"الجلابية والحبرة والشال الأسود".. رموز صعيدية تقاوم الزمن

كتبت - أميرة محمد
وتُعد الملابس الصعيدية القديمة رمزًا للكرامة والاحترام، حيث تُجسد قيمًا عريقة كالحشمة والوقار، ورغم تحديات التقدم.
يحظى الجلباب بمكانة خاصة في صعيد مصر، حيث يرتبط ارتباطًا وثيقًا بثقافة وتاريخ المنطقة.
فمنذ القدم، اعتبر الجلباب رمزًا للشهامة والرجولة، كما أنه يعكس موروثًا ثقافيًا واجتماعيًا غنيًا.
وعلى الرغم من انتشار الملابس الحديثة بين فئة الشباب، إلا أن الجلباب لا يزال حاضرًا بقوة في مختلف المناسبات، خاصة بين كبار السن.
ففي محافظة قنا، على سبيل المثال، نجد أن العديد من العائلات تحافظ على هذا الزي التقليدي، وتعتبره جزءًا لا يتجزأ من هويتها.
وتؤكد الدراما التلفزيونية والأعمال السينمائية على أهمية الجلباب في المجتمع الصعيدي، حيث تظهره كرمز للمهابة والوقار.
ولذلك، نرى أن العديد من المستشارين والضباط والأطباء يرتدون الجلباب في المحافل وغيرها، افتخارًا به واعتزازًا بهويتهم.
وعلى الرغم من بعض التغييرات التي طرأت على لباس الفئات العمرية الشبابية، إلا أن الجلباب الصعيدي لا يزال رمزًا راسخًا للشهامة والهوية في صعيد مصر.
يُعدّ الجلباب الصعيدي عنصرًا أساسيًا في هوية أبناء صعيد مصر، حيث يرتديه كبار السن في مختلف المناسبات، بينما يرتديه الشباب في المناسبات الخاصة مثل ليلة الحنة والموالد والأعياد وأثناء تقديم واجب العزاء.
وتصل تكلفة الجلباب البلدي إلى أكثر من 1000 جنيه مصري، بما يشمل قماشة الجلباب وتفصيله.
وعلى الرغم من تمسك كبار السن بارتداء الجلباب الصعيدي ذو الكُم الواسع، إلا أن الشباب يفضلون الجلباب ذو الكُم الضيق.
ويواجه بعض أبناء الصعيد التنمر في القاهرة عند ارتداءهم الجلباب، حيث يطلق البعض عليهم لقب "جاي منين يا بلدينا".
ولكن، يصرّ الكثيرون على ارتداء الجلباب في القاهرة والوجه البحري، فخورين بما يرتدونه ومعتزين بهويتهم.
ففي واقعة تُظهر التحدي، ذهب أحد عمداء قنا إلى القاهرة مرتديًا الجلباب، وعندما حاول دخول أحد نوادي مصر الجديدة برفقة مستشار من أبناء قنا، فوجئ بوجود لافتة على مدخل النادي مكتوب عليها "ممنوع اصطحاب الأطفال والكلاب والجلباب".
ودخل العمدة في نقاش حاد مع مسؤولي النادي، حتى أقنعهم بقيمة الجلباب وما يمثله من فخر وعزة لأبناء الصعيد.
وفي الماضي، كان بعض أبناء الصعيد يرتدون البنطلون والقميص عند ذهابهم إلى القاهرة، تجنبًا للسخرية من بعض أهالي القاهرة.
ولكن، تغيرت الصورة الآن، حيث اشترى أبناء الصعيد العديد من الأماكن في القاهرة، وساهموا في تطويرها، مثل حي الزمالك الذي أسسه أحد أبناء قنا.
وبذلك، يُظهر أبناء الصعيد تمسكهم بهويتهم ورفضهم للتنمر، مؤكدين على قيمة الجلباب الصعيدي كرمز فخر وعزة.
الملابس الصعيدية للنساء
وتُعد الملابس الصعيدية القديمة رمزًا للكرامة والاحترام للمرأة، حيث تُجسد قيمًا عريقة كالحشمة والوقار. ورغم تحديات التقدم، تُصرّ الصعيديات على ارتداء هذه الأزياء في المناسبات الاجتماعية والدينية، حفاظًا على تراثهنّ الأصيل.
وتُمثل التوب الطويل الأسود والبردة والحبرة والشال بعضًا من أشهر قطع الملابس الصعيدية القديمة، والتي لا تزال تُصنع يدويًا بخيوط الصوف بألوانه المتنوعة. وتُعدّ هذه القطع تحفة فنية تُجسد مهارات الحرفيين الصعايدة وإبداعهم، وتُعكس إرثًا ثقافيًا غنيًا يمتد عبر القرون.
البردة
كانت البردة، ذلك الغطاء الرقيق ذو التصميمات المتداخلة، تُستخدم كغطاء رأس للسيدات الصعيديات، وكحجابٍ في بعض الأحيان. صنعها يدويًا من خيوط الصوف، يضفي عليها لمسةً من الحرفية والإبداع.
الحبرة
تستخدم الحبرة لتُغطي الجسم، وتتميز بتصميماتها الدقيقة التي تعكس مهارة الحرفيين الصعايدة. كانت تُستخدم في المناسبات الدينية والاجتماعية، مثل حفلات الزفاف والأعياد، لتضفي على المناسبة جوًا من الأناقة والوقار.
الشال الأسود
كان الشال الأسود رمزًا للعادات والتقاليد الصارمة التي كانت تسود المجتمع الصعيدى في الماضي. حيث لم يكن مسموحًا للسيدات بلقاء أي شخص خارج محارمهن إلا وهن مرتديات البردة والشال الأسود.
مع مرور الوقت، قد تلاشت بعض مظاهر الزي التقليدي في صعيد مصر، إلا أنه لا يزال يحظى باحترام وتقدير كبير من قبل الكثيرين. فالزي الصعيدى ليس مجرد قطعة قماش، بل هو رمزٌ للهوية والتاريخ، وحكايةٌ تُروى عبر الأجيال.