أعراض القولون العصبي قد تُخفي أمراضًا أخرى.. إليك التفاصيل

القولون العصبي من أكثر الحالات التي تشغل بال كثير من الناس في العصر الحديث حيث يعاني الكثيرون من أعراض مزعجة في الجهاز الهضمي مرتبطة بشكل مباشر بوظائف «القولون» ومع أن هذه الأعراض قد تبدو مألوفة وشائعة إلا أن الخبراء يحذرون من أن بعضها قد يكون مؤشرا على أمراض أخرى أكثر خطورة مما يجعل من الضروري الانتباه وعدم تجاهل «علامات التحذير» المرتبطة بـ«القولون» ومراجعة الطبيب فور ظهور أي تغيّرات غير معتادة.
أعراض القولون العصبي الشائعة
تتعدد الأعراض التي تصاحب اضطرابات «القولون العصبي» والتي تظهر لدى شريحة كبيرة من البالغين وغالبًا ما تشمل «الانتفاخ» و«الغازات» المستمرة والإمساك أو الإسهال أو التناوب بينهما كما يعاني المصابون من تقلصات متكررة في البطن وشعور بعدم الراحة بعد تناول الطعام وهذه الأعراض قد تختلف في شدتها من شخص إلى آخر لكنها ترتبط غالبًا بالتوتر النفسي أو تناول أطعمة معينة تؤثر سلبًا على الجهاز الهضمي خصوصًا «القولون».
ويشير بعض الأطباء إلى أن «القولون العصبي» لا يُحدث أضرارًا عضوية في الجهاز الهضمي لكنه يؤثر على جودة الحياة بشكل كبير لما يسببه من إزعاج مستمر للشخص المصاب ومع أن هذه الحالة تُصنف على أنها مزمنة إلا أنها قابلة للتحكم إذا تم اتباع نمط حياة صحي وعادات غذائية سليمة.
متى تتجاوز أعراض القولون حدّها الطبيعي؟
هنا يكمن الخطر إذ أن بعض أعراض «القولون العصبي» قد تكون متشابهة بشكل كبير مع أعراض أمراض أخرى قد تكون خطيرة مثل سرطان «القولون» أو التهابات الأمعاء المزمنة مثل «مرض كرون» أو «التهاب القولون التقرحي» لذلك من المهم مراقبة بعض العلامات التي قد تشير إلى وجود حالة أكثر خطورة مثل فقدان الوزن غير المبرر أو وجود دم في البراز أو الإصابة بإسهال مستمر لا يستجيب للعلاج أو ألم حاد لا يزول.
وجود مثل هذه الأعراض يجب أن يكون دافعًا قويًا للذهاب إلى الطبيب وإجراء الفحوصات اللازمة مثل «المنظار القولوني» أو تحاليل الدم والبراز حيث أن التشخيص المبكر لأي مرض مرتبط بـ«القولون» يساهم في رفع نسب الشفاء والسيطرة على الحالة في مراحلها الأولى.
القولون العصبي أم مرض آخر؟ الفروق الدقيقة
من المهم التمييز بين أعراض «القولون العصبي» وبين أعراض أمراض أخرى تشترك معها في بعض المظاهر فمثلًا الألم في القولون العصبي يكون غالبًا متركزًا في أسفل البطن ويخف بعد التبرز بينما الألم الناتج عن أمراض عضوية قد يكون ثابتًا أو يشتد مع الوقت ولا يستجيب لأي تغيير في النظام الغذائي.
كما أن فقر الدم قد يكون أحد المؤشرات الخطيرة التي لا تظهر في حالات «القولون العصبي» ولكنه يرتبط بمشكلات أخرى مثل النزيف المزمن في الأمعاء أو وجود أورام تؤثر على امتصاص العناصر الغذائية وهو ما يجعل مراقبة التحاليل الدورية أمرًا بالغ الأهمية.
كيف تتعامل مع القولون العصبي بطريقة آمنة؟
حتى لا تتحول أعراض «القولون» إلى مصدر دائم للقلق أو عائق أمام حياة طبيعية يجب على المريض أن يتبع مجموعة من التوصيات التي تُسهم في الحد من تهيّج القولون ومنها تناول وجبات صغيرة ومتوازنة وتجنب الأطعمة التي تُسبب الغازات مثل البقوليات والمشروبات الغازية بالإضافة إلى تقليل استهلاك الكافيين والأطعمة الحارة أو الدهنية.
ومن المهم أيضًا ممارسة الرياضة بانتظام لأنها تُساعد في تنشيط الجهاز الهضمي والتقليل من التوتر وهو عامل مؤثر في حالة «القولون العصبي» كذلك فإن النوم الجيد وتخصيص وقت للاسترخاء يساهمان بشكل كبير في تقليل الأعراض وتحسين جودة الحياة.
الاستشارة الطبية ضرورة وليست رفاهية
رغم أن الكثيرين يتعاملون مع أعراض «القولون» باعتبارها أمرًا اعتياديًا يمكن التغاضي عنه أو التعايش معه إلا أن تجاهل الأعراض لفترة طويلة قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة أو إلى إغفال أمراض أخرى قد تتطلب تدخلًا علاجيًا عاجلًا لذلك يجب اعتبار زيارة الطبيب خطوة أساسية وليست اختيارية خصوصًا إذا استمرت الأعراض أو ظهرت أعراض جديدة غير معتادة.
كما يُنصح بإجراء فحوصات شاملة كل فترة حسب عمر المريض والتاريخ العائلي للأمراض لأن بعض الحالات مثل سرطان «القولون» لا تظهر بأعراض واضحة في بدايتها بل يتم اكتشافها في مراحل متقدمة وهو ما يقلل من فرص العلاج الكامل.
دعم الأسرة والمجتمع للمصابين بالقولون
لا يمكن إغفال الجانب النفسي في التعامل مع اضطرابات «القولون العصبي» حيث تشير الدراسات إلى أن الدعم العائلي والمعنوي له دور كبير في تحسن الحالة النفسية وبالتالي التخفيف من الأعراض فالمريض الذي يشعر بالفهم والتقبل من محيطه يكون أكثر قدرة على الالتزام بالخطة العلاجية وتجنّب العوامل المسببة للتوتر.
أيضًا تلعب الجمعيات الطبية المتخصصة دورًا في نشر الوعي وتقديم الدعم للمصابين بـ«القولون» من خلال ورش العمل أو المجموعات الإلكترونية التي تسمح بتبادل الخبرات ومشاركة الحلول المفيدة وهو ما يجعل التعامل مع المرض أقل صعوبة ويمنح المصاب إحساسًا بأنه ليس وحده.
إن «القولون العصبي» وإن كان مرضًا شائعًا وغير خطير في كثير من الأحيان إلا أن أعراضه قد تُخفي وراءها مشكلات صحية خطيرة يجب عدم التهاون بها لهذا فإن التمييز بين الأعراض العادية وتلك التي تستدعي التدخل الطبي يُعد أمرًا بالغ الأهمية ويتطلب وعيًا وتثقيفًا صحيًا مستمرًا لمواجهة التحديات الصحية المرتبطة بأمراض «القولون».