السبت 24 مايو 2025 الموافق 26 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل يبطل الطواف الحديث عبر الهاتف المحمول؟.. المفتي السابق يوضح الحكم

الطواف
الطواف

الطواف من أعظم العبادات التي يؤديها المسلم في بيت الله الحرام، وقد أجمع العلماء على أن الطواف ركنٌ لا يتم الحج أو العمرة إلا به، إذ هو مشهد من مشاهد القرب والخضوع، ومظهر من مظاهر العبادة التي يظهر فيها تذلل العبد لربه، ووقوفه بين يديه في أعظم بقاع الأرض.

وفي هذا السياق أجاب الدكتور «شوقي علام»، مفتي الديار المصرية السابق، على تساؤل يتكرر بين حجاج بيت الله الحرام كل عام، مفاده: ما حكم الكلام عبر الهاتف المحمول أثناء الطواف؟، حيث أوضح فضيلته أن الأصل في «الطواف» أن يكون مصحوبًا بخشوع القلب، واستحضار جلال الموقف، إذ إن المسلم يقف في بقعة مباركة، محاطًا بآلاف الطائفين، مستشعرًا أنه في حضرة من لا يغفل ولا ينام.

الطواف كالصلاة ولا يجوز فيه اللهو

أكد المفتي السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم شبّه «الطواف» بالصلاة في الحديث الشريف: «الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله أحلّ فيه النطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير»، وهو ما يدل على أن للطواف قدسية خاصة، توجب على المسلم أن يكون حاضر القلب، نقيَّ الجوارح، متجردًا من كل ما يشغله عن الله عز وجل.

وعليه فإن الحديث في الهاتف المحمول أثناء «الطواف» لا يُعد محرمًا في ذاته، ولكن يُفضّل تركه قدر الإمكان، لأن مثل هذا التصرف قد يُفضي إلى فقدان الخشوع، وانشغال القلب، بل وربما يؤدي إلى تشويش على الآخرين من الطائفين، مما يُذهب جمال المشهد وروحانيته.

متى يُباح الكلام في الهاتف أثناء الطواف؟

يرى المفتي السابق أن الضرورة وحدها هي التي تُبيح الكلام في الهاتف أثناء الطواف، فمثلًا إذا كان هناك حاجة للتواصل لأمر ضروري، أو استفسار عاجل، أو تنسيق مع رفقة الحاج، فإن ذلك لا يُحرَّم، ولكن الأولى أن يقتصر المتحدث على أدنى قدر ممكن، ولا يتوسع في الحديث الدنيوي الذي قد يخرجه من حال الذكر إلى حال الغفلة.

فـ«الطواف» لحظة تفرغ تام لله، ويُستحب أن يرافقه ذكر واستغفار، وابتهال ودعاء، فلا يليق بالطائف أن ينشغل بالتصوير أو التحدث في الهاتف، أو متابعة وسائل التواصل، بل ينبغي أن يكون بكليته مع الله، وفي حضرة بيته العتيق.

كيفية أداء الطواف على الوجه الأكمل

أوضح مجمع البحوث الإسلامية أن البداية في «الطواف» لا بد أن تكون من عند الحجر الأسود، حيث استند في ذلك إلى الحديث الشريف عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف حين يقدم يخب ثلاثة أطواف من السبع»، وهو ما يدل على أن ترتيب الطواف يبدأ من هناك، ويستمر سبعة أشواط كاملة.

وبيّن المجمع أن من ابتدأ «الطواف» من غير موضعه، أي من غير الحجر الأسود، فإن ما مضى من أشواط لا يُعتد به، ويُحسب الطواف ابتداءً من الحجر، كما لا يُعتد إلا بسبعة أشواط مكتملة، فمن طاف ستة فقط كان طوافه باطلًا.

الطهارة من شروط الطواف الأساسية

ذكرت دار الإفتاء المصرية أن الفقهاء أجمعوا على أن من شروط صحة «الطواف» الطهارة من الحدث والخبث، وستر العورة، والمشي لمن يقدر عليه، مع بداية الطواف من الحجر الأسود، وإتمام سبعة أشواط كاملة حول الكعبة، وعدم دخول الحجر أو الطواف داخله، لأنه جزء من البيت.

فالحنفية، يرون أن من واجبات «الطواف» أيضًا التيامن أي جعل الكعبة على يساره، وكذلك فعله أيام النحر، بينما المالكية يضيفون إلى ذلك ضرورة أن يكون البدن خارج الكعبة تمامًا أثناء الطواف، ولا يصح الطواف على شاذروان الكعبة أو ما يقع داخل حدود الحجر.

الركعتان بعد الطواف من واجباته

يؤكد علماء الشافعية والحنابلة والمالكية أن من تمام «الطواف» أداء ركعتين بعده، وهو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك النية قبل الطواف، وعدم صرف النية إلى غير العبادة، مثل نية لقاء شخص أو مجرد المشي، بل يجب استحضار النية كاملة بأن «الطواف» عبادة مستقلة.

فالحنابلة، شددوا على ضرورة أن يجعل الطائف البيت عن يساره طوال الطواف، وأن يتم الطواف خارجًا عن الحجر، وأن يلتزم بالعدد المحدد للأشواط، وأن يؤديه بنفسه لا عبر النيابة إلا إذا كان مغميًّا عليه.

أدب الطائفين.. عنوان الخشوع في المسجد الحرام

من كمال أدب المسلم أثناء «الطواف» أن يُقبل على ربه بقلبه وقالبه، فلا يُكثر من الحديث ولا يُلهي نفسه أو غيره، بل يُكثر من الدعاء والتضرع، ويسأل ربه العفو والرضا والمغفرة، ولا يتوقف عن الذكر والتكبير والتهليل، فالمقام مقام عبادة، والموضع موضع قداسة لا يُناسبه اللهو ولا اللغو.

وفي ضوء ذلك، يظهر جليًّا أن التحدث في الهاتف أثناء «الطواف» وإن كان جائزًا عند الحاجة، فإنه غير مستحب، والأولى تركه، لأن «الطواف» عبادة لها جلالها وهيبتها، وهي لحظة لقاء خاص بين العبد وربه لا يليق بها سوى الذكر والتضرع، لا المكالمات والتصوير والمراسلات.

فقه الطواف لا يقتصر على الأحكام الظاهرة، بل يشمل كذلك آداب القلب، وتهذيب السلوك، وتربية النفس على التفرغ الكامل لله، وهو ما ينبغي أن يحرص عليه كل طائف ببيت الله الحرام.

تم نسخ الرابط