الأربعاء 11 يونيو 2025 الموافق 15 ذو الحجة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

«مذابح نارية وقرابين غامضة»… اكتشافات أثرية تكشف أسرار الطقوس القديمة

القارئ نيوز

بين الفترة والاخرى تسلط الاكتشافات الاثرية الضوء على حياة الناس في العصور القديمة، خصوصًا فيما يتعلق بطقوسهم الدينية والاجتماعية. 

هذه الاكتشافات، مثل المقابر، المعابد، الادوات، والكتابات المنقوشة، تقدم ادلة قوية على ممارسات الشعوب القديمة وطرق تفكيرهم، مما يساعد على فهم جذور الحضارة الانسانية بشكل اعمق.

«مذبح نار عمره 5000 عام في بيرو»

اعلن علماء الاثار في بيرو عن اكتشاف مذبح للنار يعود تاريخه الى نحو 5000 عام، ويعتقد انه كان يستخدم في الاحتفالات الخاصة بحضارة كارال، والتي تعد من اقدم الثقافات المعروفة في الامريكتين.

 وجاء الاكتشاف في موقع «ايرا دي باندو» في وادي سوبي، على بعد نحو 200 كيلومتر شمال ليما.

يتكون المذبح من تصميم دائري يبلغ عرضه سبعة امتار، ويقع ضمن مساحة احتفالية محددة استخدمها زعماء كارال السياسيون والدينيون، ويمكن الوصول اليه عبر درج ينحدر من قاعة احتفالية ويفتح على فناء مستطيل تبلغ ابعاده نحو 16 في 8 متر.

ووفقًا لما نقله موقع «جريك ريبورت»، فان المذبح كان جزءًا من منشأة احتفالية ثانوية ترتبط بنشاطات تقام داخل هرم يعود الى القرن الاول الميلادي.

 وتقول وزارة الثقافة البيروفية ان هذه المساحات كانت غالبًا قريبة من مساكن النخبة، مما يعكس رمزيتها الدينية والسياسية في آن واحد.

وقد تضمنت الطقوس التي اقيمت على هذا المذبح حرق شظايا من الكوارتز، واسماك، واصداف بحرية، وخرز، ومحاصيل زراعية، وهي قرابين رمزية شارك في تقديمها قادة المجتمع والمقربون منهم.

 وتشير هذه الطقوس الى مستوى من التطور الفكري والتكنولوجي، وتوضح كيف ساهمت في ترسيخ البنية الدينية والسياسية لحضارة كارال.

وتغطي منطقة «باندو» الاثرية ما يقرب من 58 هكتارًا، وتضم 48 مبنى معروفًا، من بينها اهرامات كبيرة وصغيرة، معابد، ومساكن كانت مخصصة للنخبة.

«طقوس دينية في قلب روما القديمة»

وفي اكتشاف آخر جرى في ايطاليا، تم العثور على مجموعة من الخزفيات وعظام حيوانات محترقة وكأس خشبي داخل بئر في مدينة «اوستيا انتيكا» الساحلية القديمة، التي تقع عند مصب نهر التيبر وتعد حاليًا موقعًا اثريًا مهماً.

وبحسب التقارير، يبلغ عمق البئر ثلاثة امتار ويقع خارج انقاض معبد هرقل في ما يسمى بالمنطقة المقدسة، التي كانت سابقًا مقرا لاهم اماكن العبادة في اوستيا.

 وقد ساعدت المياه في قاع البئر على الحفاظ على القطع الاثرية لقرون طويلة.

ومن بين المكتشفات مصابيح زيت وشظايا رخام تعود الى القرنين الاول والثاني قبل الميلاد، وتظهر عظام الحيوانات المحترقة ان القرابين كانت تقدم خلال مآدب دينية تكرم فيها الالهة، حيث يتم طهي الحيوانات وتناولها ضمن طقوس جماعية تحمل بعدًا روحيًا واجتماعيًا.

«مذبح من حضارة المايا يكشف علاقة مع تيوتيهواكان»

وفي جواتيمالا، تمكن فريق من علماء الاثار من جامعة براون الامريكية من اكتشاف مذبح يعود تاريخه الى القرن الرابع الميلادي، وذلك بالقرب من مدينة تيكال، وهي واحدة من اهم مدن حضارة المايا القديمة.

وكشفت دراسة نشرتها مجلة «Antiquity» ان المذبح يحتوي على لوحات مميزة، احداها تظهر شخصية ترتدي غطاء رأس مزخرف بريش، وتشير الى وجود توترات سياسية بين شعبين رئيسيين في المنطقة هما المايا وتيوتيهواكان.

تيكال، المصنفة اليوم ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، كانت عاصمة لمملكة المايا وامتدت اراضيها عبر شبه جزيرة يوكاتان، وجزء كبير من المكسيك وجواتيمالا وبيليز، بالاضافة الى السلفادور وهندوراس. 

وبلغت هذه المملكة ذروتها في القرن الثامن الميلادي، حين اصبحت مفترق طرق تجاري ومركزًا دينيًا وثقافيًا كبيرًا.

ووفقًا للمؤرخين، كانت تربط تيكال علاقات متشابكة بمدينة تيوتيهواكان، الواقعة على بعد نحو 965 كيلومترا في المكسيك الحالية.

 وقد عثر على المذبح داخل فناء منزل يعود لأحد الاثرياء في تيكال، وهو مزين بلوحات ملونة بالاحمر والبرتقالي والاصفر والاسود، وهي الوان ترتبط تقليديًا بأسلوب تيوتيهواكان الفني.

رؤية جديدة لفهم الحضارات القديمة

تبرز هذه الاكتشافات المتنوعة من بيرو وايطاليا وجواتيمالا كيف كانت الطقوس الدينية والاجتماعية حاضرة بقوة في حياة الشعوب القديمة، وان هذه الطقوس لم تكن مجرد ممارسات روحية، بل كانت مرتبطة بالبنية السياسية والثقافية للمجتمع.

 كما تؤكد على الدور المركزي للمذابح والقرابين في خلق الانسجام بين الانسان والالهة في تلك العصور.

ويساعد تحليل هذه المواقع والمكتشفات على تكوين صورة اوضح حول اساليب الحكم، والتراتبية الاجتماعية، والتفاعل الثقافي بين الحضارات القديمة، بما يساهم في اعادة كتابة تاريخ الانسانية بعيون اكثر دقة وواقعية.

تم نسخ الرابط