افتتاح مبهر لمهرجان كان السينمائي الدولي.. أضواء السجادة الحمراء تخطف الأنظار

شهدت مدينة كان الفرنسية مساء اليوم انطلاقة الدورة الجديدة من مهرجان كان السينمائي الدولي، أحد أعرق المهرجانات السينمائية في العالم، وسط أجواء احتفالية مبهرة واستقبال حافل لنجوم ونجمات الفن السابع من مختلف أنحاء العالم على السجادة الحمراء.
وتحوّلت واجهة قصر المهرجانات إلى مسرح عالمي يعج بالإبداع والأنوار وعدسات المصورين، مع انطلاق حفل الافتتاح الرسمي، إيذانًا بانطلاق أيام من العروض السينمائية والنقاشات الفنية التي ينتظرها عشاق السينما سنويًا بشغف كبير.
انطلاقة استثنائية بفيلم أميلي بونين
افتُتحت فعاليات المهرجان هذا العام بالفيلم الفرنسي «الرحيل في يوم من الأيام» (Partir Un Jour)، وهو أول فيلم روائي طويل للمخرجة الشابة أميلي بونين، التي تحقق من خلال هذا العمل أولى خطواتها نحو العالمية بعد أن كانت قد فازت بجائزة سيزار عام 2023 عن النسخة القصيرة من الفيلم نفسه.
ويُعرض الفيلم حاليًا في دور السينما الفرنسية تزامنًا مع عرضه الأول ضمن فعاليات مهرجان كان، في خطوة تمنح الجمهور فرصة معايشة أجواء المهرجان ومتابعة العمل السينمائي بالتوازي مع ظهوره على السجادة الحمراء.
وتواصل بونين عبر هذا الفيلم استكشاف ثيمات الحنين والهوية والعلاقات العائلية، من خلال قصة البطلة سيسيل، التي تعود إلى قريتها الصغيرة بعد تعرض والدها لنوبة قلبية، بينما كانت على أعتاب تحقيق حلمها الشخصي بافتتاح مطعم خاص بها.
تلك العودة غير المتوقعة تضعها مجددًا في مواجهة مع ماضيها، وتحديدًا حبيبها السابق، ما يفتح أبواب التساؤلات والمشاعر المؤجلة.
موسيقى تنبض بروح التسعينيات
ما يمنح الفيلم طابعه المتفرّد، هو الطابع الموسيقي الذي يغلفه بجو شاعري حالم، بفضل التعاون الإبداعي بين المغنية جولييت أرمانيه والموسيقي باستيان بويون، واللذين نسجا نغمة سينمائية مستوحاة من روح التسعينيات، مزجت بين الحنين والحداثة، فأضفت عمقًا إضافيًا على السرد البصري.
وتلقى الفيلم إشادات أولية من النقاد الذين وصفوه بـ«البداية الواعدة» لمخرجة شابة تضع خطواتها الأولى في قلب السينما الفرنسية الجديدة، بروحٍ تجمع بين الحس الإنساني والبساطة والأسلوب السردي الرصين.
روبرت دي نيرو يتوج بالسعفة الذهبية الفخرية
وفي بادرة تكريمية لواحد من أعظم ممثلي هوليوود، يمنح مهرجان كان هذا العام السعفة الذهبية الفخرية للنجم الأمريكي الأسطوري روبرت دي نيرو، وذلك تقديرًا لمسيرته الحافلة التي امتدت لأكثر من خمسة عقود، قدّم خلالها أعمالًا خالدة حفرت اسمها في تاريخ السينما العالمية، من «سائق التاكسي» إلى «العراب» و«الثور الهائج».
ومن المنتظر أن يصعد دي نيرو إلى خشبة المسرح خلال حفل الافتتاح لتسلّم الجائزة، وسط تصفيق حار من الحضور الذي يضم نخبة من المخرجين والمنتجين والممثلين من شتى أنحاء العالم.
ميلين فارمر تضيف لمسة فنية للحفل
كما تحيي المغنية الفرنسية الشهيرة ميلين فارمر العرض الغنائي الرئيسي خلال حفل الافتتاح، حيث من المتوقع أن تقدّم أداءً موسيقيًا خاصًا يلائم الأجواء السينمائية والفنية الرفيعة للمهرجان، وهو ما يعزز من الطابع الاحتفالي للحفل ويمنحه بعدًا فنيًا مختلفًا.
وتُعرف فارمر بإنتاجاتها الفنية المتجددة، وصوتها القوي وأسلوبها المسرحي، ما يجعل من ظهورها على مسرح مهرجان كان لحظة منتظرة من قبل جمهورها ومحبي السينما والموسيقى على حد سواء.
تحضيرات على قدم وساق.. وعين العالم على كان
منذ ساعات الصباح الأولى، عملت فرق التنظيم في مدينة كان على وضع اللمسات الأخيرة قبل انطلاق السجادة الحمراء، حيث جرى تجهيز القاعات والمرافق، وتركيب أنظمة الصوت والإضاءة، وتنسيق ظهور النجوم أمام وسائل الإعلام العالمية التي غطّت الحدث لحظة بلحظة.
ويستمر المهرجان على مدى 11 يومًا، يقدم خلالها مجموعة من أبرز وأحدث الإنتاجات السينمائية العالمية، بالإضافة إلى فعاليات موازية من ورش عمل وندوات وحوارات تجمع صناع السينما والنقاد والمواهب الصاعدة.
بانطلاق دورته الجديدة، يثبت مهرجان كان السينمائي مجددًا مكانته كأحد أهم المنصات الثقافية العالمية، جامعًا بين الفخامة الفنية والبعد الإنساني، ومنحازًا للسينما كوسيلة للتعبير والرؤية والتغيير.
وبين عيون تتلألأ على السجادة الحمراء، وأفلام تضيء الشاشات بحكاياتها، تستمر "كان" في سحرها السينمائي للعام 2025.