4 علامات جلدية قد تكشف عن خلل في وظائف الكبد

الكبد من أهم الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، حيث يلعب دورًا محوريًا في تصفية السموم، وتنظيم عملية الأيض، وهضم الدهون، وتخزين الفيتامينات والمعادن، لكن حين يصاب الكبد بخلل في وظائفه، يبدأ الجسم بإرسال إشارات تحذيرية واضحة، أحيانًا لا تكون تلك الإشارات داخلية فقط، بل تظهر بشكل جلي على سطح الجلد، مما يجعل متابعة التغيرات الجلدية أمرًا ضروريًا للكشف المبكر عن مشكلات الكبد قبل تفاقمها.
الجلد مرآة «الكبد» الصامت
عندما يتعرض الكبد لأي خلل وظيفي، فإن الجسم يبدأ في فقدان توازنه الداخلي، ما يؤدي إلى تراكم المواد السامة والبيليروبين في الدم، وهي مواد من المفترض أن يعالجها الكبد ويطرحها خارج الجسم، ومع تراجع كفاءة الكبد في أداء هذه المهام، تبدأ تلك المواد بالتأثير على أنسجة الجسم المختلفة، خصوصًا الجلد، وهنا يظهر ما يُعرف بـ«العلامات الجلدية الدالة على أمراض الكبد»، وهي ليست علامات جمالية فحسب، بل قد تكون جرس إنذار خطير لمشكلة صحية أعمق.
«اليرقان» أو اصفرار الجلد
من أبرز العلامات الجلدية التي تشير إلى خلل في وظائف الكبد هو «اليرقان»، وهو تغير في لون الجلد وبياض العين إلى اللون الأصفر، ويحدث ذلك نتيجة تراكم مادة «البيليروبين» في الدم، وهي المادة الناتجة عن تكسير خلايا الدم الحمراء، وفي الحالات الطبيعية يتخلص منها الكبد بسهولة، ولكن عند وجود مشكلة في الكبد مثل «التهاب الكبد الفيروسي» أو «تليف الكبد»، فإن هذه المادة تتراكم في الجسم وتظهر على الجلد.
اليرقان لا يجب تجاهله أبدًا، خاصة إذا ترافق مع تغير في لون البول إلى البني أو الداكن، أو وجود حكة جلدية مزعجة، مما قد يشير إلى «انسداد القنوات الصفراوية» أو التهاب الكبد المزمن.
«الحكة الجلدية» دون سبب واضح
الحكة الجلدية المستمرة، والتي لا ترتبط بطفح جلدي أو تحسس، قد تكون علامة خفية على مرض في الكبد، حيث أن تراكم الأملاح الصفراوية تحت الجلد بسبب ضعف قدرة الكبد على تصفيتها، يؤدي إلى تهيج الأعصاب السطحية في الجلد، وتظهر هذه الحالة بشكل خاص في ساعات الليل أو عند الراحة.
وقد تكون هذه الحكة موضعية أو منتشرة في أنحاء الجسم كافة، وتعتبر «الكبد الصفراوي الأولي» أو «التهاب القنوات الصفراوية» من الأسباب الشائعة لمثل هذه الأعراض، وهي مشكلات يجب التعامل معها طبيًا بشكل فوري.
«الاحمرار في راحة اليد» (Palmar erythema)
احمرار باطن الكف من العلامات الجلدية الشهيرة التي قد تشير إلى وجود «مشكلات مزمنة في الكبد»، ويحدث هذا العرض نتيجة توسع الشعيرات الدموية تحت الجلد بفعل التغيرات الهرمونية التي يسببها فشل الكبد، وغالبًا ما يكون هذا العرض مصحوبًا بإحساس بالحرارة أو التهيج في راحة اليد.
يظهر هذا العرض بشكل خاص عند النساء الحوامل وأيضًا في حالات تليف الكبد الناتج عن الإفراط في تناول الكحول أو الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي طويل الأمد، وتكمن خطورة هذه العلامة في أنها قد تمر دون ملاحظة، لكن إدراكها مبكرًا يساهم في سرعة تشخيص خلل الكبد.
«الأورام العنكبوتية» أو توسع الشعيرات
تُعرف هذه الحالة علميًا بـ«Spider Angiomas» وهي عبارة عن شعيرات دموية صغيرة متوسعة على سطح الجلد تشبه شكل العنكبوت، تظهر غالبًا في الوجه أو الصدر أو الذراعين، وتعتبر من العلامات المرتبطة باضطرابات الكبد، خصوصًا في حالات تليف الكبد أو الكبد الدهني.
السبب في ظهور هذه الشعيرات هو اضطراب نسبة «الإستروجين» في الجسم، نتيجة تراجع قدرة الكبد على استقلاب الهرمونات، لذلك فإن هذه العلامات لا يجب اعتبارها مشكلة تجميلية فقط، بل هي «مؤشر بيولوجي» يستدعي مراجعة طبية عاجلة لتقييم حالة الكبد.
متى تستدعي العلامات الجلدية زيارة الطبيب؟
رغم أن بعض التغيرات الجلدية قد تكون ناتجة عن مشكلات بسيطة مثل الجفاف أو الحساسية الموسمية، فإن استمرار العلامات التالية يجب أن يكون دافعًا قويًا لزيارة أخصائي الكبد، وتشمل هذه العلامات «اصفرار الجلد»، «حكة لا تزول»، «توسع الشعيرات»، و«احمرار راحة اليد»، إذ إن تجاهل تلك الأعراض قد يؤدي إلى تفاقم المرض ووصوله لمراحل يصعب علاجها.
وفي ظل تزايد الإصابة بـ«أمراض الكبد المزمنة» مثل الكبد الدهني وتليف الكبد بسبب نمط الحياة الحديث، بات من الضروري تعزيز ثقافة المراقبة الذاتية للأعراض الجلدية، فالكشف المبكر عن أمراض الكبد يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في فاعلية العلاج وسرعة الشفاء.
الكبد… عضو حساس يحتاج إلى عناية مضاعفة
من الجدير بالذكر أن الكبد هو «العضو الصامت» في الجسم، فغالبًا لا يظهر أي أعراض واضحة حتى يصل المرض إلى مرحلة متقدمة، ولهذا فإن متابعة أي تغير في الجلد قد يكون الوسيلة الوحيدة لاكتشاف المرض مبكرًا، وتكمن خطورة أمراض الكبد في أن بعضها يمكن أن يتطور إلى فشل كبدي حاد أو حتى سرطان الكبد إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه في الوقت المناسب.
لذا فإن الحفاظ على صحة الكبد يبدأ من اتباع نظام غذائي متوازن، وتجنب الكحول، والامتناع عن الأدوية غير الموصوفة، والحرص على ممارسة الرياضة بانتظام، وكذلك المتابعة الدورية لوظائف الكبد، خاصة لمن يعانون من أمراض مزمنة أو تاريخ عائلي لمشكلات الكبد.
يجب التعامل مع أي «تغير جلدي مفاجئ» بجدية، لأن الجلد قد يكون نافذتك الوحيدة لرؤية ما يجري في الكبد من الداخل، وفي حالة ملاحظة أعراض مثل اليرقان أو الحكة أو الأورام العنكبوتية أو احمرار راحة اليد، لا بد من الإسراع في استشارة الطبيب المختص، لأن «الكبد» حين يصرخ، يختار الجلد ليوصل صوته.