هل يشترط تبييت نية صيام التطوع؟ الإفتاء توضح
صيام التطوع حكم النية وتوقيتها كما أوضحت دار الإفتاء المصرية.. يتساءل كثير من المسلمين عن الأحكام الشرعية المتعلقة بـ «صيام التطوع» خاصة ما يرتبط بشرط النية ووقتها الصحيح، وهو سؤال يتكرر مع انشغال الناس بأعمالهم اليومية، ورغبتهم في اغتنام فضل الصيام دون الوقوع في مخالفة شرعية، وفي هذا السياق أوضحت «دار الإفتاء المصرية» الحكم الشرعي بشكل مفصل يراعي مقاصد الشريعة والتيسير على الناس.
أهمية النية في صيام التطوع
أكدت «الإفتاء» أن النية شرط أساسي في جميع أنواع الصيام سواء كان الصيام فرضًا أو نفلًا، لأن الصيام عبادة محضة لا تصح إلا بالنية، فالنية هي التي تميز العبادة عن العادة، وتميز «صيام التطوع» عن مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، ولهذا شدد العلماء على أن وجود النية شرط لا غنى عنه لصحة الصيام، ويشمل ذلك كل صور «صيام التطوع» التي يؤديها المسلم تقربًا إلى الله تعالى.
هل تصح نية صيام التطوع بعد بدء النهار
أوضحت «دار الإفتاء» أن من رحمة الله تعالى بعباده التوسعة في وقت النية في «صيام التطوع»، حيث يصح أن ينوي المسلم الصيام في أي وقت من النهار، سواء قبل الزوال أو بعده، بل ويصح أن تكون النية بعد العصر وقبل الغروب، بشرط ألا يكون الصائم قد أتى بما ينافي الصيام من أكل أو شرب أو غير ذلك، وهذا الرأي هو المختار للفتوى وعليه العمل، لما فيه من تيسير وموافقة لأقوال عدد من الفقهاء.
حكم تبييت النية في صيام التطوع
بيّنت «الإفتاء» أن تبييت النية أي عقدها ليلًا قبل الفجر ليس شرطًا في «صيام التطوع»، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، واستدلوا على ذلك بما ورد عن السيدة «عائشة رضي الله عنها» حين دخل عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسألها هل عندهم طعام، فلما أخبرته بعدم وجوده قال إني إذًا صائم، وهذا الحديث الصحيح يدل بوضوح على جواز نية «صيام التطوع» أثناء النهار دون اشتراط التبييت من الليل.
أدلة فقهية تؤكد التيسير في صيام التطوع
دعمت «دار الإفتاء» رأيها بما ورد عن عدد من الصحابة رضوان الله عليهم، حيث ثبت عن أبي الدرداء وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم أنهم كانوا يعقدون نية «صيام التطوع» أثناء النهار إذا لم يجدوا طعامًا، وهو ما يؤكد أن هذا الفعل كان معروفًا ومقبولًا في عهد السلف، مما يعكس سعة الشريعة ومرونتها في باب النوافل.
الفرق بين صيام الفرض وصيام التطوع
أشارت «الإفتاء» إلى وجود فرق جوهري بين صيام الفرض وصيام النفل، فصيام الفرض كرمضان يشترط فيه تبييت النية من الليل، لأن الليل كله محل للنية في الفرض، أما «صيام التطوع» فمحله النهار كله، ولهذا تستوي النية في أي جزء منه، وهذا التفريق يحقق مقصد التيسير ويشجع المسلمين على الإكثار من النوافل دون مشقة أو تعقيد.
متى لا تصح نية صيام التطوع
أوضحت «دار الإفتاء» أن صحة نية «صيام التطوع» مشروطة بعدم ارتكاب ما ينافي الصيام قبل النية، فإذا كان المسلم قد أكل أو شرب أو فعل ما يبطل الصيام ثم أراد أن ينوي الصيام بعد ذلك، فلا يصح صومه في هذه الحالة، لأن النية يجب أن تكون مقرونة بالإمساك عما يفطر، وهذا الحكم محل اتفاق بين الفقهاء.
تطبيق الحكم على واقعة السؤال
فيما يتعلق بواقعة السائل الذي انشغل بعمله حتى بعد أذان العصر ولم يتناول شيئًا، ثم أراد أن يصوم ذلك اليوم تطوعًا، أكدت «الإفتاء» أن صيامه صحيح شرعًا إذا نوى «صيام التطوع» قبل الغروب ولم يكن قد أتى بمفطر، لأن النهار كله محل للنية في صيام النفل، وهذا الحكم يبعث الطمأنينة في نفوس كثير من الناس الذين قد تفوتهم نية الصيام من الليل.
الحكمة من التيسير في صيام التطوع
أشارت «دار الإفتاء» إلى أن التيسير في أحكام «صيام التطوع» ينسجم مع مقاصد الشريعة الإسلامية التي تهدف إلى رفع الحرج عن المكلفين، وتشجيعهم على الإكثار من الطاعات، فلو اشترط التبييت في كل صيام لتقلصت فرص التطوع، بينما فتح باب النية طوال النهار يجعل الصيام عبادة يسيرة محببة للنفس.
صيام التطوع باب عظيم للأجر
يعد «صيام التطوع» من أعظم أبواب القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، لما فيه من تزكية للنفس وتعويد لها على الصبر والانضباط، ومع وضوح أحكام النية وتوقيتها، يصبح الطريق ميسرًا لكل من أراد اغتنام هذا الفضل، وهو ما حرصت «دار الإفتاء» على توضيحه بشكل جلي.
خلاصة الحكم الشرعي
خلاصة القول أن النية شرط لصحة «صيام التطوع» كما هي شرط في صيام الفرض، غير أن وقتها في التطوع أوسع، فلا يشترط تبييتها من الليل، ويصح عقدها في أي وقت من النهار حتى قبل الغروب، بشرط عدم فعل ما يبطل الصيام، وهو الرأي المختار للفتوى وعليه العمل.



