في اليوم العالمي ل «البهاق».. خطوات لتعزيز ثقة الأطفال المصابين بأنفسهم بفعالية

البهاق لا يعني نهاية الثقة بالنفس، بل قد يكون بداية رحلة مختلفة من الوعي والتقبل، في اليوم العالمي للبهاق تتجه الأنظار إلى ملايين الأطفال حول العالم الذين يواجهون تحديات يومية بسبب تغير لون بشرتهم نتيجة هذا المرض الجلدي المناعي، ولأن الطفولة هي المرحلة الأهم في تشكيل الشخصية وبناء الثقة، يصبح من الضروري التركيز على دعم هؤلاء الأطفال نفسيًا ومعنويًا وتمكينهم من تقبل أنفسهم والاندماج في المجتمع بدون خوف أو خجل.
البهاق ليس مرضًا معديًا بل تحدٍ نفسي
من الضروري أن نفهم أن البهاق لا يُعد مرضًا معديًا كما يظن البعض خطأ، بل هو اضطراب ناتج عن توقف الخلايا المسؤولة عن إنتاج الميلانين عن العمل، مما يؤدي إلى ظهور بقع فاتحة على الجلد، وقد يصيب أي شخص في أي عمر، إلا أن إصابة الطفل به تجعله أكثر عرضة للانعزال والخجل من شكله الخارجي، لذلك فإن العامل النفسي يلعب دورًا كبيرًا في التعامل مع البهاق لدى الأطفال، وعلى الوالدين أن يكونوا أول الداعمين لطفلهم كي لا يتأثر بتعليقات الآخرين أو نظراتهم.
الحديث مع الطفل بصدق دون خوف
أولى الخطوات التي يجب على الأهل اتباعها في التعامل مع طفلهم المصاب بـالبهاق هي الحديث معه بوضوح وصدق، حيث يجب شرح طبيعة المرض بلغة بسيطة تناسب عمره مع التأكيد على أنه لا يؤثر على صحته العامة أو قدراته أو ذكائه، وأن الاختلاف في الشكل الخارجي لا ينتقص أبدًا من قيمته كإنسان، فالصراحة مع الطفل تمنحه «الأمان العاطفي» وتجعله يشعر أنه ليس وحده، وأن أسرته تقف بجانبه بكل ثقة.

التعليم المبكر على قبول الذات
من المهم أن يتم تعليم الطفل منذ سن مبكرة أن لكل إنسان ما يميزه، وأن الشكل لا يُعرّف الشخص بل ما يحمله في قلبه وعقله، ويمكن تعزيز ذلك من خلال قراءة قصص لأطفال يعانون من البهاق أو أمراض جلدية أخرى، ومساعدته على التعبير عن مشاعره تجاه حالته، كذلك فإن تشجيع الطفل على الحديث عن البهاق مع أصدقائه ومعلميه بطريقة «إيجابية» تساعده في كسر حاجز الخجل وبناء الثقة.
دعم المدرسة والبيئة المحيطة
تلعب المدرسة دورًا مهمًا في تعزيز أو هدم ثقة الطفل بنفسه، لذلك لا بد من التواصل مع المعلمين والإداريين لتوعيتهم بطبيعة مرض البهاق وأهمية التعامل مع الطفل برفق واحترام، كما يجب تثقيف زملائه بعدم السخرية أو التنمر عليه، بل دعمه وتشجيعه على المشاركة في الأنشطة المختلفة، فشعور الطفل بأنه «مقبول» في بيئته الدراسية يساعده على النمو بشكل سليم نفسيًا واجتماعيًا.
دور العلاج في رفع المعنويات
قد لا يكون علاج البهاق متاحًا بشكل نهائي حتى الآن، لكن هناك خيارات طبية وتجميلية تُستخدم لتحسين المظهر الخارجي، مثل الكريمات الموضعية أو العلاج بالضوء أو مستحضرات التجميل الخاصة بإخفاء البقع، وهنا لا بد أن يُتاح للطفل الخيار في اتخاذ القرار بشأن استخدامها من عدمه، بحيث يشعر أن الأمر «اختياري» وليس إجباريًا لإرضاء الآخرين، فالشعور بالسيطرة على قراراته يعزز من ثقته بنفسه.
القدوة والتشجيع المستمر
من الضروري أن يرى الطفل نماذج إيجابية لأشخاص ناجحين يعانون من البهاق، سواء عبر وسائل الإعلام أو مواقع التواصل أو الكتب، كما يجب تشجيعه على تنمية مواهبه وممارسة هواياته دون أن يكون تركيزه منصبًا فقط على حالته الصحية، فكل نجاح يحققه الطفل في مجالات مختلفة هو بمثابة دفعة قوية لتعزيز «ثقته الذاتية» وشعوره بالتميز بعيدًا عن المظهر الخارجي.
تقبل الأسرة أول طريق العلاج النفسي
الأسرة هي الحصن الأول للطفل، وإذا لم يجد منها القبول والدعم، فإن ثقته بنفسه ستتزعزع من البداية، لذلك على الوالدين أن يعبروا باستمرار عن حبهم غير المشروط للطفل، وأن يتحدثوا عنه بطريقة «إيجابية» أمام الآخرين، كما يجب أن يتفادوا إشعاره بالشفقة أو المبالغة في الحماية الزائدة، فالتوازن بين الدعم والاستقلالية هو ما يمنحه القوة النفسية للتعامل مع تحديات البهاق.
حملات التوعية والتثقيف المجتمعي
بمناسبة اليوم العالمي للبهاق، تطلق العديد من المؤسسات الصحية والمنظمات المجتمعية حملات توعية تهدف إلى كسر الصور النمطية المرتبطة بالمصابين بهذا المرض، وتقديم رسائل دعم للأطفال وأسرهم، فمشاركة المجتمع في نشر ثقافة «التقبل» واحترام الآخر تساهم في خلق بيئة أكثر إنصافًا ورحمة، وتجعل الطفل يشعر أنه ليس غريبًا بل جزء من نسيج المجتمع الذي يقدّره كما هو.
البهاق لا يقلل من قيمة الطفل
الحديث عن البهاق يجب أن يكون مقرونًا دائمًا برسالة واضحة تقول إن قيمة الإنسان لا تتحدد بلونه أو مظهره الخارجي، بل بصفاته ومبادئه ومواهبه، ومن خلال الدعم الأسري والتوجيه التربوي السليم والاندماج المجتمعي، يمكن لكل طفل مصاب بـالبهاق أن يعيش حياة طبيعية مليئة بالحب والقبول والنجاح.