أعراض صامتة على جلدك تكشف «نقص فيتامين د» مبكرًا

فيتامين د من العناصر الأساسية التي يحتاجها الجسم للحفاظ على صحته ووظائفه الحيوية بشكل متوازن، وتكمن أهميته في كونه المسؤول عن امتصاص الكالسيوم وتقوية العظام، إلى جانب دوره الكبير في دعم المناعة وصحة الجلد، لكن ما لا يعرفه كثيرون أن الجسم يرسل إشارات خفية عند انخفاض مستوى فيتامين د، وتحديدًا من خلال الجلد والمظهر الخارجي، وهي علامات قد تبدو غير ملحوظة لكنها تحمل دلالات مهمة على وجود «نقص مبكر» في هذا العنصر الحيوي.
الجلد مرآة داخلية لنقص فيتامين د
أولى العلامات الصامتة التي تشير إلى نقص فيتامين د تبدأ في الظهور على «الجلد» قبل أن يشعر الشخص بأعراض أخرى واضحة، من بين هذه العلامات ما يُعرف بـ«جفاف الجلد المزمن» والذي يظهر رغم استخدام المرطبات والمستحضرات التجميلية، ويُفسر ذلك بأن فيتامين د يلعب دورًا في الحفاظ على رطوبة الجلد من خلال تنظيم إنتاج الزيوت الطبيعية التي تُفرزها الغدد الدهنية.
كما أن «الالتهابات الجلدية المتكررة» قد تكون مؤشرًا صامتًا لنقص فيتامين د، حيث أن هذا الفيتامين يدعم الجهاز المناعي ويُقلل من فرص الإصابة بالعدوى، وإذا كنت ممن يعانون من «الإكزيما» أو «الصدفية» فقد يكون سبب التفاقم مرتبطًا بنقص فيتامين د، خاصة إذا تزامن ذلك مع الشعور بالإرهاق العام أو هشاشة في الأظافر والشعر.
ظهور البقع الداكنة وتغير لون الجلد
من المؤشرات الجلدية أيضًا التي قد تكشف نقص فيتامين د هو «ظهور بقع داكنة» على أماكن متفرقة من الجسم، خصوصًا في الوجه والرقبة والذراعين، وقد يُلاحظ البعض «تصبغات غير معتادة» أو تفاوتًا في لون الجلد، ورغم أن هذا العرض قد يبدو بسيطًا أو يُعزى إلى الشمس أو عوامل خارجية، إلا أن الخبراء يؤكدون أن انخفاض مستويات فيتامين د يؤدي إلى خلل في تجدد خلايا الجلد ونشاط صبغة الميلانين.
لذا فإن مراقبة لون الجلد والتغيرات التي تطرأ عليه يمكن أن تساعد في اكتشاف «نقص فيتامين د» مبكرًا، وهو ما يدعو إلى ضرورة إجراء تحاليل دورية لمستوى الفيتامين في الدم، لا سيما في الحالات التي يصاحبها تغير ملحوظ في المظهر الخارجي للجلد.
شحوب الوجه وتساقط الشعر.. إشارات أخرى يجب الانتباه لها
شحوب الوجه المفاجئ رغم التغذية الجيدة أو النوم الكافي قد يكون من بين الأعراض غير المباشرة لنقص فيتامين د، فالدراسات العلمية تربط بين انخفاض الفيتامين وتراجع إنتاج كريات الدم الحمراء، مما يؤدي إلى الشعور بالتعب والشحوب.
كما أن «تساقط الشعر» بصورة غير معتادة وخصوصًا من مقدمة الرأس قد يكون علامة تحذيرية، حيث أظهرت أبحاث حديثة أن فيتامين د يرتبط ارتباطًا وثيقًا بدورة حياة بصيلات الشعر، وبالتالي فإن انخفاضه يؤدي إلى ضعف في بنية الشعر وتساقطه تدريجيًا.
الإصابة ببطء التئام الجروح والتشققات
من الأعراض الجلدية التي لا يمكن تجاهلها أيضًا هي «بطء التئام الجروح» حتى البسيطة منها، فعندما يُصاب الجلد بخدش أو جرح ويستغرق وقتًا طويلًا في الشفاء فقد يكون السبب في ذلك هو نقص فيتامين د، إذ أن هذا الفيتامين يلعب دورًا في تعزيز إنتاج مركبات تساعد في ترميم الأنسجة وتنشيط الخلايا المناعية في موقع الجرح.
ويُلاحظ في هذه الحالات أيضًا أن الجلد يصبح أكثر عرضة للتشققات و«الخطوط الدقيقة» خصوصًا في مناطق اليدين والكعبين والشفاه، وهذه كلها علامات يجب التعامل معها بجدية وعدم اعتبارها مجرد تغيرات عابرة في الطقس أو نقص في السوائل.
من هم الأكثر عرضة لنقص فيتامين د؟
يُعتبر الأشخاص الذين لا يتعرضون للشمس بانتظام أو ممن يقضون وقتًا طويلًا في أماكن مغلقة من الفئات الأكثر عرضة لنقص فيتامين د، كما أن كبار السن، وأصحاب البشرة الداكنة، والأشخاص الذين يعانون من أمراض في الكبد أو الكلى أو الجهاز الهضمي يكون امتصاصهم للفيتامين أقل من غيرهم.
وبالنسبة للنساء فإن ارتداء الملابس التي تغطي معظم الجسم قد يحول دون امتصاص الجلد لأشعة الشمس اللازمة لتكوين فيتامين د، وهذا ما يفسر ارتفاع نسب النقص بين السيدات في بعض المناطق رغم الغذاء الجيد.
تشخيص نقص فيتامين د وطرق العلاج
يُعد تحليل الدم لقياس مستوى 25(OH)D هو الطريقة المثلى لتشخيص نقص فيتامين د، وتبدأ مستويات القلق عند انخفاض النسبة عن 20 نانوجرام/ملليلتر، وفي بعض الحالات قد يحتاج الطبيب لوصف مكملات دوائية بجرعات محددة حسب شدة النقص.
أما عن العلاج الطبيعي فيُوصى بالتعرض للشمس يوميًا لمدة تتراوح بين 10 إلى 30 دقيقة حسب لون البشرة، وتناول أطعمة غنية بـ«فيتامين د» مثل الأسماك الدهنية وصفار البيض وكبد البقر والفطر المدعم، بالإضافة إلى الحليب والحبوب المدعمة بالفيتامين.
الوقاية تبدأ بالانتباه للإشارات الخفية
من المهم أن يكون الإنسان على وعي بأن «نقص فيتامين د» لا يظهر دائمًا بأعراض واضحة مثل آلام العظام أو ضعف العضلات فقط، بل قد يبدأ بأعراض جلدية دقيقة لا تُلاحظ إلا عند الانتباه للمظهر الخارجي والتغيرات التي تطرأ عليه، فكلما تم اكتشاف النقص مبكرًا كلما كانت الاستجابة للعلاج أسرع والنتائج أفضل.
الاهتمام بالبشرة ومراقبة التغيرات فيها هو جزء من الرعاية الذاتية اليومية، وإذا كانت هذه التغيرات تشير إلى احتمال وجود نقص في فيتامين د فلا بد من التحرك فورًا باتجاه الفحص والعلاج، فالصحة تبدأ من الجلد وتنعكس عليه.