الثلاثاء 29 يوليو 2025 الموافق 04 صفر 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

جزيرة سانداي تكشف سر سفينة بريطانية غرقت قبل أكثر من قرنين

القارئ نيوز

في مشهد يجمع بين قسوة الطبيعة ودهشة الاكتشاف، تمكن فريق من العلماء والباحثين من تحديد هوية حطام سفينة تاريخية غرقت قبالة جزيرة سانداي الواقعة شمالي اسكتلندا، وهي منطقة لطالما عرفت بلقب «مهد حطام السفن في اسكتلندا» نظرًا لما شهدته من كوارث بحرية دامت لقرون.

270 سفينة غرقت بين 1480 و1973

تُعد جزيرة سانداي من أخطر النقاط البحرية في الشمال الأوروبي، حيث تتسم بمياه ضحلة، وتضاريس منخفضة، وعواصف مفاجئة. 

ومنذ القرن الخامس عشر، غرق فيها نحو 270 سفينة، ما جعلها مكانًا محفوفًا بالمخاطر لكل من يبحر قربها.

وفي فبراير 2024، جرفت الأمواج بقايا حطام ضخم إلى شواطئ الجزيرة، ليبدأ معها فصل جديد من البحث والتقصي في أعماق التاريخ البحري البريطاني.

تعاون محلي وعلمي لحماية الحطام

منذ وصول الحطام إلى الشاطئ، سارع سكان الجزيرة المحليون إلى المساعدة، وقاموا بالتنسيق مع علماء آثار من معهد «ويسيكس للآثار»، لنقل الحطام إلى أرض مرتفعة، حيث تم حفظه في خزان مملوء بالمياه العذبة، لمنع تعرض الأخشاب القديمة للتلف.

وبعد 18 شهرًا من الجهود العلمية، نجح الفريق في تحديد هوية الحطام باستخدام تقنيات متقدمة، منها تحليل حلقات الأشجار لتحديد زمن ومصدر الأخشاب.

تقنية «حلقات الأشجار» تحدد مصدر الخشب

أظهرت نتائج التحليل أن الأخشاب استُخرجت في منتصف القرن الثامن عشر من مناطق جنوب وجنوب غرب إنجلترا. 

هذا الدليل الزمني دفع الباحثين للبحث في السجلات البحرية والأرشيف الوطني البريطاني، حيث قادتهم الأدلة إلى السفينة البريطانية «إيرل تشاتام».

من سفينة حربية إلى صائدة حيتان

تبين أن «إيرل تشاتام» لم تكن مجرد سفينة صيد، بل كانت في الأصل فرقاطة حربية تابعة للبحرية الملكية، تُعرف سابقًا باسم «إتش إم إس هند»، ومزودة بـ24 مدفعًا.

 تم بناؤها في بورتسموث عام 1752، وشاركت في عدة معارك ضمن حرب السنوات السبع، منها حصار لويسبورغ وكيبيك ضد الفرنسيين في كندا.

لكن بعد بيعها عام 1784، تحولت السفينة إلى صائدة حيتان تجارية تعمل في شمال الأطلسي، وشاركت في أربع رحلات إلى القطب الشمالي، قبل أن تتعرض لحادث مروع قبالة سانداي في مارس 1788.

سانداي على طريق الحيتان

رغم موقعها البعيد، تقع سانداي على الطريق الرئيسي نحو القطب الشمالي، حيث كان صيد الحيتان يمثل نشاطًا اقتصاديًا مزدهرًا في القرن الثامن عشر. 

فقد كان زيت الحيتان يستخدم لتشغيل المصابيح وتزييت الآلات خلال الثورة الصناعية، وكان يباع بنحو 40 شلنا للطن، أي ما يعادل أكثر من 500 دولار اليوم.

نجاة الطاقم بالكامل

وفقًا لما نشرته صحيفة «أبردين جورنال» آنذاك، فإن السفينة تحطمت أثناء توجهها من نهر التايمز إلى القطب الشمالي، لكن المعجزة كانت في نجاة جميع أفراد الطاقم البالغ عددهم 56 شخصًا.

إرث بحري يعود للحياة

يشير الباحثون إلى أن استعادة هوية «إيرل تشاتام» تمثل خطوة مهمة في الحفاظ على التراث البحري البريطاني، وتعد مثالًا على قوة التعاون بين المجتمعات المحلية والمؤسسات الأكاديمية.

وقال أحد علماء الآثار المشاركين: «هذا النوع من الحطام يمنحنا نافذة على الماضي، ليس فقط من حيث التكنولوجيا البحرية، ولكن من خلال القصص الإنسانية المرتبطة بهذه السفن».

بهذا الاكتشاف، تواصل جزيرة سانداي سرد حكايات البحر التي كادت أن تُنسى، وتحول مأساة غرق السفن إلى لحظات من الفهم التاريخي والاستعادة الثقافية. 

وفي حين يستمر المحيط في إخفاء أسراره، تثبت جهود الباحثين أن كل حطام يحمل قصة تستحق أن تروى.

ويعد اكتشاف حطام «إيرل تشاتام» إنجاز أثري وتاريخي نادر يبرز أهمية جهود المجتمعات المحلية في حفظ التراث البحري، ويوثّق فصلًا مثير من تاريخ الملاحة البحرية.

تم نسخ الرابط