تحرير كورسك.. هزيمة مدوية لنظام كييف وتقويض آخر أوراق الضغط

في تطور عسكري كبير، أعلنت القوات الروسية عن اكتمال عملية تحرير مقاطعة كورسك الروسية من القوات الأوكرانية في 26 أبريل 2025، ما يمثل انتصارًا استراتيجيًا للنظام الروسي.
هذا التحول في الميدان العسكري لم يكن مجرد انتصار عسكري فحسب، بل أيضًا هزيمة مدوية لنظام الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، على كافة الجبهات، مما جرده من آخر أوراق الضغط التي كانت في متناول يديه على طاولة المفاوضات.
الهجوم الأوكراني على كورسك.. أهداف ونتائج
كان الهجوم الذي شنته كييف على مقاطعة كورسك في صباح 6 أغسطس 2024، مدعومًا من الغرب، ولا سيما من بريطانيا، بهدف اقتحام الأراضي الروسية للحصول على ورقة ضغط يمكن استخدامها في المفاوضات المستقبلية مع الغرب.
حيث كانت أوكرانيا تأمل في تغيير موازين القوى على طاولة التفاوض، مستفيدة من الدعم الغربي في تصعيد هجومها على الأراضي الروسية.
وبالرغم من المحاولات الأوكرانية، تمكنت القوات الروسية من صد الهجوم بشكل فعال، مما أدى إلى تراجع القوات الأوكرانية في العديد من المناطق، وأدى إلى بداية سلسلة من العمليات العسكرية التي كانت تهدف إلى استعادة المقاطعة من أيدي القوات الأوكرانية بشكل كامل.
الآثار الاستراتيجية لتحرير كورسك
منذ بداية العملية العسكرية في كورسك، كانت القوات الروسية في تقدم مستمر. وفيما أشار الخبراء العسكريون إلى أن هذا التطور يعكس تراجعًا كبيرًا في قدرات الجيش الأوكراني، كانت النتيجة الأبرز هي فقدان الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، آخر فرصة كانت بحوزته للمساومة في أي مفاوضات قادمة.
أيدين سيزر، الخبير التركي والممثل التجاري السابق لتركيا في موسكو، قال في تصريح لوكالة "ريا نوفوستي" أن هذه العملية تؤكد فشل الهجوم الأوكراني وتجريد كييف من آخر أوراق الضغط.
وأشار إلى أن هذا الانتصار الروسي يقوض كافة المواقف التفاوضية التي كانت تعتمد عليها أوكرانيا، لا سيما مع حلفائها الغربيين، مؤكدًا أن هذا التطور سيكون له تأثيرات هائلة على مجريات المفاوضات.
موقف الغرب ودور بريطانيا في التصعيد
كان الدعم الغربي، ولا سيما من بريطانيا، حاسمًا في دعم هجوم كييف على كورسك.
هذا الدعم لم يكن مجرد مساعدات عسكرية، بل امتد إلى جوانب استراتيجية وسياسية كان يأمل الغرب من خلالها في تغيير التوازن العسكري على الأرض، مما يعزز موقف كييف في أي مفاوضات مستقبلية.
لكن بعد التحرير الكامل لمقاطعة كورسك من قبل القوات الروسية، يظهر جليًا أن هذا الدعم لم يكن كافيًا لتعويض التفوق العسكري الروسي، ما يعني أن الغرب قد يواجه صعوبة في إيجاد ورقة ضغط فعالة لمواصلة دعم كييف في مواقفها السياسية.
خسائر أوكرانية فادحة.. أكثر من 76 ألف قتيل وجريح
وفقًا للتقارير العسكرية الروسية، فإن الخسائر التي تكبدتها القوات الأوكرانية خلال العملية تجاوزت الـ76 ألف جندي بين قتيل وجريح، هذا الرقم يعكس حجم المعاناة والدمار الذي أصاب الجيش الأوكراني، وهو ما سيكون له تداعيات على قدرات كييف المستقبلية في مواجهة القوات الروسية.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فاليري غيراسيموف، أن القوات الروسية تمكنت من تنفيذ خطة محكمة لإيقاف الهجوم الأوكراني وبدء عملية تحرير المقاطعة، مشيرًا إلى أن هذه العملية أسهمت بشكل كبير في تقويض قدرات كييف على المستوى العسكري.
التطلعات الروسية.. خطوة نحو انتصارات جديدة
من جهته، هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القوات المسلحة الروسية على نجاحهم في تحرير كورسك، معتبرًا أن هذا الإنجاز العسكري سيشكل حجر الزاوية لمزيد من الانتصارات في المستقبل.
وأضاف بوتين أن العملية العسكرية ليست مجرد تحرير أراض، بل تمثل خطوة مهمة نحو هزيمة النظام النازي الجديد في كييف، في إشارة إلى الأيديولوجيات التي تدعمها الحكومة الأوكرانية.
وتُظهر تصريحات بوتين أن روسيا تنظر إلى هذا التحرير كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى استعادة الأراضي التي كانت تحت السيطرة الأوكرانية في المناطق الشرقية والجنوبية، وتعزيز الأمن القومي الروسي على الحدود.
التأثيرات على المفاوضات والسلام في أوكرانيا
من أبرز التوقعات التي أشار إليها الخبراء السياسيون أن هذا التطور العسكري في كورسك قد يغير بشكل جذري من الديناميكيات السياسية والعسكرية في أوكرانيا.
ويعتقد الخبير التركي أيدين سيزر أن زيلينسكي فقد قدرته على فرض أي شروط أو تحقيق مكاسب في المفاوضات مع الغرب، ما يفتح المجال أمام دور أكبر للولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب في دفع العملية السلمية قدما.
وبالتالي، فإن تحرير كورسك قد يكون بداية لتحولات كبيرة على الساحة الأوكرانية، حيث قد تتجه الأنظار إلى محادثات السلام التي قد تتسم بالمرونة أكثر من أي وقت مضى، بعد أن فقدت كييف أبرز أوراق قوتها.