الإثنين 06 أكتوبر 2025 الموافق 14 ربيع الثاني 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

نبيل أبوالياسين: البيان العربي الإسلامي يرفع راية السلام.. وإسرائيل تحارب نفسها

القارئ نيوز

في لحظة تاريخية فارقة، اجتمعت إرادة ثماني دول عربية وإسلامية في بيان موحد يلمس شغاف القلوب، حاملًا معه بصيص أمل لأهل غزة بعد عامين من الدمار والموت. 

بينما تدوي صفارات الإنذار في سماء القطاع المحاصر، يرتفع صوت الحق من عواصم القاهرة والرياض وأبوظبي وعمّان والدوحة وأنقرة وإسلام آباد وجاكرتا، ليعلن للعالم أن الأمة ما زالت حية بضميرها.

 إنه بيان يضع النقاط على الحروف، يرحب بخطوات حماس الواقعية، ويطالب بوقف إسرائيل لغزوة الجنون.

 لكن السؤال الذي يظل معلقًا في هواء مليء برائحة البارود: لماذا تواصل إسرائيل حربها على نفسها قبل غيرها، متمسكة بعزلة دولية تدفعها نحو الهاوية؟

البيان المشترك: إرادة الأمة تصنع الأمل

في تطور بالغ الأهمية، أطلق الأردن والإمارات والسعودية وقطر ومصر وإندونيسيا وباكستان وتركيا بيانًا تاريخيًا مشتركًا، مثل نقطة ضوء في نفق الحرب المظلم،  لم يكن بيانًا عاديًا، بل كان خارطة طريق واضحة المعالم:

  •  الترحيب بخطوات حماس الإيجابية نحو مقترح ترمب، مما يضع الحركة في موقع المسؤولية ويقطع الطريق على المزايدات.
  •  الدعوة الفورية لإسرائيل لوقف القصف وبدء تنفيذ اتفاق التبادل، في رسالة واضحة أن الكرة الآن في ملعب الاحتلال.
  •  التأكيد على أن هذه التطورات فرصة حقيقية لوقف شامل ومستدام لإطلاق النار، مما يعيد الاعتبار لدبلوماسية الحياة over دبلوماسية الموت.
  •  الترحيب باستعداد حماس لتسليم إدارة غزة للجنة فلسطينية انتقالية، وهو ما يفند الرواية الإسرائيلية عن «عدم وجود شريك».
  •  التأكيد على ضرورة بدء المفاوضات فورًا للاتفاق على آليات تنفيذ مقترح ترمب.

هذا البيان لم يكن مجرد كلمات، بل كان إعلانًا بأن الأمة لم تعد تقبل بأن يكون مستقبلها رهينة لقرارات طائفية أحادية.

تناقض صارخ: ترامب يطلب التوقف ونتنياهو يصم الآذان

في مشهد يفضح التناقض الإسرائيلي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو «على استعداد لإنهاء القصف في غزة»، لكنه في الوقت نفسه وجه نداءً عاجلاً له لوقف القصف «فورًا». 

الأكثر إدانة أن نتنياهو لم يستجب، وكشف ترامب لاحقًا السبب الحقيقي في تصريح صادم: «الحرب في غزة أدت إلى عزل إسرائيل دوليًا، وأحد أهدافي هو استعادة مكانة إسرائيل الدولية» الاعتراف الذي هز الضمير العالمي: إنها حرب لتحسين الصورة، لا لتحقيق الأمن!

إسرائيل تحارب نفسها: صرخة من الداخل

لم تعد الحرب تدور في غزة فقط، بل امتدت إلى العمق الإسرائيلي نفسه، موشيه يعالون، وزير الدفاع السابق ورئيس الأركان السابق، انفجر غضبًا وهو يصرخ: لقد ضللنا الطريق! بعد ثمانين عامًا من المحرقة، نتحدث عن التطهير العرقي والتفوق اليهودي وتهجير سكان غزة. 

هل هذه هي قيم دولة إسرائيل؟ دموع الرجل لم تكن عادية، بل كانت شهادة تاريخية على أن إسرائيل تخوض حربًا وجودية مع ذاتها، مع قيمها، ومع مستقبلها. 

المجتمع الإسرائيلي الذي بني على أسطورة «البلدية الوعرة» لم يعد يعرف نفسه، محطم النفسية، منقسم الهوية، ومعزول دوليًا.

جريمة تدمير التاريخ: محو الذاكرة الجماعية

بينما يدوي البيان العربي الإسلامي دعوته للسلام، تواصل آلة الحرب الإسرائيلية تدمير آخر ما تبقى من ذاكرة غزة.

 مسجد عمري الكبير الذي بني على أنقاض كنيسة بيزنطية، ومسجد السيد هاشم حيث يرقد جد النبي محمد ﷺ، وكنيسة القديس بورفيريوس التي تعود للقرن الخامس، جميعها تتحول إلى أنقاض.

 كما يقول المؤرخ محمود يزبك: «لم يتم بناء غزة في قرن معين.. بل لجميع الأجيال»، هذا ليس تدميرًا للحجر فقط، بل محو للهوية وتطهير للتاريخ.

وختامًا: ها هو البيان العربي الإسلامي التاريخي يضع الشرعية الدولية في مأزق، ويقدم لإسرائيل فرصتها الأخيرة للخروج من مأزقها الأخلاقي والسياسي.

 لكن قيادة الاحتلال، التي أدارت ظهرها لكل نداءات السلام، تواصل انتحارها البطيء. إنهم يحاربون شبحًا من صنع خيالهم المريض، ويحولون إسرائيل إلى منبوذ عالمي. 

كل قذيفة تطلق على غزة، هي طلقة في قدم إسرائيل. كل طفل يموت تحت الأنقاض، هو حكم أخلاقي على دولة فقدت بوصلتها الإنسانية.

 الأمة قالت كلمتها، والضمير العالمي استيقظ، والباقي هو لحظة الحقيقة التي ستحدد: إما أن تختار إسرائيل طريق البيان العربي الإسلامي نحو السلام، أو طريق العزلة والدمار. 

الخيار الآن، والشعب الفلسطيني، بدمائه وصموده، يكتب الفصل الأخير من هذه الملحمة.

تم نسخ الرابط