الدخان الأبيض يعلن اختيار بابا جديد للفاتيكان بعد وفاة فرنسيس

تصاعد الدخان الأبيض اليوم الخميس من مدخنة كنيسة سيستينا في قلب الفاتيكان، ليعلن للعالم انتخاب بابا جديد خلفًا للبابا الراحل فرنسيس، في لحظة انتظرها ملايين الكاثوليك حول العالم بعد أسابيع من الترقب منذ وفاة البابا السابق.
وجاء تصاعد الدخان الأبيض، وفق تقاليد الكنيسة الكاثوليكية، كإشارة واضحة على أن المجمع المقدس للكاردينالات، والذي يضم 133 كاردينالا من مختلف أنحاء العالم، قد توصل إلى اتفاق، ونجح أحد المرشحين في حصد ثلثي الأصوات، أي ما لا يقل عن 89 صوتًا، وهو النصاب المطلوب لاختيار البابا الجديد.
لدينا بابا
تدفقت الحشود من المؤمنين والسياح إلى ساحة القديس بطرس فور ظهور الدخان الأبيض، في مشهد احتفالي غلبت عليه مشاعر الفرح والترقب، وهم ينتظرون لحظة الإعلان الرسمي عن هوية خليفة البابا فرنسيس، عبر العبارة الشهيرة التي يطلقها الكاردينال الأقدم: «Habemus Papam»، والتي تعني باللاتينية «لدينا بابا!».
وما أن انطلقت سحب الدخان الأبيض، حتى بدأت أجراس الفاتيكان تدق، تلتها كاتدرائية ساغرادا فاميليا الشهيرة في برشلونة، وكاتدرائية ألمودينا في مدريد، حيث تفاعلت الكنائس الكاثوليكية في أوروبا مع الحدث الكبير.
المجمع الانتخابي.. تقاليد صارمة واختيار حاسم
يعد انتخاب البابا الجديد واحدًا من أكثر الأحداث الدينية احترامًا وتقديسًا داخل الكنيسة الكاثوليكية، إذ يتم وسط إجراءات صارمة من السرية والعزلة، داخل قاعة كنيسة سيستينا الشهيرة، حيث يمنع دخول أي أجهزة اتصال، وتُعزل الجلسات عن العالم الخارجي بالكامل.
وتنص القواعد على أن يستمر التصويت حتى حصول أحد المرشحين على غالبية الثلثين، فيما يتم حرق أوراق الاقتراع بعد كل جولة، فإذا لم يُنتخب بابا تُضاف مادة سوداء للدخان، أما عند حدوث الانتخاب الناجح فيُحرق الورق مع مادة تنتج دخانًا أبيض.

رحيل البابا فرنسيس.. نهاية عهد استمر أكثر من عقد
وجاء انتخاب البابا الجديد بعد 18 يومًا من وفاة البابا فرنسيس، الذي فارق الحياة يوم 21 أبريل الماضي، عن عمر ناهز 89 عامًا، إثر تعرضه لسكتة دماغية مفاجئة أدخلته في غيبوبة، تسببت لاحقًا في توقف عضلة القلب.
وكان فرنسيس، المولود باسم خورخي ماريو برغوليو، قد تولى البابوية في عام 2013، خلفًا للبابا بنديكت السادس عشر، ليصبح أول بابا من أمريكا اللاتينية، حيث عُرف بعفويته وقربه من الناس، ومواقفه المعتدلة التي سعت إلى إصلاحات داخل الكنيسة.
وقد حظي البابا فرنسيس خلال فترة بابويته باحترام واسع عالميًا، خاصة بسبب مواقفه الإنسانية تجاه اللاجئين والفقراء، ودعواته المتكررة إلى السلام، ووقف الحروب، وتحديدًا موقفه من النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وانتقاداته الصريحة للرأسمالية المتوحشة.
المفاجآت المنتظرة.. من هو البابا الجديد؟
حتى لحظة كتابة هذه السطور، لم يتم الإعلان عن اسم البابا المنتخب رسميًا، حيث لا تزال التقاليد تقتضي خروج الكاردينال الأقدم إلى شرفة كنيسة القديس بطرس، ليعلن الاسم الكامل للبابا الجديد، ثم يظهر المنتخَب ليبارك الجماهير المحتشدة بكلمته الأولى.
وتتجه الأنظار إلى ما إذا كان البابا الجديد سيكون من خارج أوروبا للمرة الثانية على التوالي، أم أن الكنيسة ستعود إلى تقاليدها القديمة باختيار شخصية أوروبية.
كما أن هناك من يتوقع اختيار شخصية من إفريقيا أو آسيا في خطوة تحمل بعدًا رمزيًا ورسالة عالمية للكنيسة الكاثوليكية التي تضم أكثر من مليار مؤمن حول العالم.
مجامع سابقة.. أطولها 5 أيام وأقصرها يومان
يُذكر أن أطول مجمع انتخابي منذ مطلع القرن العشرين استغرق خمسة أيام كاملة وانتهى بانتخاب البابا بيوس الحادي عشر عام 1922 بعد 14 جولة اقتراع.
أما أقصرها فكان انتخاب البابا بيوس الثاني عشر عام 1939، حيث تم الاختيار خلال ثلاث جولات فقط على مدار يومين.
أما المجمع الحالي فقد استغرق أربعة أيام وثماني جولات تصويت قبل التوصل إلى النتيجة الحاسمة التي أُعلن عنها اليوم الخميس.
لحظة تاريخية جديدة
وسط أصوات الأجراس المتعالية ودموع الفرح من الجماهير التي احتشدت في الفاتيكان، تدخل الكنيسة الكاثوليكية لحظة جديدة في تاريخها الطويل، بانتظار أن يخرج البابا الجديد إلى شرفة كنيسة القديس بطرس، ليرى العالم وجه قائد الكنيسة الجديد.
وبينما تتوالى التكهنات، تبقى أنظار الكاثوليك والعالم بأسره متعلقة بالشرفة، وبالاسم الذي سيرتديه التاريخ الكنسي للقرن الحادي والعشرين.