جوجل تتخلى عن الواجب المنزلي في Lens وتُركّز على دمج Gemini AI

جوجل تقود موجة جديدة من الذكاء الاصطناعي

في خطوة تُعتبر من أكبر التغييرات في نهج الشركة خلال السنوات الأخيرة، أعلنت شركة «جوجل» عن تخليها الكامل عن ميزة «حل الواجبات المنزلية» في تطبيقها المعروف Google Lens، وذلك في إطار سعيها الحثيث لتركيز جهودها نحو دمج تقنيات «Gemini AI» الأكثر تطوراً وذكاءً، هذا القرار لم يكن مفاجئاً للكثير من المراقبين في قطاع التكنولوجيا، حيث بدا واضحاً خلال الأشهر الماضية أن «جوجل» تضع نصب أعينها إعادة صياغة استخدامات الذكاء الاصطناعي داخل منظومتها.

نهاية أداة المساعدة في الواجبات الدراسية

على مدار السنوات الماضية، استخدم ملايين الطلبة حول العالم خاصية Google Lens في «حل الواجبات» ومراجعة المعادلات الرياضية والأسئلة النظرية، حيث كان التطبيق يتيح للمستخدمين التقاط صورة للسؤال ليقوم بتحليله وتقديم الإجابة مع الشرح، إلا أن «جوجل» أكدت أن هذه الأداة لم تعد متوافقة مع رؤيتها المستقبلية في الذكاء الاصطناعي، لذلك قررت الشركة إيقاف هذه الميزة بالكامل والتركيز بدلاً منها على قدرات Gemini AI، التي تعتبر من أكثر مشاريع الذكاء الاصطناعي طموحاً في تاريخ «جوجل».

دمج Gemini AI داخل عدسة Google Lens

بحسب ما أعلنت «جوجل»، فإن Gemini AI سيتم دمجه بشكل تدريجي داخل عدسة Google Lens، بهدف تقديم تجربة أكثر عمقاً وتفاعلاً، لن يقتصر الأمر على تقديم إجابات جاهزة، بل سيتحول النظام إلى مساعد شخصي «يفكر» و«يحلل» و«يقترح» بناء على فهم السياق الكامل، مما يعني أن المستخدم عندما يلتقط صورة لمعادلة رياضية أو فقرة معقدة، سيحصل على تحليل دقيق وتفسير شامل بدل الإجابة الفورية، وهذا يتماشى مع تطلعات «جوجل» لبناء منظومة ذكاء اصطناعي تساعد الإنسان على «الفهم» وليس مجرد «الحفظ».

لماذا اتخذت جوجل هذا القرار؟

تقول «جوجل» إن الاتجاه الجديد يعكس التزامها بتطوير أدوات تساعد المستخدمين على التعلم الحقيقي، وليس فقط الاعتماد على الذكاء الاصطناعي كأداة غش أو حل سريع، واعتبرت الشركة أن أدوات مثل Gemini AI يجب أن توجه إلى «تمكين التفكير» وتحفيز الإبداع، وليس فقط تقديم حلول جاهزة، وهو ما يتوافق مع توجهات المؤسسات التعليمية التي أبدت مراراً تخوفها من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لحل الواجبات بشكل آلي، وقد استجابت «جوجل» لتلك المخاوف من خلال هذه الخطوة.

الفرق بين Lens القديم وGemini AI 

كان Google Lens في السابق يعمل بطريقة بسيطة نسبياً، حيث يتعرف على الصورة ثم يبحث عن إجابة مناسبة عبر خوارزميات محدودة، أما الآن، فمع دمج Gemini AI، سيكون بمقدور العدسة فهم أعمق لمحتوى الصورة وتحليلها ضمن سياقها الكامل، مثلاً إذا التقط الطالب صورة لمسألة فيزيائية تتعلق بالاحتكاك، فلن يحصل فقط على الإجابة، بل على شرح مفصل ومقارنة بين السيناريوهات المختلفة، وهذا يعكس الطفرة النوعية التي تسعى «جوجل» لتحقيقها في مجالات «التعليم التفاعلي» و«التعلم الذكي».

مخاوف المستخدمين ورد جوجل

رغم الحماس الكبير من قبل البعض تجاه Gemini AI، إلا أن هناك مخاوف من قبل شريحة من المستخدمين، خاصة الطلاب الذين كانوا يعتمدون على ميزة الواجب المنزلي بشكل يومي، إلا أن «جوجل» أكدت أن Gemini AI سيمنحهم فرصاً أوسع للتعلم وليس مجرد الحل، كما أشارت إلى أنها بصدد إطلاق سلسلة من التحديثات تشمل شروحات مرئية وتفاعلية ومقاطع فيديو تعليمية قصيرة من إنتاج «Gemini»، ما يجعل التجربة أكثر ثراءً وفعالية، وأضافت «جوجل» أنها تتفهم القلق لكنها تؤمن بأن التعليم الحقيقي لا يقوم على الإجابات بل على التفكير.

توجه شامل نحو Gemini في منتجات جوجل

لم تقتصر خطوات «جوجل» على Google Lens فقط، بل بدأت الشركة بإعادة بناء تطبيقاتها وخدماتها حول Gemini AI، فقد تم دمج الذكاء الاصطناعي المتقدم في «Gmail» و«Docs» و«Drive» وحتى «Chrome»، حيث يسهم Gemini في تقديم اقتراحات فورية وكتابة نصوص متقدمة وتحليل البيانات بدقة، وهو ما يعكس التزام «جوجل» بجعل Gemini العمود الفقري لأدواتها الحديثة، ويبدو أن الشركة تستعد لحقبة جديدة تكون فيها كل خدماتها مبنية على تفاعل ذكي وشخصي مع المستخدم.

مستقبل التعلم في عصر الذكاء الاصطناعي

ترى «جوجل» أن مستقبل التعليم لا يمكن أن ينفصل عن الذكاء الاصطناعي، لكنها تضع في اعتبارها ضرورة أن يكون هذا الذكاء داعماً لا بديلاً، لذلك وضعت الشركة استراتيجية واضحة تقوم على تحويل Gemini AI إلى أداة مساعدة تعليمية ذات طابع «تفاعلي» و«تثقيفي» وليس مجرد أداة لأداء الواجب، وتسعى «جوجل» من خلال هذه الرؤية إلى تغيير العلاقة بين التكنولوجيا والعقل البشري بحيث يكون الإنسان هو المحرك وصاحب القرار بينما تقدم التكنولوجيا الدعم والتحفيز.

قرار «جوجل» بالتخلي عن ميزة حل الواجبات في Google Lens والتركيز على دمج Gemini AI ليس مجرد تحديث تقني، بل هو إعلان عن مرحلة جديدة تعيد تعريف الذكاء الاصطناعي التعليمي، فبدلاً من تقديم الحلول الجاهزة، تهدف «جوجل» إلى خلق بيئة تعليمية أكثر عمقاً وفهماً، حيث يصبح المستخدم شريكاً في التفكير لا متلقياً فقط، وهو ما يعكس فلسفة «جوجل» في تطوير ذكاء اصطناعي مسؤول ومؤثر، ويؤكد أن الشركة لم تعد تكتفي بتقديم التكنولوجيا، بل تطمح إلى إعادة تشكيل طريقة تفاعل الإنسان معها.