواد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل أبدًا إن الرؤيا غير الصالحة تتحقق بمجرد الحديث عنها، بل جاءت التوجيهات النبوية لتؤكد أن الإنسان إذا رأى ما يكره فعليه أن يستعيذ بالله من شرها، ولا يحدث بها أحدًا، وأن هذه الخطوات كافية لطمأنة القلب وحماية الإنسان من الخوف أو التوجس، كما أشار إلى أن عدم وجود نص صريح يؤكد تحقق الرؤيا بسبب مجرد الكلام عنها يجعل القول القاطع بذلك غير صحيح من الناحية العلمية الشرعية.

وأضاف أن العلماء أجمعوا على أن الرؤيا ثلاثة أنواع، رؤيا من الله «رؤيا صالحة»، ورؤيا من النفس «حديث نفس»، ورؤيا من الشيطان «أحلام مزعجة»، وأن النوع الثالث هو الذي ينطبق غالبًا على الرؤى غير الصالحة، وهذا النوع لا يترتب عليه أي تحقق في الواقع إلا أن يصيب الإنسان خوف أو اضطراب، ولذلك جاءت السنة بالتأكيد على عدم نشرها أو الاهتمام بها حتى لا تسيطر نفسيًا على الشخص.

خلاصة الجدل بين العالمين الأزهرَيين

يمكن القول إن الجدل بين الشيخين يعود في الأساس إلى اختلاف زاوية النظر إلى معنى الرؤيا وتأويل النصوص، فالشيخ عطية ينبه إلى خطورة تفسير الرؤيا لأن التعبير قد يجعلها تقع، بينما الشيخ أشرف يوضح أن عدم التحدث بالرؤيا سببُه التوجيه النبوي لعدم إشاعة ما يسبب القلق وليس لأنه يتحقق بالضرورة، وأن وقوع الرؤيا يرتبط بمشيئة الله وحده وليس بمجرد روايتها.

كما شدد الشيخ أشرف على ضرورة فهم الأحاديث في سياقها، وأن الفقه الصحيح يقوم على توضيح أن الرؤيا مهما كانت لن تكون سببًا مباشرًا في وقوع الشر إلا إذا ارتبطت بحكمة ربانية أو رسالة إلهية، وأن ما على الإنسان إلا أن يأخذ بالأسباب والسنن في التعامل مع الرؤيا دون خوف أو تهويل.

تم نسخ الرابط