السبت 07 يونيو 2025 الموافق 11 ذو الحجة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

في ذكرى وفاته.. محمود المليجي «شرير الشاشة الطيب» الذي أبكى يوسف شاهين

محمود المليجي
محمود المليجي

تحل اليوم الجمعة، ذكرى وفاة الفنان الكبير محمود المليجي، أحد أعمدة الفن المصري والعربي، والذي ترك إرثًا فنيًا ضخمًا تجاوز 500 عمل فني تنوعت بين السينما والمسرح والتلفزيون، جسّد خلالها شخصيات متباينة جمعت بين الخير والشر والكوميديا، إلا أن الجمهور ارتبط به أكثر في أدوار «المعلم الشرير»، تلك التي أتقن أداءها حتى صار وجهًا مألوفًا في كل فيلم يتناول الصراع بين الخير والشر.

ورغم هذه الصورة التي طبعت ذهن المشاهد، أجمع كل من عملوا مع المليجي على أنه كان «أطيب إنسان بعيدًا عن الشاشة»، يحمل قلبًا رقيقًا وسلوكًا راقيًا، ليجسد بذلك واحدة من أكثر المفارقات الإنسانية والفنية صدقًا في تاريخ التمثيل العربي.

«أبوسويلم».. نقطة التحول

كانت نقطة التحول الحقيقية في حياة محمود المليجي الفنية في عام 1970، عندما اختاره المخرج العالمي يوسف شاهين لأداء دور «محمد أبوسويلم» في رائعة السينما المصرية «الأرض». 

ذلك الدور الذي مثّل خروجًا كاملًا عن النمط الشرير، وقدّمه فيه المليجي بصورة أثارت إعجاب الجمهور والنقاد على السواء، لما حمله من صدق وأداء داخلي عميق.

تلك التجربة المميزة فتحت له أبوابًا جديدة مع يوسف شاهين، حيث شارك بعدها في عدد من أبرز أفلامه، منها: «الاختيار»، و«العصفور»، و«عودة الابن الضال»، و«إسكندرية ليه»، و«حدوتة مصرية»، ليصبح بذلك أحد الوجوه الأساسية في أعمال شاهين ذات البعد الإنساني والسياسي.

يوسف شاهين: «الأداء رهيب.. نظراته ترعبني»

وفي مقابلة تلفزيونية شهيرة، لم يخفِ يوسف شاهين إعجابه الكبير بمحمود المليجي، واصفًا إياه بـ«ممثل بارع، يجسد الشخصيات بتلقائية شديدة، وأخاف من نظرات عينيه أمام الكاميرا». 

وأضاف شاهين: «يا نهار أبيض، الأداء رهيب.. في فيلم (عودة الابن الضال)، وأثناء تصوير مشهد وهو يودع ابنه، دفعني صدقه في الأداء للبكاء».

هذا التصريح لم يكن مجرد إشادة، بل شهادة من أحد كبار مخرجي السينما العالمية، تؤكد أن موهبة المليجي لم تكن عادية، بل وصلت إلى حد الإلهام الذي يصيب من حوله.

بدايات متواضعة وموهبة لافتة

ولد محمود المليجي في عام 1910 بمدينة القاهرة، لكن أصوله تعود إلى قرية «مليج» بمحافظة المنوفية، التي حمل اسمها كل حياته. 

في بداية مسيرته الفنية، التحق بفرقة الفنانة الكبيرة فاطمة رشدي، حيث كان يؤدي أدوارًا صغيرة لا تتعدى الظهور لدقائق على خشبة المسرح.

إلا أن موهبته لم تمر مرور الكرام، فاقتربت منه فاطمة رشدي، واكتشفت ما فيه من طاقة تمثيلية مختلفة، لترشحه لبطولة فيلم «الزواج على الطريقة الحديثة»، الذي لم يحقق النجاح المنتظر، ما دفعه إلى الانفصال عن الفرقة والانضمام إلى فرقة «رمسيس» الشهيرة بقيادة يوسف وهبي.

عمل المليجي في البداية ملقنًا، يتابع الحوارات خلف الكواليس، لكنه سرعان ما انتقل إلى التمثيل، بعد أن فُتحت أمامه الفرص لإبراز ما يمتلكه من قدرة على التقمص، ليصنع بذلك مدرسة خاصة به، في الأداء والتشخيص، ويصبح من الأسماء التي يُبنى عليها العمل الفني.

قاسم مشترك في النجاح

لم يكن من الغريب أن يوصف محمود المليجي بـ«القاسم المشترك لكل الأعمال الناجحة» في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، إذ ارتبط اسمه بأعمال خالدة وقف فيها أمام عمالقة السينما مثل فريد شوقي، ونجيب الريحاني، وأمينة رزق، وزكي رستم، وعبد الحليم حافظ، وسعاد حسني.

برع المليجي في أدوار الشر، لكن تنوعه كان هو سرّ خلوده، قدم الكوميديا بحرفية عالية، ونجح في أدوار الأب والشيخ والمعلم والقاضي، وأيضًا في الأدوار الوطنية التي تتطلب حسًا سياسيًا ومجتمعيًا.

النهاية الصامتة

ورحل محمود المليجي في 6 يونيو عام 1983، بعد أن سقط مغشيًا عليه أثناء استعداده لتصوير مشهد ضمن أحد أعماله، في مشهد مؤثر تكرر كثيرًا في أفلامه، لكنه هذه المرة كان حقيقيًا.

وبعد أكثر من أربعة عقود على رحيله، لا تزال نظراته الحادة وصوته المميز وأداؤه العميق حاضرة في ذاكرة السينما، لتؤكد أن «شرير الشاشة» كان في الواقع فنانًا استثنائيًا، وإنسانًا طيب القلب، وركنًا أصيلًا من أركان الفن العربي.

تم نسخ الرابط