من يعجز عن الجلوس للتشهد.. كيف يصلي؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي

الإفتاء تتعامل مع استفسارات المسلمين حول تفاصيل العبادات بكل «عناية» و«رحمة» وحرص على التيسير وفق تعاليم الإسلام السمحة وفي هذا السياق ورد إلى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية سؤال من أحد المسلمين يطلب فيه معرفة الحكم الشرعي لمن لا يستطيع الجلوس أثناء الصلاة مع ثني الركبة ويتساءل كيف يؤدي صلاته بشكل صحيح دون أن يقع في مخالفة أو تقصير.
وقد أوضح المركز عبر موقعه الرسمي أن «الشريعة الإسلامية» اهتمت بحال أصحاب الأعذار وسعت إلى التخفيف عنهم بكل الوسائل حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ﴾ مما يدل على أن الله لا يكلّف نفسًا فوق طاقتها وأن التكاليف الشرعية كلها مبنية على «اليسر» لا «العسر».
أحكام الصلاة لأصحاب الأعذار الجسدية
أوضح مركز الفتوى أن من عجز عن القيام للصلاة فعليه أن يصلي قاعدًا مع أداء الركوع والسجود ما استطاع فإن عجز عن السجود أو الركوع فعليه الإيماء فقط على أن يكون السجود أخفض من الركوع فإن لم يستطع الجلوس أصلًا جاز له أن يصلي مستلقيًا على ظهره ويوميء بعينيه أو رأسه حسب قدرته.
وقد استندت الإفتاء في بيانها إلى الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري عن الصحابي عمران بن حصين رضي الله عنه والذي جاء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنب» وهو دليل واضح على أن المريض أو العاجز لا يُكلف بأكثر من وسعه.
وأكد المركز أن الأصل في العبادات أن تُؤدى كاملة ما استطاع المسلم لذلك سبيلًا فإذا منعه عذر جسدي من أداء الصلاة على هيئتها المعروفة فإن له أن يصلي بالطريقة التي تناسب حالته الصحية مع ضرورة استحضار النية والخشوع والقيام بما يمكنه من الأركان.
الإفتاء توضح حكم الصلوات المتروكة عمدًا أو نسيانًا
وفي جانب آخر مرتبط بقضايا الصلاة ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال حول حكم الصلوات التي فاتت الإنسان سواء عمدًا أو نسيانًا وهل تكفي التوبة وحدها أم يجب القضاء أيضًا وقد أجابت الدار عبر صفحتها الرسمية أن قضاء الصلاة الفائتة واجب على المسلم في كل الأحوال سواء تركها لعذر غير مسقط أو بغير عذر.
وأضافت الإفتاء أن ترك الصلاة من أعظم الذنوب وأن التوبة منها لا تكون صحيحة إلا إذا اقترنت بالقضاء لأن من شروط التوبة الإقلاع عن الذنب ومن لم يقض ما فاته من الصلوات لا يُعد مقلعًا عنها.
وأكدت أن مجرد التوبة دون أن يعقبها قضاء لا يكفي لرفع الإثم بل لا بد من الجمع بين التوبة والقضاء لتكتمل شروط العودة الصادقة إلى الله عز وجل.
طريقة عملية لقضاء الصلوات الفائتة
وقدمت الإفتاء عبر أحد أمناء الفتوى طريقة بسيطة وعملية تساعد المسلم على قضاء ما فاته من صلوات وهي أن يبدأ أولًا بالاستغفار والتوبة الصادقة ثم يصلي الفرض الحاضر وبعده يصلي فرضًا فائتًا وهكذا حتى يتمكن من قضاء جميع الفروض التي فاتته.
كما أوضح أمين الفتوى أن من لا يتذكر عدد الصلوات الفائتة عليه أن يُقَدّر عدد الأيام التي غفل فيها عن الصلاة أو تركها ويبدأ في قضاء ما يغلب على ظنه أنه قد فاته مع الإكثار من الدعاء أن يعفو الله عنه ويتقبل سعيه.
الصلاة صلة دائمة مع الله
شددت الإفتاء في بيانها على أن الصلاة ليست مجرد عبادة روتينية بل هي «حبل موصول» بين العبد وربه تتجدد به العلاقة يوميًا وتُغسل فيه الذنوب وتُشحذ به الهمم كما جاء في قول الله تعالى ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَـهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ مما يؤكد أن إقامة الصلاة ليست تكليفًا ثقيلًا بل نعمة تربط العبد بربه وتمنحه الطمأنينة والسكينة.
موقف الإسلام من العذر والمرض
أكدت الإفتاء أن من رحمة الإسلام أن جعل التكاليف الشرعية مرتبطة بالاستطاعة ولا يُحاسب العبد إلا على ما يقدر عليه أما من ابتُلي بمرض أو عذر يمنعه من أداء بعض الأركان فإن له رخصة شرعية معتبرة وأجره كامل بإذن الله إذا صدق النية وحاول أداء ما يستطيع.
وفي هذا السياق دعت الإفتاء المسلمين إلى الحرص على تعلم أحكام الصلاة خاصة في حالات المرض أو السفر أو الظروف الطارئة حتى يكون أداؤهم سليمًا وموافقًا للشرع.
الجمع بين التيسير والانضباط
في ختام ردها شددت الإفتاء على أهمية التوازن بين «التيسير المشروع» و«الانضباط في العبادة» فلا يجوز للمسلم أن يتهاون في أداء الفريضة بدعوى العذر دون أن يكون له مبرر حقيقي كما لا ينبغي التشدد على النفس بما لا طاقة له به بل يجب السير على نهج النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال «إن الدين يُسر».
وأوضحت الإفتاء أن باب التوبة مفتوح دائمًا لكن لا بد من خطوات عملية ترافق التوبة منها أداء ما فات من الفرائض وتنظيم الوقت للصلاة والتوبة النصوح والإقبال على الله تعالى بقلب مخلص.