من خلف القناع إلى الذاكرة الأبدية.. وداعا إد جيل صاحب زي «تشاكي»

فُجع الوسط الفني العالمي، صباح اليوم، بخبر وفاة الممثل الأمريكي إد جيل، أحد أشهر الممثلين الذين تخصصوا في ارتداء الأزياء التنكرية والأدوار الجسدية في أفلام الخيال والرعب، وذلك بمنزله في ولاية لوس أنجلوس، عن عمر ناهز 61 عامًا.
إعلان الوفاة بطريقة تحمل روحه الساخرة
وجاء الإعلان عن الوفاة من خلال منشور شاركت به ابنة شقيقته، كايس جيل، على حسابها الرسمي بموقع فيسبوك، حيث كتبت فيه بأسلوب يمزج الحزن بالفكاهة التي اشتهر بها الراحل: «بقلب مثقل وتابوت خفيف بشكل مدهش (هل فهمتم المزحة؟)، نعلن عن الرحيل المفاجئ لعمنا إد جيل، لقد ألقى تحيته الأخيرة، وهو الآن يتصدر عروض الحياة الآخرة».
هذه الكلمات، التي عكست الروح المرحة التي ميزت إد جيل طوال حياته، انتشرت سريعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقلها محبوه وزملاؤه في الوسط الفني، الذين نعوه بكلمات مؤثرة، مؤكدين أنه لم يكن مجرد ممثل، بل رمز من رموز الشخصيات الأيقونية في هوليوود.
من ميشيجان إلى كاليفورنيا: بداية الحلم
ولد إد جيل في بلدة بلاينويل بولاية ميشيجان، ونشأ في كنف عائلة بسيطة، حيث واجه منذ صغره تحديات متعلقة بطبيعة جسده كونه من قصار القامة.
لكنه لم يسمح لتلك العقبات أن تقف في وجه طموحه، إذ قرر في بداية العشرينيات من عمره أن يشق طريقه نحو عالم الفن، وانتقل إلى ولاية كاليفورنيا، وهناك بدأت رحلته الحقيقية مع التمثيل.
ورغم قلة الأدوار التي تُكتب خصيصًا للممثلين من قصار القامة، إلا أن جيل أثبت نفسه سريعًا بفضل موهبته الفريدة وقدرته على الاندماج في الشخصيات المركبة التي تتطلب حضورًا بدنيًا خاصًا.
انطلاقة سينمائية مدوية بـ«هاورد ذا دَك»
عام 1986، كانت البداية الكبيرة لإد جيل من خلال فيلم الخيال العلمي الشهير «Howard the Duck»، الذي أنتجته شركة مارفل بالتعاون مع جورج لوكاس.
ارتدى جيل زي شخصية البطة الفضائية طوال الفيلم، فيما قام الممثل تشيب زين بأداء صوت الشخصية.
ورغم أن الفيلم لم يحقق نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر وقتها، فإنه اكتسب شهرة بمرور السنوات وأصبح من كلاسيكيات أفلام الثمانينيات، وهو ما منح جيل مكانة مميزة في قلوب جمهور الخيال العلمي والقصص المصورة.
«تشاكي».. الدور الذي صنع أسطورته
لكن الدور الأبرز في مسيرة إد جيل، والذي لاقى شهرة عالمية، كان تجسيده للدمية القاتلة «تشاكي» في سلسلة أفلام الرعب الشهيرة «Child's Play».
ففي الجزء الأول عام 1988، تولّى جيل ارتداء زي الدمية في العديد من مشاهد الحركة والتصوير الواقعي، بينما قام الممثل براد دوريف بأداء صوت «تشاكي».
شارك جيل في جزأين لاحقين من السلسلة، ليصبح اسمه مرتبطًا إلى الأبد بأحد أكثر الشخصيات رعبًا في تاريخ السينما.
وكان جيل يُعد من القلائل الذين استطاعوا إضفاء واقعية مرعبة على شخصية دمية، من خلال أداء جسدي دقيق ومخيف.
الديناصور «تاشا».. وجه آخر لأدوار الخيال
وفي عام 1991، قدم جيل أداءً مختلفًا تمامًا عندما شارك في مسلسل المغامرات العائلي «Land of the Lost»، حيث جسّد شخصية الديناصور الطيب «تاشا»، مرتديًا زيًّا معقدًا وثقيلاً، يتطلب مجهودًا تمثيليًا وحركيًا كبيرًا، ما يعكس تفانيه في تقديم الشخصيات حتى وإن كانت بعيدة عن ملامحه البشرية.
وفي عام 2003، ظهر جيل في فيلم «Tiptoes» إلى جانب ماثيو ماكونهي وغاري أولدمان، مجسدًا دور العم «بوبي باري» في عمل تناول حياة عائلة من قصار القامة بطريقة درامية وإنسانية.
مشاركات تلفزيونية ومهرجانات جماهيرية
لم يقتصر نشاط إد جيل على السينما فقط، بل شارك أيضًا في عدد من المسلسلات الكوميدية مثل «My Name is Earl»، حيث جسد عام 2006 شخصية «ليتل إيدي»، أحد مؤديي عروض السيرك في حلقة حملت طابعًا ساخرًا وإنسانيًا.
وكان جيل أيضًا ضيفًا دائمًا على مؤتمرات محبي أفلام الخيال العلمي والرعب حول العالم، حيث اعتاد لقاء جمهوره والتقاط الصور معهم وهو يرتدي زيه الشهير أو يحمل دمية «تشاكي»، وكان دائمًا ما يصف نفسه بأنه «رجل يعيش داخل الأبطال والوحوش».
رحيل جسد وبقاء إرث
برحيل إد جيل، فقدت هوليوود أحد أشهر ممثلي الأداء الجسدي، ورمزًا للمثابرة والإبداع رغم التحديات. لقد أثبت أن الموهبة لا تقاس بالطول، وأن الحضور القوي لا يرتبط بالشكل، بل بالإيمان بالشخصية التي يؤديها.
وسيظل اسم إد جيل محفورًا في ذاكرة جمهور السينما، ليس فقط كشخص ارتدى زي «تشاكي» أو «هاورد ذا دَك»، بل كفنان كرّس حياته ليكون جزءًا من عوالمنا السينمائية التي لا تُنسى.