بعد عامين من النزاع.. اجتماع ينهي أزمة الميراث بين أحفاد نوال الدجوي

شهدت أزمة الميراث العائلية المعقدة التي دارت خلال الفترة الماضية بين أحفاد الدكتورة نوال الدجوي، رائدة التعليم الخاص في مصر، تطورات مفاجئة وغير متوقعة باتجاه التهدئة، وذلك بعد اجتماع مطول جمع الأطراف المتنازعة في لقاء هو الأول من نوعه منذ أكثر من عامين، وسط أجواء وصفت بأنها إيجابية ومبشرة.
الاجتماع الذي استغرق أكثر من أربع ساعات، عُقد مساء السبت داخل منزل أحد المقربين من الأسرة في القاهرة الجديدة، وجمع الدكتور عمرو الدجوي من جهة، مع ماهي وإنجي منصور من الجهة الأخرى، بحضور جزئي عبر الهاتف للدكتور محمد شحاتة، رئيس قسم القضايا في مكتب معتوق بسيوني وحناوي، والممثل القانوني للدكتورة نوال الدجوي.
خمسون قضية متبادلة.. ونقطة تحوّل
على مدار أكثر من عامين، كانت العلاقة بين أفراد العائلة تتجه إلى مزيد من التوتر، وسط تبادل للبلاغات والقضايا التي تجاوز عددها وفقًا للمصادر القضائية خمسين دعوى ما بين قضايا ميراث، طعون في الوصايا، وشكاوى تتعلق بإدارة الأصول العائلية، إلا أن اجتماع الأمس شكل نقطة تحول في مسار الأزمة.
وفي مداخلة هاتفية أجراها المحامي محمد شحاتة مساء الأحد مع الإعلامية لميس الحديدي، خلال برنامج «كلمة أخيرة» المذاع على قناة ON، أكد أن الاجتماع الأخير تناول بشكل رئيسي سبل إنهاء النزاع، وبحث آليات تسوية القضايا العائلية المتداولة أمام المحاكم، وهو ما يعكس بحسب وصفه «مناخًا جديدًا من الرغبة في التصالح وتجاوز الخلافات».
أيادٍ خارجية.. واعتراف ضمني بالأخطاء
وخلال الاجتماع، أشار الحاضرون، وفقًا لما نقله شحاتة، إلى أن تفاقم الأزمة خلال الفترة الماضية لم يكن نابعًا فقط من الخلافات الجوهرية حول التركة والممتلكات، بل كان هناك دور مؤثر «لأيادٍ خارجية» ساهمت في تأجيج المشهد، من خلال التدخل في علاقات الأسرة الداخلية، وتحريض بعض الأطراف على التصعيد.
وقال شحاتة: "كان هناك اتفاق بين جميع الحاضرين على أن العلاقة التي كانت تربط أفراد العائلة، خاصة في حياة الدكتور أحمد الدجوي، كانت تتسم بالمحبة والتماسك، وهو ما فُقد بسبب تدخلات خارجية ناتجة عن أطماع أو سوء نية لدى أطراف لا تمت للعائلة بصلة حقيقية".
بدء جلسات قانونية مكثفة
وبحسب المحامي شحاتة، فإن الاجتماع انتهى بتكليف الفرق القانونية لكل طرف بالبدء فورًا في عقد جلسات مكثفة لمراجعة كل القضايا المتبادلة، بهدف التوصل إلى صيغ ودية لحلها خارج أسوار المحاكم، مع ضمان حماية الحقوق القانونية والشرعية لجميع الأطراف.
وأشار إلى أن فريقه بدأ بالفعل صباح الأحد عقد أول جلسة مع المستشار القانوني الجديد للدكتور عمرو الدجوي، قائلاً: «منذ التاسعة صباحًا، عقدنا لقاءً مثمرًا للغاية، أظهر استعدادًا حقيقيًا من الطرف الآخر للانخراط في مفاوضات بنّاءة تنهي هذا النزاع المؤلم الذي أرهق جميع أفراد العائلة».
إرث الدكتور أحمد الدجوي.. ومبادرة الصلح قبل الرحيل
ولم يكن هذا التوجه المفاجئ للتهدئة من فراغ، إذ كشف شحاتة خلال مداخلته أن الدكتور الراحل أحمد الدجوي والد الدكتور عمرو كان قد بدأ بالفعل قبل وفاته جهودًا حقيقية لإنهاء الخلافات، حيث التقى في أيامه الأخيرة بعدد من المحامين والمقربين بهدف الترتيب لجلسات مصالحة تحت إشراف مباشر من والدته الدكتورة نوال الدجوي، التي كانت ولا تزال تحرص على وحدة الأسرة.
وأوضح أن الراحلة كانت تتابع عن قرب محاولات التسوية القانونية، وشددت مرارًا على أن هدفها الأساسي ليس توزيع الميراث فحسب، بل الحفاظ على الروابط الأسرية التي شُوهت خلال السنوات الماضية بفعل الصراعات والنزاعات القضائية.
موقف الدكتورة نوال الدجوي.. أمل في لَمّ الشمل
وتأتي هذه التطورات في ظل تدهور الحالة الصحية للدكتورة نوال الدجوي، التي تعد من أبرز رموز التعليم في مصر والوطن العربي، حيث أسست العديد من المؤسسات التعليمية الكبرى، وكانت دائمًا مثالًا للقيادة النسائية الملهمة، سواء في المجال الأكاديمي أو المجتمعي.
وبحسب مصادر قريبة من العائلة، فإن الدكتورة نوال ناشدت في وقت سابق أفراد أسرتها بأن يكون إرثها الحقيقي هو «المحبة والوحدة»، وليس مجرد أصول مادية ومؤسسات، داعية إلى طي صفحة الخلافات وفتح باب التسامح.
هل اقتربت نهاية الأزمة؟
رغم تعقيدات القضايا وتعدد الأطراف، إلا أن المؤشرات الأولية لاجتماع السبت تحمل كثيرًا من الأمل في إمكانية الوصول إلى حل شامل ينهي النزاع الطويل، ويعيد للأسرة تماسكها، خاصة مع ما أبداه المشاركون من مرونة واستعداد لإغلاق الملفات العالقة بروح مسؤولة.
ويرى مراقبون أن الاجتماع يمثل خطوة أولى، لكنها بحاجة إلى خطوات لاحقة أكثر حسماً، تتضمن اتفاقات موثقة تضمن الحقوق، وتفتح الطريق أمام ترميم العلاقات العائلية على أسس جديدة بعيدًا عن الخصومة والمحاكم.