عودة الأساطير الشعبية.. عرض «العايق» يفتتح عروضه في قلب القاهرة التاريخية

يستضيف قصر الأمير طاز، أحد أعرق المعالم التاريخية بالقاهرة، العرض المسرحي الجديد «العايق»، في تجربة مسرحية فريدة تمزج بين الأسطورة والحكاية الشعبية والمفردات المعاصرة، وذلك ضمن مشروع التجارب النوعية للهيئة العامة لقصور الثقافة، وتحديدًا قطاع إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد بفرع ثقافة القاهرة.
العرض يُقدم خلال الفترة من 4 إلى 8 مايو في تمام الساعة السابعة والنصف مساءً، ويأتي ضمن سلسلة من العروض التي تهدف إلى تقديم رؤى فنية غير تقليدية في أماكن غير نمطية، بما يعيد دمج المسرح مع الفضاءات الثقافية والتاريخية المفتوحة للجمهور.
«العايق».. تجسيد معاصر لحكاية «دليلة والمقدم»
"العايق" هو عمل مسرحي مستوحى من الحكاية الشعبية الشهيرة «علي الزيبق والمقدم دليلة»، لكنه يعيد طرحها في إطار سردي وشعري مختلف، من خلال معالجة مسرحية كتبها أميرة عز الدين، وقام بإخراجها الفنان الشاب نور عفيفي، ليمنح النص روحًا جديدة تتماشى مع هموم الإنسان المعاصر، دون أن تبتعد عن جوهر الحكاية التراثية.
يقول مخرج العرض نور عفيفي: «اعتمدنا في هذا العمل على إعادة صياغة الموروث الشعبي بلغة جمالية جديدة، تستدعي الخيال وتحترم وعي المتلقي، مع الحفاظ على طابع الحكاية المليء بالحكمة والدروس».
توليفة شعرية وموسيقية.. وإنتاج متكامل
العمل يضم أشعار طارق عمار، وموسيقى وألحان وتوزيع عمرو العدوي، بينما يتولى الغناء الفنان چون سامي، في حين جاءت السينوغرافيا بتوقيع مونيكا مدحت، والإضاءة والرقصات تم تنفيذها تحت إشراف محمد سعد، وشاركت في الإخراج المنفذ كل من نورا صلاح الدين ودينا سيف.
ويُعد العرض نتاجًا لتكامل مجموعة من العناصر الفنية التي تسهم في خلق عالم بصري وسمعي مشوّق، يرافق الجمهور في رحلة غنية بالمشاعر بين الماضي والحاضر.
طاقم كبير وبطولة جماعية
يقود البطولة النجم المسرحي الكبير أشرف فاروق، بمشاركة عدد كبير من الممثلين الشباب، من بينهم: محمد سعيد، ماجدة اللبان، آيتن محمد، نورا فياض، عبد الرحمن البارودي، أحمد سليمان، عمرو حسام بونو، سماح غالي، كريم محمود، محمد البدر، محمود عوض، عادل مراد، الطفلة ريتاج، إلى جانب آخرين من المواهب المسرحية الصاعدة.
وقد أعرب الفنان أشرف فاروق عن سعادته بالمشاركة في العمل، مؤكدًا أن «العايق» يقدم رسالة فنية مهمة، ويعيد التأكيد على أهمية الحكاية الشعبية كمصدر ثري للإبداع، ووسيلة فعالة لمخاطبة وجدان الجمهور.
طبيعة مكانية مغايرة.. ومسرح خارج الصندوق
العرض يُقدم ضمن مشروع «تجارب نوعية - طبيعة مكانية مغايرة»، الذي تسعى من خلاله الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى كسر القوالب التقليدية للعروض المسرحية، وفتح المجال أمام المبدعين لتقديم رؤاهم في أماكن غير نمطية مثل القصور الأثرية، والساحات المفتوحة، والمواقع التاريخية.
اختيار قصر الأمير طاز كموقع للعرض، لم يكن فقط قرارًا فنيًا، بل كان أيضًا محاولة لإعادة ربط الجمهور بالمكان والذاكرة، حيث يتناغم الطابع التاريخي للقصر مع أجواء الحكاية الشعبية التي يعالجها العرض.
مسرحية تفتح أبواب التراث أمام الأجيال الجديدة
في تصريح لها، أكدت مؤلفة العمل أميرة عز الدين أن الحكاية الشعبية تملك من المرونة والثراء ما يسمح بإعادة تفسيرها عدة مرات، وقالت: «العايق ليس مجرد إعادة رواية لـ«دليلة والزيبق»، بل هو إعادة قراءة للسلطة، والخداع، والحكمة الشعبية، بلغة الحاضر».
كما شددت على أهمية دمج الفنون الأدائية مثل الغناء والاستعراض مع النص المسرحي، مشيرة إلى أن هذه التوليفة تساعد في جذب فئات عمرية متنوعة، وتفتح المجال أمام الأجيال الجديدة لاكتشاف روائع التراث برؤية حديثة.
دعوة مفتوحة للجمهور
الهيئة العامة لقصور الثقافة دعت جمهور القاهرة، وخصوصًا المهتمين بالمسرح الشعبي والتجريب، إلى حضور العرض مجانًا خلال أيامه الخمسة، مؤكدة أن الأعمال النوعية مثل «العايق» تمثل تجربة مختلفة تستحق المشاهدة.
يُذكر أن مشروع التجارب النوعية يُعد أحد أهم مشاريع الهيئة لدعم الطاقات الشابة في مجالات الكتابة، الإخراج، السينوغرافيا، والتأليف الموسيقي، ويشكل منصة لتجديد الخطاب المسرحي في مصر.