الجمعة 26 سبتمبر 2025 الموافق 04 ربيع الثاني 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

تصريح أزهري.. النقاب يحد من التواصل بين المعلمة والطلاب

تعبيرية
تعبيرية

تجدد الجدل حول ضوابط ارتداء النقاب داخل الفصول التعليمية والمؤسسات الدينية، خاصة بعد التصريحات التي أدلى بها الشيخ عبد العزيز النجار، أحد علماء الأزهر الشريف. 

وقد وضع الشيخ النجار خطاً فاصلاً بين اعتبار النقاب «حرية شخصية» لا يُجبر عليها أحد، وبين الضرورة التربوية التي تفرض على المعلمة رفع غطاء الوجه لضمان فعالية التواصل مع الطلاب.

 وتأتي هذه التوضيحات لتُعيد النقاش حول المواءمة بين الأحكام الفقهية والمتطلبات التعليمية داخل الفضاء المدرسي.

الأزهر يحدد ضوابط الفصل.. النقاب «حرية شخصية» تعيق التواصل التربوي

استند الشيخ عبد العزيز النجار في رؤيته إلى خبرته العملية في الإشراف داخل المعاهد الأزهرية. 

وأكد النجار أن النقاب، بالرغم من أنه يُعد خياراً شخصياً للمرأة المسلمة، إلا أنه يمثل عقبة حقيقية أمام العملية التعليمية الفعالة. 

وفي تصريح تلفزيوني، أوضح: «النقاب حرية شخصية، ولذلك كل سيدة تفعل ما تريده، ولكن بشكل عام النقاب يمنع التواصل بين المدرس والطلاب».

وأشار النجار إلى أنه كان مشرفاً في الأزهر الشريف، وكان يتخذ إجراءات عملية لضمان تطبيق هذه الضرورة التربوية، قائلاً: «كنت أطلب من مديرة المعهد أن تذهب هي الأول للفصل لكي تخبر المدرسات بوضع النقاب» (أي: رفع غطاء الوجه)، وذلك لتمكين التواصل البصري واللفظي الكامل بين المعلمة والطلبة. 

وتُشدد هذه الرؤية على أن المصلحة التعليمية العليا، التي تتطلب استخدام لغة الجسد وتعبيرات الوجه في الشرح والتفاعل، يجب أن تتقدم في هذا السياق المحدد.

القيود التربوية وحالة الاستثناء.. متى يجب رفع النقاب؟

أكد الشيخ النجار على أن متطلبات الناحية التربوية تحتم وجود تواصل مباشر وواضح بين المعلمة والطلاب.

 ولفت إلى أن الأصل في الفصل هو أن ترفع المعلمة النقاب أثناء التدريس، وهذا ليس خروجاً عن الضوابط الشرعية، بل هو التزام بالمصلحة التعليمية.

ولكنه أشار في الوقت ذاته إلى حالة الاستثناء التي يمكن فيها ارتداء النقاب داخل الفصل، وهي عند دخول أي شخص غريب لا ينتمي إلى الدائرة التعليمية المباشرة. 

وأوضح العالم الأزهري: «من الناحية التربوية يجب على كل معلمة أن ترفع النقاب في أثناء التدريس في الفصل، وفي أثناء دخول شخص غريب، يتم وضع النقاب».

 وهذا الموقف يُوازن بوضوح بين الحرية الشخصية والضرورة التربوية من جهة، وبين الضوابط الشرعية المتعلقة بحضور الأجانب من جهة أخرى.

حكم دار الإفتاء المصرية.. النقاب ليس فرضاً والحجاب ضرورة شرعية

للتأكيد على الموقف الفقهي الرسمي في مصر، تستند دار الإفتاء المصرية إلى أن النقاب ليس فرضًا، في حين أن الحجاب فرض وواجب شرعي على المرأة المسلمة. 

وتستشهد دار الإفتاء بآيات الذكر الحكيم، ومنها قوله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ (النور: 31).

وحددت الإفتاء الزي الشرعي المطلوب من المرأة بأنه «أي زي لا يصف ولايشف مفاتنَ جسد المرأة، ويستر الجسم كلًّهُ ما عدا الوجهَ والكفين». 

وأكدت دار الإفتاء كذلك على التسامح في الألوان، قائلة: «ولا مانع كذلك أن تلبس المرأة الملابس الملونة بشرط ألا تكون لافتةً للنظرِ أو تثيرُ الفتنة، فإذا تحققت هذه الشروط على أي زيِّ جاز للمرأة المسلمة أن ترتديَه وتخرج به».

 وهذا الحكم يمنح المرأة مساحة واسعة في اختيار ملابسها طالما التزمت بالستر المطلوب شرعاً دون إلزامها بتغطية الوجه.

جدل المذاهب الأربعة.. الوجه والكفان خارج نطاق الوجوب

يتفق حكم دار الإفتاء مع رأي جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة، الذي يؤكد على أن نقاب المرأة الذي تغطي به وجهها وقفازها الذي تغطي به كفها «ليس واجبًا». 

وتفسير هذا الرأي الفقهي يتجذر في فهمهم لقوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ (النور: 31).

وقد أجمع جمهور العلماء من الصحابة ومن بعدهم، ومنهم ابن عباس وأنس وعائشة رضي الله عنهم، على أن الزينة الظاهرة التي يجوز إبداؤها هي «الوجه والكفان». 

وتُشير هذه الاستدلالات التاريخية والفقهية إلى أن تغطية الوجه، وإن كانت فضيلة عند البعض، لا ترتقي إلى درجة الفرض الذي يؤثم تاركه، مما يعزز موقف الأزهر ودار الإفتاء في التعامل معه كخيار شخصي.

موقف شيخ الأزهر الأسبق.. قرار منع النقاب من المؤسسات التعليمية

يُذكر أن هذا الجدل ليس بجديد في تاريخ المؤسسة الأزهرية الحديثة. فقد سبق أن أفتى فضيلة الدكتور سيد طنطاوي، شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله، بأن النقاب «عادة وليس عبادة». وذهب أبعد من ذلك في التعبير عن رأيه، قائلاً: «ولو بيدي لمنعته من المدارس والجامعات والمعاهد».

 وقد تسبب هذا الموقف في حينه بجدل واسع، لكنه رسّخ الأساس الذي تعتمد عليه المؤسسات التعليمية في ضرورة تحقيق التواصل الكامل بين المعلم والطالب كضرورة وظيفية وتربوية، حتى لو تعارض ذلك مع خيار الملبس الشخصي.

تُبين هذه الآراء المجمعة أن الأزهر والجهات الفقهية الرسمية تتعامل مع النقاب من منظورين متكاملين: فهو حرية شخصية في المجتمع العام، ولكنه يخضع لضوابط المصلحة العامة والوظيفية، خاصة في بيئات التعليم التي تتطلب تواصلاً تربوياً فعّالاً لضمان جودة العملية التعليمية.

تم نسخ الرابط