«قلت الحقيقة فقتلوا والدي».. الحكاية الكاملة لآخر شهادة الصحفي الشهيد أنس الشريف

قبل ساعات من استشهاده في قصف إسرائيلي استهدفه شمال قطاع غزة، كان الصحفي والمراسل الميداني أنس الشريف قد ترك خلفه شهادة مكتوبة ضمن كتاب أصدره معهد الجزيرة للإعلام، تلخص رحلة عام كامل من التغطية الميدانية للحرب على غزة، رحلة بدأها وهو يدرك أن الصحافة في غزة ليست مجرد مهنة، بل معركة حياة أو موت.
بداية الطريق.. من مصور إلى شاهد على المجزرة
يروي الشريف كيف دخل ميدان التغطية الميدانية منذ اليوم الأول للحرب، قادمًا من خلفية عمله كمصور، دون خبرة كبيرة كمراسل على الهواء.
ومع ذلك، لم يتردد في ارتداء سترة الصحافة وحمل الكاميرا والنزول إلى الشوارع تحت القصف.
يقول في شهادته: «لم أكن أمتلك سوى شغفي بالصورة والحقيقة، لكنني وجدت نفسي فجأة في قلب الحدث».
ومع تصاعد العدوان، اضطر للنزوح أكثر من عشرين مرة، حاملاً معداته في حقيبة صغيرة، متنقلًا بين المدارس والمنازل المهدمة والملاجئ.

الفقد المبكر وصديق الحرب الأول
كان الشهيد إسماعيل الغول، مراسل قناة الجزيرة، أول من أقنعه بالبقاء في الشمال رغم الخطر، معتبرًا أن «ترك المكان يعني ترك الحقيقة».
لكن بعد أيام قليلة، شاهد الشريف جسد الغول مسجى عقب استهدافه بصاروخ إسرائيلي متعمد. تلك اللحظة، كما يروي، جعلته يدرك أن «السترة الصحفية لا تعني شيئًا أمام قرار القتل».
فوق جثث الضحايا لنقل الصورة
واحدة من أبشع المشاهد التي حملها الشريف في ذاكرته كانت مجزرة مدرسة التابعين بمخيم جباليا، حين اضطر للسير فوق جثث وأشلاء الأطفال والنساء ليوثق الجريمة.
يقول: «لم أستطع أن أمنع رغبتي في البكاء، لكنني تذكرت أن الكاميرا هي السلاح الوحيد القادر على فضح ما يحدث».
حصار وجوع ورسائل تهديد
عانى الشريف مع زملائه من نقص حاد في الطعام والماء، حتى وصل الأمر بهم إلى البحث عن فتات الخبز أو قليل من الطحين.
وخلال عمله، تلقى عدة رسائل مباشرة من ضباط الاحتلال عبر الهاتف، تطالبه بترك التغطية والانتقال إلى جنوب القطاع، لكن رده كان حاسمًا: «لن أترك مكاني، حتى لو كان الثمن حياتي».

انتقام باستهداف العائلة
بعد أيام من تغطيته لاقتحام قوات الاحتلال مخيم جباليا، قصفت طائرة إسرائيلية منزل عائلته، فاستشهد والده. كان ذلك المشهد نقطة تحول كبرى في حياته.
كتب الشريف: «استشهاد والدي لم يكسرني، بل جعلني أزداد إصرارًا على نقل الحقيقة. كانت وصيته لي دائمًا أن أقول ما أراه، وألا أخاف».
الموت البطيء وصراع الضمير
خلال الشهور الماضية، وثّق الشريف حالات لمصابين ظلوا تحت الأنقاض لأيام، يصارعون الموت بلا إسعاف، بينما يقف هو عاجزًا عن إنقاذهم، مكتفيًا بتوثيق اللحظة.
يقول: «أحيانًا كنت أضطر لتبني نوع من اللامبالاة العاطفية، ليس قسوة، ولكن كي أتمكن من الاستمرار وسط الدماء والدمار».
سؤال النهاية.. لماذا أواصل؟
في آخر ما كتبه، طرح الشريف سؤالًا على نفسه: لماذا أستمر رغم أن الحرب مستمرة والدمار يزداد؟
أجاب: «ربما صورة واحدة، أو مشهد واحد، ينجح في تحريك ضمير إنسان ما، في مكان ما، فيوقف هذه الحرب».
النهاية التي توقعها
لم يكن أنس الشريف غافلًا عن المصير الذي ينتظره. كان يدرك أن الاحتلال يتعمد استهداف الصحفيين في غزة.
لكنه ظل متمسكًا بموقعه خلف الكاميرا، حتى اللحظة التي سقطت فيها القذيفة الإسرائيلية، لتصمت الكاميرا ويسكت الصوت، ويبقى الأثر.

إرث الحقيقة
برحيل أنس الشريف، ينضم إلى قائمة طويلة من الصحفيين الذين دفعوا حياتهم ثمنًا لنقل الحقيقة من غزة.
لكن وصيته وشهادته تظل حية، تذكّر العالم بأن الصورة قد تكون أقوى من الرصاصة، وأن الكلمة الصادقة قد تكلف صاحبها حياته، لكنها لا تموت.
لقد رحل أنس تاركًا خلفه إرثًا من الصور والكلمات التي لا تُنسى، وسيظل أنس شاهدًا على المأساة، وسيبقى اسم أنس محفورًا في ذاكرة الصحافة الحرة.
- أنس
- الدمار
- استشهاد
- شهادة
- الهواء
- المنازل
- السلاح
- جباليا
- القطاع
- درة
- الطعام
- كتاب
- سلاح
- الدم
- النساء
- قنا
- طالب
- قلب
- الجريمة
- العدوان
- ضحايا
- المدارس
- الحرب
- شاهد
- عمل
- الدماء
- البكاء
- الخبز
- الموت
- الضحايا
- الماء
- تمر
- طائرة
- الصور
- الاحتلال
- مخيم جباليا
- عبر الهاتف
- كتب
- العالم
- البط
- قناة الجزيرة
- توبة
- الصحافة
- ضباط الاحتلال
- إسرائيل
- الجزيرة
- شمال قطاع غزة
- مدرس
- تهديد
- قصف اسرائيلي
- حرب
- الشم
- الرصاص
- قصف
- الطريق
- مدرسة
- نقل
- جبالي
- مدارس
- عين
- ليل
- الهاتف
- قناة
- الشوارع
- هدف
- إعلام
- صاروخ
- صورة
- آدم
- مال
- جوع
- السل
- ألم
- الحكاية
- حالات
- قرار
- قوات
- صادق
- القتل
- العائلة
- سرا
- حقيبة
- هاتف
- فقد
- ليلة
- المكان
- قتل
- الحق
- البحث
- لاحتلال
- منزل
- جثث الضحايا
- حدث
- غزة
- قطاع غزة
- كاميرا
- الفقد
- الخطر
- الصوت
- القارئ نيوز