الخميس 10 يوليو 2025 الموافق 15 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

ما حكم «صندوق الزمالة» في بيئة العمل؟.. أمين الفتوى يوضح ويستشهد بالقرآن

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية

العمل في المؤسسات لا يخلو من التزامات اجتماعية وروابط إنسانية تدفع الزملاء للتعاون والتكافل فيما بينهم، ومن أبرز صور هذا التعاون انتشار ما يعرف بـ «صندوق الزمالة»، وهو نظام يهدف إلى جمع مبالغ مالية من العاملين شهريًا لدعم بعضهم البعض في حالات الوفاة أو المرض أو الأزمات، وفي هذا الإطار ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية حول الحكم الشرعي لإنشاء هذا الصندوق داخل بيئات «العمل»، وهل هو جائز شرعًا أم يدخل في نطاق المعاملات الربوية أو المحرمة.

وقد أجاب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، مؤكدًا أن «صندوق الزمالة» لا حرج فيه شرعًا إذا كان قائمًا على مبدأ التعاون والتكافل بين الزملاء دون أن يتضمن اشتراطات مالية تضر بأحد أو تخلق شبهة ربا، مستشهدًا بآية قرآنية تبين فضل التعاون بين الناس في الخير، حيث قال تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان».

ما هو صندوق الزمالة؟

يُعرف «صندوق الزمالة» بأنه نظام إداري ومالي يتم تأسيسه داخل مؤسسة أو جهة «عمل»، ويقوم على فكرة جمع مساهمات مالية من العاملين بشكل دوري، وغالبًا ما تكون شهرية، ويتم استخدام هذه الأموال في تقديم الدعم للعاملين عند الحاجة، كحالات الوفاة أو العلاج أو الحوادث أو حتى مساعدات الزواج والتعليم وغيرها.

وتُدار هذه الصناديق عادةً من خلال لجنة يتم انتخابها من بين العاملين أنفسهم، وتكون مسؤولة عن تحديد أوجه الإنفاق وتوزيع الأموال وفقًا للائحة داخلية يتفق عليها الجميع، وهو ما يعزز من روح «العمل» الجماعي ويقوي أواصر المودة والتراحم بين الزملاء.

هل يخضع الصندوق لأحكام المعاملات المالية؟

أوضح أمين الفتوى أن صندوق الزمالة لا يُعد من قبيل المعاملات التجارية أو الربوية، لأنه لا يهدف إلى الربح ولا يقوم على مبدأ استثمار الأموال أو إعطاء قروض بفوائد، بل يعتمد على التبرع المشترك والتكافل، وهي قيم عظيمة حث عليها الإسلام، كما أن الأموال المدفوعة من المشتركين في الصندوق تُعتبر بمثابة «تبرعات منظمة»، ومن ثم فلا يترتب عليها أي التزام شرعي بالرد أو ضمان الربح.

وفي سياق توضيحه لحكم الشرع، شدد الشيخ شلبي على ضرورة أن يكون نظام الصندوق شفافًا وواضحًا، وألا يتضمن بنودًا ملزمة تخرج عن مبدأ التبرع، مثل فرض غرامات على المتأخرين عن السداد، أو إلزام المستفيدين برد الأموال، لأن ذلك قد يحوّل طبيعة «العمل» التعاوني إلى طابع تعاقدي ربوي، وهو ما يجب تجنبه.

الاستشهاد بالقرآن والسنة

استدل فضيلة الشيخ بالآية الكريمة التي وردت في سورة المائدة: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان»، معتبرًا أن إنشاء مثل هذه الصناديق يدخل ضمن باب التعاون على البر، خاصة إذا كانت النية صافية والهدف إنساني واجتماعي.

وأشار أيضًا إلى أن السنة النبوية تضم العديد من النصوص التي تحث على التكافل بين المسلمين، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا»، موضحًا أن بيئات «العمل» تحتاج إلى مثل هذه المبادرات التي تخلق مناخًا إنسانيًا راقيًا وتدعم الاستقرار النفسي والاجتماعي للعاملين.

ضوابط شرعية لإنشاء صندوق الزمالة

حدد أمين الفتوى عددًا من الضوابط الشرعية التي ينبغي الالتزام بها عند تأسيس «صندوق الزمالة» في جهات «العمل»، ومن أبرزها:

أن يكون الاشتراك فيه اختياريًا وليس إلزاميًا

ألا يهدف الصندوق إلى الربح أو الاستثمار المالي

ألا يتضمن أي نوع من أنواع القروض بفائدة أو العوائد المشروطة

أن تكون اللائحة الداخلية واضحة وشفافة وموافَق عليها من جميع المشتركين

أن يتم اختيار القائمين على الصندوق من خلال إجراءات نزيهة وشفافة

وأكد الشيخ شلبي أن الالتزام بهذه الضوابط يضمن شرعية الصندوق ويُبعده عن أية شبهة مخالفة شرعية، موضحًا أن هذا النموذج من التعاون في بيئات «العمل» يعزز من قيم «الرحمة» و«الترابط» ويُعد امتدادًا لمقاصد الشريعة في تحقيق التكافل.

أثر صندوق الزمالة على بيئة العمل

إن إنشاء «صندوق الزمالة» داخل بيئة «العمل» لا يحقق فقط أهدافًا اجتماعية وإنسانية، بل له أثر مباشر على تحسين جودة «العمل» وتعزيز ولاء العاملين للمؤسسة، فالإحساس بوجود دعم من الزملاء يخفف من الضغوط النفسية والمادية، ويساهم في رفع الروح المعنوية للموظفين، وهو ما ينعكس إيجابًا على الأداء العام للمؤسسة.

كما أنه يعزز ثقافة المشاركة المجتمعية داخل المؤسسة، ويُعلّم الموظفين قيمة «العمل» الجماعي والتكافل، ويشجع على مزيد من المبادرات التي تخدم الصالح العام، ما يجعل المؤسسة بيئة أكثر استقرارًا واحتواءً للعاملين.

صندوق الزمالة ليس مجرد نظام مالي داخلي، بل هو تجسيد حقيقي لقيمة «التكافل» التي دعا إليها الإسلام، ومع التزامه بالضوابط الشرعية يمكن أن يكون وسيلة قوية لتعزيز التآخي والتعاطف بين الزملاء في بيئات «العمل»، وقد جاء توضيح دار الإفتاء ليضع الإطار الشرعي لهذا النموذج الإنساني، ويؤكد أن «العمل» الصالح لا يقتصر فقط على أداء المهام المهنية، بل يمتد ليشمل كل سلوك يُعزز من روابط المحبة والخير داخل المجتمع.

تم نسخ الرابط