حدود السحب والإيداع الجديدة بعد قرارات البنك المركزي

البنك المركزي يصدر تعليمات جديدة حول «حدود السحب والإيداع اليومية» بالبنوك وماكينات الصراف الآلي وخدمة «إنستاباي».
قرارات جديدة من البنك المركزي المصري
شهدت الأيام الماضية تزايدًا ملحوظًا في تساؤلات المواطنين حول القرارات الأخيرة التي أعلنها البنك المركزي بشأن الحد الأقصى اليومي للسحب النقدي سواء من البنوك أو ماكينات الصراف الآلي أو عبر تطبيق «إنستاباي»، خاصة بعد إعلان البنك المركزي المصري خفض سعر الفائدة بنسبة واحد بالمئة ضمن اجتماعه الدوري الأخير، وهو القرار الذي أثار اهتمامًا واسعًا لدى العملاء والمتعاملين مع القطاع المصرفي، نظرًا لتأثيره المباشر على حركة الأموال والسيولة داخل البنك وخارجه.
ويأتي هذا القرار في إطار سياسة نقدية متوازنة يتبناها البنك المركزي لدعم النشاط الاقتصادي وتحفيز الاستثمار المحلي، مع السعي في الوقت ذاته إلى تعزيز الشمول المالي وتشجيع المواطنين على استخدام الوسائل الإلكترونية في معاملاتهم اليومية بدلاً من الاعتماد الكامل على الكاش، إذ يرى البنك المركزي أن التوسع في التعاملات الرقمية يمثل ركيزة أساسية لبناء اقتصاد حديث ومستدام.
الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك
كان البنك المركزي قد أعلن في شهر أبريل الماضي عن رفع الحد الأقصى اليومي لعمليات السحب النقدي بالعملة المحلية من فروع البنوك ليصل إلى 250 ألف جنيه بدلاً من 150 ألفًا، وذلك في خطوة تستهدف تسهيل حركة الأموال أمام المواطنين والشركات الصغيرة والمتوسطة، كما قرر رفع الحد الأقصى للسحب من ماكينات الصراف الآلي ليصل إلى 30 ألف جنيه بدلاً من 20 ألفًا، بما يتيح للعملاء مرونة أكبر في الحصول على احتياجاتهم النقدية دون قيود مشددة.
وأوضح البنك المركزي في بياناته الرسمية أن هذه الإجراءات تأتي تيسيرًا على العملاء وتشجيعًا لهم على استمرار التعامل البنكي اليومي بطريقة آمنة ومنظمة، مشيرًا إلى أن خدمات السحب والإيداع عبر ماكينات الـATM متاحة على مدار 24 ساعة في مختلف أنحاء الجمهورية، وأن جميع البنوك ملتزمة بالتعليمات الجديدة دون استثناء.
رسوم السحب والاستعلام عن الرصيد
أكد البنك المركزي المصري أن رسوم السحب النقدي من ماكينات الصراف الآلي التابعة لبنك مختلف عن البنك المصدر للبطاقة تبلغ نحو 5 جنيهات لكل عملية، في حين تبقى الخدمة مجانية في حال استخدام ماكينة الصراف الآلي التابعة للبنك نفسه، وتختلف رسوم الاستعلام عن الرصيد بين بنك وآخر، حيث حدد البنك المركزي مجموعة من الحدود الاسترشادية تضمن حقوق العملاء وتمنع الممارسات المبالغ فيها من قبل بعض البنوك.
فعلى سبيل المثال، تبلغ رسوم الاستعلام عن الرصيد في بنك مصر جنيهان، وفي البنك الأهلي المصري نحو جنيه ونصف، بينما يقدم بنك التعمير والإسكان وبنك HSBC الخدمة مجانًا، أما بنك القاهرة فيفرض رسومًا قدرها 5 جنيهات، وتصل إلى 4 جنيهات في بنك الكويت الوطني، وتظل هذه القيم خاضعة لتحديثات دورية وفق توجيهات البنك المركزي لضمان العدالة والشفافية بين جميع المؤسسات المصرفية.
حد السحب من تطبيق «إنستاباي»
شهد تطبيق «إنستاباي» إقبالًا متزايدًا في الفترة الأخيرة، كأحد أهم الأدوات التي يعزز بها البنك المركزي التحول نحو المجتمع اللانقدي، حيث يتيح التطبيق إجراء التحويلات والسحب الفوري من الحسابات البنكية بسهولة تامة، وتصل حدود السحب عبر التطبيق إلى 70 ألف جنيه في المعاملة الواحدة، بينما يبلغ الحد الأقصى للمعاملات اليومية 120 ألف جنيه، وهي حدود تم تحديدها بما يوازن بين الأمان المالي وسهولة الاستخدام.
ويشير الخبراء إلى أن «إنستاباي» يمثل نقلة نوعية في نظام المدفوعات المصري، إذ يدعم توجهات البنك المركزي في تطوير البنية التكنولوجية للبنوك، ويمنح العملاء القدرة على إدارة أموالهم وتنفيذ التحويلات لحظيًا على مدار الساعة، دون الحاجة إلى الذهاب إلى الفرع أو الاعتماد على الكاش.
أهداف البنك المركزي من القرارات الأخيرة
تأتي قرارات البنك المركزي بشأن السحب والإيداع ضمن حزمة أوسع تهدف إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، أولها دعم النشاط الاقتصادي وتشجيع التداول المالي الرسمي، وثانيها توسيع قاعدة المتعاملين مع البنوك عبر تقديم خدمات إلكترونية ميسرة، وثالثها ضبط حجم السيولة النقدية المتداولة خارج الجهاز المصرفي بما يحد من التضخم ويحافظ على استقرار الأسعار، وهو ما أكد عليه البنك المركزي في أكثر من بيان.
كما يسعى البنك المركزي من خلال هذه الإجراءات إلى دعم استقرار العملة المحلية وتحسين إدارة السيولة داخل الجهاز المصرفي، فضلًا عن تقليل التكاليف التشغيلية للبنوك وتعزيز الرقابة على حركة الأموال، وقد أشاد اقتصاديون بهذه الخطوات مؤكدين أنها تسير في الاتجاه الصحيح نحو تطوير النظام المالي المصري بما يتماشى مع التغيرات العالمية.
التعامل الآمن مع البنوك وماكينات الصراف
نصح البنك المركزي العملاء بضرورة الالتزام بإجراءات الأمان عند استخدام ماكينات الصراف الآلي أو تطبيقات التحويل الإلكتروني، وأكد على أهمية حماية البيانات الشخصية والسرية الخاصة بالحسابات، وعدم مشاركة الرقم السري مع أي جهة أو شخص، كما شدد على ضرورة تحديث بيانات العملاء لدى البنوك بشكل دوري لضمان استمرار الخدمات دون انقطاع.
وأوضح أن البنوك المصرية تقدم دعمًا فنيًا متواصلًا لحل أي مشكلات تواجه العملاء في عمليات السحب أو الإيداع، سواء من خلال الخطوط الساخنة أو خدمة العملاء بالفروع، وذلك تنفيذًا لتعليمات البنك المركزي الذي يراقب بدقة مستوى جودة الخدمة المصرفية في جميع المؤسسات.
نحو منظومة مصرفية رقمية متكاملة
تؤكد القرارات الأخيرة أن البنك المركزي ماضٍ بقوة في خطته للتحول الرقمي الكامل في القطاع المصرفي، وأن مستقبل الخدمات البنكية في مصر سيتجه نحو الاعتماد على التطبيقات الذكية والمدفوعات الإلكترونية، وهو ما يعزز كفاءة النظام المالي ويقلل من مخاطر التعامل بالنقد، ويمنح العملاء تجربة أكثر سهولة ومرونة.
ويبدو واضحًا أن سياسة البنك المركزي لم تعد تقتصر على ضبط أسعار الفائدة فحسب، بل امتدت لتشمل إعادة صياغة مفهوم التعامل المصرفي ليصبح أكثر شمولًا واستجابة للتطورات التكنولوجية، بما يتناسب مع تطلعات الدولة المصرية نحو بناء اقتصاد رقمي قوي ومستدام.