الجمعة 18 يوليو 2025 الموافق 23 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل يجوز قطع «صلاة الفرض» لحاجة ضرورية؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي

الصلاة
الصلاة

صلاة الفرض من أعظم الواجبات الشرعية التي لا يجوز التهاون بها، ومع ذلك فقد ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال أثار اهتمام الكثيرين حول مدى جواز قطع «صلاة الفرض» إذا طرأ أمر مهم مثل انتظار مكالمة هاتفية مصيرية، وأوضحت الدار أن المعيار في ذلك يعود إلى تقدير المصلي نفسه، وبينت الرأي الشرعي المعتمد في المذاهب الإسلامية بهذا الخصوص.

هل يجوز قطع صلاة الفرض لأمر طارئ؟

تبدأ القصة حين ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية حول حكم «قطع صلاة الفرض» عند ورود مكالمة هاتفية بالغة الأهمية، وكان السائل يتساءل عما إذا كان يجوز له شرعًا أن يقطع صلاته ليرد على الهاتف ثم يعود ويبدأ صلاته من جديد، وقد جاءت إجابة الإفتاء مفصلة مبنية على قواعد الشريعة والمذاهب المعتمدة.

حيث أكدت دار الإفتاء أن المسألة تعتمد على تقدير المصلي نفسه للموقف، وأن «تحقيق المناط» أي تقييم الواقعة وربطها بالحكم، مرجعه إلى الشخص الذي يؤدي «الصلاة»، فإذا غلب على ظنه أن المكالمة ضرورية جدًا وأن فواتها يؤدي إلى ضرر جسيم أو ضياع مصلحة معتبرة لا يمكن تعويضها بعد انتهاء «الصلاة»، فيجوز له حينها أن يقطعها ويرد على الهاتف، شريطة أن يُقدَّر الأمر بقدره، أي ألا يتوسع في هذا الرخصة بما يفرغ «الصلاة» من معناها وأهميتها.

الضرورة تبيح قطع الصلاة بشروط محددة

أوضحت دار الإفتاء أن هناك حالات تُعد من الضرورات التي تجيز شرعًا «قطع صلاة الفرض» مثل إنقاذ حياة إنسان أو دفع ضرر محقق أو الاستجابة لاستغاثة عاجلة، مشيرة إلى أن هذه الأمور لا تقتصر على الجوانب الدينية فقط، بل تشمل الأمور الدنيوية إذا كانت معتبرة في ميزان الشرع.

فإذا كان من الضروري الرد على المكالمة بسبب أمر يتعلق بالأمن الشخصي أو مصلحة أسرة أو عمل لا يمكن تفويته، فإن الشريعة تبيح في هذه الحال قطع «الصلاة» على أن يقوم المصلي بعدها بإعادة الصلاة من بدايتها، وفي ذلك مراعاة لواقع الناس ومتغيرات الحياة العصرية.

الفرق بين الفرض والنافلة في حكم القطع

بينت دار الإفتاء أن «صلاة الفرض» تختلف عن صلاة النافلة في مسألة القطع، حيث إن قطع النافلة أسهل وأوسع في الرخصة، أما «صلاة الفرض» فلا يجوز قطعها إلا عند وجود حاجة ضرورية حقيقية لا يمكن تأجيلها، أما إن كانت الحاجة يمكن تداركها بتخفيف الصلاة أو تأخير المكالمة لدقائق معدودة فلا يجوز قطعها، وذلك حفاظًا على قدسية «الصلاة» وعدم التساهل فيها.

وأكدت الدار على أهمية أن يزن المصلي الموقف بدقة وأن يتحرى الصدق مع نفسه، لأن الشريعة تجعل «النية» والصدق في التقدير ركيزتين في الحكم على الأفعال، فإذا وجد في قرارة نفسه أن الحاجة غير مُلحة فإن قطع الصلاة حينها لا يكون جائزًا.

دليل فقهي من عهد الصحابة

استدلت دار الإفتاء بواقعة مهمة وردت في كتب السنة النبوية تدل على جواز التصرف أثناء «الصلاة» عند الحاجة، وهي قصة الصحابي الجليل أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه، كما ورد في صحيح الإمام البخاري ومسند الإمام أحمد وغيرهما، أنه كان يصلي في ساحة القتال وكان بيده لجام دابته، فلما بدأت الدابة تنزع منه وتتجه نحو الابتعاد، تبعها خشية أن تعود إلى مألفها فيشق عليه اللحاق بها بعد «الصلاة»، فأنكر عليه أحد الخوارج ذلك، فرد عليه الصحابي قائلا إنه شهد غزوات عديدة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه رأى من تيسيره على الناس، فاعتبر أن اللحاق بدابته في أثناء الصلاة أهون من فقدها.

وهذه الواقعة تدل على أن الصحابة فهموا أن «الصلاة» لا تُقطع إلا لحاجة حقيقية، ومع ذلك فإن الحركة فيها عند الحاجة كانت جائزة، مما يعطي مساحة من التيسير الذي قررته الشريعة للناس.

النية والتقدير الشخصي أساس الحكم

كررت دار الإفتاء في فتواها أن الحكم في هذه المسألة يخضع لتقدير المصلي نفسه، ومرجع ذلك إلى ما يغلب على ظنه من أهمية الأمر الطارئ، مع التأكيد على أن هذه الرخصة لا ينبغي أن تُستعمل إلا في أضيق الحدود، لأن «الصلاة» فريضة وركن من أركان الدين، فلا ينبغي أن يُستهان بها أو تُقطع لأسباب عادية.

كما أشارت إلى أن القاعدة الفقهية تقول إن «الضرورات تبيح المحظورات»، ولكنها أيضًا تقول إن «الضرورة تُقدَّر بقدرها»، أي لا يتوسع فيها بحيث تصبح عادة أو ذريعة للتقصير في أداء «الصلاة».

توجيه للمصلين في زمن التكنولوجيا

وفي ظل العصر الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، أصبح من الشائع أن يرن الهاتف أثناء «الصلاة»، ما يجعل البعض في حيرة من أمرهم، وهنا يأتي توجيه دار الإفتاء الذي يجمع بين «حُرمة الصلاة» من جهة، وبين «مراعاة الظروف العصرية» من جهة أخرى، فالتوازن مطلوب، والوعي بالمسؤولية ضروري.

فإذا كان الإنسان يعلم أنه ينتظر اتصالًا مهمًّا لا يمكن تجاهله، فعليه أن يؤخر الصلاة حتى يرد عليه، أو أن يتخذ احتياطاته قبل البدء في الصلاة، مثل وضع الهاتف على الوضع الصامت أو الاعتذار مسبقًا أو إعلام من ينتظرهم بالوقت المناسب للاتصال.

«الصلاة» أولى ولكن الشريعة رحيمة

«صلاة الفرض» تظل الركن الأعظم في حياة المسلم ولا ينبغي التساهل في أدائها أو قطعها لأي سبب إلا ما كان ضروريًا بالفعل، وقد راعت الشريعة ذلك فأعطت مساحة من التيسير ولكن بضوابط، وعلى المسلم أن يُقدّر الموقف بما يرضي الله ويُراعي ضميره، حتى لا تتحول الرخصة إلى تقصير.

تم نسخ الرابط