كيف تنتقل الأمراض الوراثية؟.. 4 طرق للحماية قبل فوات الأوان

الأمراض الوراثية من القضايا الصحية التي تؤثر على حياة الملايين حول العالم وتتسبب في معاناة تمتد أحيانًا لأجيال متتالية بسبب انتقال «الصفات الجينية» من الآباء إلى الأبناء بطرق معقدة ومتعددة وقد تكون «الأمراض» الوراثية ظاهرة منذ الولادة أو تظهر في مراحل لاحقة من الحياة وهو ما يجعل فهمها والتوعية بها أمرًا بالغ الأهمية لكل من يخطط للزواج أو الإنجاب أو حتى لمن يرغب في معرفة تاريخه العائلي الصحي.
مفهوم الأمراض الوراثية
تُعرف «الأمراض الوراثية» بأنها تلك الحالات الصحية التي تنتقل من جيل إلى آخر عبر «الحمض النووي» الموجود في خلايا الإنسان حيث يحمل كل فرد مجموعة من «الجينات» التي تحدد صفاته الوراثية مثل لون العينين والطول ونوع الشعر لكن بعض هذه الجينات قد تحمل طفرات أو تغيرات تؤدي إلى ظهور أمراض تؤثر على وظائف الأعضاء أو النمو أو حتى القدرات العقلية.
ولا يقتصر تأثير هذه «الأمراض» على الجانب الجسدي فقط بل يمتد ليشمل الصحة النفسية والاجتماعية خاصة في الحالات التي تكون مزمنة أو تتطلب رعاية طبية مستمرة مما يفرض تحديات يومية على المرضى وأسرهم.
كيف تنتقل الأمراض الوراثية؟
تنتقل «الأمراض الوراثية» من الآباء إلى الأبناء بعدة طرق تختلف باختلاف نوع الطفرة الجينية ونمط الوراثة المعتمد ومن أبرز الطرق المعروفة:
1- الوراثة السائدة:
ويحدث هذا النوع عندما يكفي وجود نسخة واحدة من الجين المصاب لدى أحد الأبوين لكي يُورّث المرض للطفل وتعد بعض «الأمراض» مثل متلازمة مارفان ومرض هنتنغتون من أبرز الأمثلة على هذه الحالة
2- الوراثة المتنحية:
وتظهر هذه الحالات فقط إذا كان كلا الوالدين يحملان الجين المَعيب وتُعتبر أمراض مثل فقر الدم المنجلي والتليف الكيسي من الأمراض الناتجة عن هذا النمط الوراثي
3- الوراثة المرتبطة بالكروموسوم X:
وهنا تنتقل «الأمراض» المرتبطة بالجنس من الأم الحاملة للطفرة إلى الأبناء الذكور مثل مرض الهيموفيليا أو ضمور العضلات الوراثي
4- الطفرات الجديدة:
وهي حالات تحدث بسبب طفرات عشوائية تحدث في الجينات لأول مرة لدى الفرد دون وجود تاريخ عائلي سابق مثل بعض حالات التوحد أو متلازمة داون الناتجة عن اختلال في عدد الكروموسومات
أعراض الأمراض الوراثية الشائعة
تتباين أعراض «الأمراض الوراثية» بشكل كبير حسب نوع المرض والعمر الذي تظهر فيه الأعراض فبعضها يظهر منذ الأيام الأولى للولادة كالتشوهات الخلقية أو ضعف النمو وبعضها لا يظهر إلا في مراحل متقدمة مثل السرطانات الوراثية أو أمراض الجهاز العصبي.
وقد تشمل الأعراض الشائعة ضعف المناعة أو تأخر النطق أو صعوبات التعلم أو مشكلات القلب أو الجهاز الهضمي لذلك فإن المراقبة الطبية الدورية للأطفال وأفراد العائلة ذات التاريخ الوراثي تعتبر من أهم وسائل الكشف المبكر.
أهمية الفحوصات الوراثية
تُعتبر الفحوصات الوراثية من الأدوات الفعّالة في اكتشاف خطر الإصابة بـ «الأمراض الوراثية» حيث يمكن من خلالها تحليل الحمض النووي لتحديد ما إذا كان الشخص يحمل طفرات جينية مَعيبة دون أن تظهر عليه الأعراض فعليًا.
كما تُعد هذه الفحوصات ضرورية في حال كان هناك تاريخ عائلي لبعض «الأمراض» مثل السكري من النوع الأول أو التوحد أو بعض أنواع السرطان حيث تتيح هذه التحاليل وضع خطة وقائية مبكرة أو اختيار شريك الحياة بناء على نتائج دقيقة تساعد في تجنّب إنجاب أطفال مصابين.
أربع طرق للحماية من الأمراض الوراثية
رغم أن «الأمراض الوراثية» لا يمكن الوقاية منها تمامًا إلا أن هناك وسائل فعّالة للحد من انتشارها وتخفيف آثارها ومن أبرز هذه الطرق:
أولًا.. الاستشارات الوراثية قبل الزواج
وتُعتبر خطوة مهمة لتقييم مخاطر انتقال «الأمراض» الوراثية بين الزوجين خاصة إذا كان بينهما صلة قرابة أو تاريخ عائلي مشترك وتساعد هذه الاستشارات في اتخاذ قرارات مبنية على المعرفة والفهم العلمي
ثانيًا.. الفحوصات الجينية قبل الحمل
تساعد هذه الفحوصات الأزواج على التأكد من حالتهم الجينية ومدى احتمالية انتقال الطفرات إلى أبنائهم ويمكن من خلالها اتخاذ خيارات مثل التلقيح الصناعي أو التشخيص الجيني قبل الزرع
ثالثًا.. المتابعة الطبية الدقيقة أثناء الحمل
يُفضل إجراء تحاليل دورية وصور بالأمواج فوق الصوتية لمراقبة تطور الجنين واكتشاف أي علامات مبكرة على «الأمراض الوراثية» مما يتيح للطبيب تقييم الحالة والتدخل المناسب
رابعًا.. التوعية المجتمعية
رفع مستوى الوعي بمخاطر «الأمراض الوراثية» وأهمية الكشف المبكر وتبنّي نمط حياة صحي يمكن أن يقلل بشكل كبير من تأثير هذه الأمراض على الفرد والمجتمع
التعامل النفسي مع الأمراض الوراثية
يُعد الجانب النفسي من أهم التحديات التي تواجه المصابين بـ «الأمراض الوراثية» حيث يرافقهم الإحساس بالعجز أو الخوف من المستقبل أو الشعور بالوصمة الاجتماعية مما يتطلب دعمًا نفسيًا مستمرًا من العائلة والمجتمع وأخصائيين نفسيين قادرين على توفير بيئة داعمة تُساعد في التكيّف والتأقلم مع طبيعة المرض
الأمراض الوراثية والتقدم الطبي
شهدت السنوات الأخيرة تطورًا كبيرًا في فهم «الأمراض الوراثية» من خلال الأبحاث والتقنيات المتقدمة التي سمحت بفك شفرة الجينوم البشري واكتشاف طفرات جديدة كما ساهمت هذه التقنيات في تطوير علاجات جينية واعدة قد تُحدث تحولًا جذريًا في حياة المصابين مستقبلًا
كما ظهرت أدوية مخصصة لعلاج بعض الطفرات الجينية النادرة إضافة إلى استخدام الخلايا الجذعية والتقنيات الجزيئية الحديثة في محاولة لاستبدال الجينات التالفة أو الحد من نشاطها السلبي.
«الأمراض الوراثية» ليست قدرًا لا مفر منه بل هي تحدٍ صحي يمكن التعامل معه بوعي وعلم وتخطيط دقيق وإن التسلح بالمعرفة والاستفادة من الأدوات الطبية المتاحة مثل الفحوصات الوراثية والاستشارات الطبية يساعد في تقليل تأثير هذه الأمراض على الفرد والأسرة والمجتمع ويفتح الباب نحو مستقبل أكثر صحة وأمانًا.