حكم الأكل من العقيقة وتقسيمها.. الإفتاء توضح
أجابت «دار الإفتاء المصرية» على تساؤلات متكررة حول «العقيقة» وحكم الأكل منها وكيفية تقسيمها بعد الذبح، في توضيح شامل يهدف إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة المرتبطة بهذه السنة النبوية، حيث أكد الدكتور محمود شلبي «أمين الفتوى» أن «العقيقة» من السنن المؤكدة التي شرعها الإسلام عند قدوم المولود، وأنها باب من أبواب الشكر لله تعالى على نعمة الذرية، موضحًا أن «العقيقة» معناها في الأصل الذبح، وهي الذبيحة التي تذبح عن المولود سواء كان ذكرًا أو أنثى، وأن هذه السنة تتحقق بمجرد الذبح دون اشتراط كيفية معينة للتصرف في اللحم بعد ذلك.
معنى العقيقة وحكمها الشرعي
بيّن «أمين الفتوى» أن «العقيقة» سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتفعل عند ولادة الطفل، ويثاب فاعلها ولا يأثم تاركها، مؤكدًا أن جوهر «العقيقة» يتحقق بالذبح نفسه، فلو ذبح الإنسان شاة واحدة أو شاتين أو أكثر فقد أدى «العقيقة» على الوجه الصحيح، ولا يشترط عدد معين يفسد العمل بدونه، فالمقصود هو إراقة الدم شكرًا لله تعالى وإحياء هذه السنة، مشيرًا إلى أن «العقيقة» ليست فريضة ملزمة وإنما عبادة تطوعية مرتبطة بالقدرة والاستطاعة.
هل يجوز الأكل من العقيقة داخل البيت
أوضح الدكتور محمود شلبي أن ما يفعله الإنسان بلحم «العقيقة» بعد الذبح أمر متروك له، ولا يوجد نص شرعي يلزمه بإخراجها كاملة أو يمنعه من الأكل منها، مؤكدًا أن جميع الصور جائزة شرعًا، فمن أراد أن يخرج «العقيقة» كلها للفقراء والمحتاجين فله ذلك، ومن أراد أن يطبخها ويدعو الأهل والأصدقاء فله ذلك، ومن أحب أن يخرج جزءًا ويتصدق به ويترك جزءًا لأهل البيت فله ذلك أيضًا، وكل هذه التصرفات صحيحة ولا حرج فيها، لأن الشريعة لم تضع قيدًا محددًا لكيفية توزيع لحم «العقيقة».
الحكمة من التيسير في أمر العقيقة
وأشار «أمين الفتوى» إلى أن هذا التيسير في شأن «العقيقة» يعكس سماحة الشريعة الإسلامية وحرصها على رفع الحرج عن الناس، فالمقصد الأساسي من «العقيقة» هو الشكر وإظهار الفرح بالمولود وإطعام الطعام، وليس التضييق على الناس أو تحميلهم ما لا يطيقون، ولذلك أجاز الشرع كل صور التصرف في لحم «العقيقة» ما دامت خالية من المخالفات الشرعية.
كيفية تقسيم العقيقة عند الفقهاء
وتطرق «أمين الفتوى» إلى آراء الفقهاء في مسألة تقسيم «العقيقة»، موضحًا أن بعض أهل العلم، ومنهم فقهاء الشافعية، استحبوا أن تقسم «العقيقة» على ثلاثة أقسام قياسًا على الأضحية، فيكون ثلث لأهل البيت، وثلث للأقارب، وثلث للفقراء والمساكين، إلا أن هذا التقسيم على سبيل الاستحباب فقط وليس على سبيل الوجوب، فمن التزم به فله أجر، ومن لم يلتزم به فلا إثم عليه، لأن «العقيقة» صحيحة في جميع الأحوال طالما تم الذبح بنية «العقيقة».
العقيقة والدعوة إلى الطعام
أكدت «دار الإفتاء» أن من الصور المشروعة في «العقيقة» أن يقوم صاحبها بطبخ اللحم ودعوة الناس للطعام، لما في ذلك من إدخال السرور على القلوب وإظهار الفرح بالمولود، وهو مقصد شرعي معتبر، كما أن هذه الصورة تحقق معنى التكافل الاجتماعي وتقوية الروابط بين الناس، ولا تتعارض مع أحكام «العقيقة» بأي حال.
العقيقة مرتبطة بالقدرة لا بالوقت
وشدد «أمين الفتوى» على أن «العقيقة» سنة في حق المستطيع فقط، فمن لم يكن قادرًا على فعلها وقت ولادة المولود فلا حرج عليه ولا إثم، ويجوز له تأجيل «العقيقة» حتى تتوافر لديه القدرة المالية، لأن الله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها، ولأن «العقيقة» من العبادات التي تقوم على اليسر ورفع المشقة.
هل تسقط العقيقة بمرور الزمن
أوضح الدكتور محمود شلبي أن «العقيقة» لا ترتبط بسن معين، فلا تسقط بعد شهر ولا بعد شهرين، ولا يحرم فعلها إذا تأخرت، بل يجوز للإنسان أن يؤدي «العقيقة» بعد سنة أو سنوات طويلة متى توفرت القدرة، لأنها من السنن التي لا تسقط بالعجز المؤقت، مؤكدًا أن باب الخير مفتوح دائمًا، وأن تأدية «العقيقة» في أي وقت مع القدرة أمر مشروع ومقبول بإذن الله.
رسالة دار الإفتاء للمسلمين
واختتم «أمين الفتوى» حديثه بدعاء الله سبحانه وتعالى أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال، وأن يرزق المسلمين الفقه في الدين، مؤكدًا أن فهم أحكام «العقيقة» على وجهها الصحيح يعين الناس على أداء هذه السنة دون تشدد أو تقصير، ويجعلها عبادة قائمة على الفرح والشكر والتقرب إلى الله تعالى.



