الأربعاء 08 أكتوبر 2025 الموافق 16 ربيع الثاني 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

الصين تنفق 38 مليار دولار لصناعة «الشرائح الإلكترونية»

الشرائح الصينية
الشرائح الصينية

في خطوة جديدة تعكس طموح «الصين» في قيادة العالم في مجال التكنولوجيا المتقدمة، أعلنت الحكومة عن استثمار ضخم يبلغ نحو 38 مليار دولار مخصص لدعم صناعة «الشرائح الإلكترونية» وتطوير بنيتها التحتية التقنية، حيث تسعى بكين من خلال هذا التمويل الهائل إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال أشباه الموصلات وتقليل الاعتماد على الدول الغربية، خاصة في ظل القيود الأمريكية المفروضة على تصدير التكنولوجيا المتقدمة إليها، مما يجعل هذا الاستثمار أحد أهم المشاريع الاستراتيجية في تاريخ الصناعة الصينية الحديثة.

استثمار تاريخي يعزز مكانة الصين التكنولوجية

يأتي إعلان «الصين» عن تخصيص 38 مليار دولار ضمن خطة وطنية كبرى تهدف إلى بناء قدرات قوية في قطاع أشباه الموصلات الذي يعد العمود الفقري لصناعة الأجهزة الذكية والسيارات الكهربائية والحواسيب المتقدمة، وتؤكد بكين أن هذا التمويل سيُوجّه لدعم الشركات المحلية المنتجة للشرائح وتوفير المعدات والكوادر الفنية اللازمة لتسريع عمليات الإنتاج، إضافة إلى الاستثمار في البحث والتطوير وإنشاء مراكز ابتكار جديدة، وهو ما يجعل «الصين» تقترب تدريجيًا من منافسة عمالقة هذا المجال مثل الولايات المتحدة وتايوان وكوريا الجنوبية.

سباق عالمي للسيطرة على صناعة الشرائح

تشهد صناعة «الشرائح الإلكترونية» في السنوات الأخيرة سباقًا محمومًا بين القوى الاقتصادية الكبرى، حيث تعتبر هذه الشرائح أساس التطور في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والاتصالات المتقدمة، وتدرك «الصين» أن من يسيطر على هذه الصناعة يمتلك مستقبل التكنولوجيا العالمي، لذلك تعمل على مضاعفة استثماراتها بشكل متسارع، بينما تحاول الدول الغربية فرض قيود على تصدير المعدات والبرمجيات إليها، لكن بكين ترد على ذلك بتعزيز الإنتاج المحلي وإطلاق مبادرات مثل «صُنع في الصين 2025» التي تركز على تحقيق الريادة في التكنولوجيا الدقيقة.

دعم حكومي غير مسبوق لتقليل الاعتماد الخارجي

تولي الحكومة في «الصين» أهمية خاصة لتقوية صناعاتها التقنية، حيث تشير التقارير إلى أن التمويل الأخير سيُدار من خلال «صندوق الاستثمار القومي للدوائر المتكاملة»، وهو أحد أكبر الصناديق الحكومية في البلاد، وسيساهم هذا الصندوق في دعم الشركات الناشئة والمتوسطة لتطوير قدراتها الإنتاجية وابتكار حلول جديدة لتصميم الشرائح، كما تسعى الحكومة إلى خلق منظومة متكاملة تبدأ من توفير المواد الخام وصولًا إلى مراحل التصنيع النهائية، وهو ما يجعل «الصين» أقل تأثرًا بالعقوبات أو التقلبات التجارية الدولية.

تعزيز التعاون بين الشركات المحلية

تتجه «الصين» نحو دمج الجهود بين الشركات الحكومية والخاصة لتسريع نمو صناعة «الشرائح الإلكترونية»، حيث أعلن عدد من أكبر المصانع في شنغهاي وشنتشن عن خطط توسعية لزيادة الطاقة الإنتاجية، كما يتم تطوير خطوط تصنيع جديدة تستخدم أحدث تقنيات الطباعة الضوئية الدقيقة، إضافة إلى تدريب الكفاءات المحلية في الجامعات والمعاهد التقنية لتلبية احتياجات السوق المتنامية، وتُعد هذه الخطوات جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى بناء منظومة صناعية قادرة على المنافسة عالميًا.

التأثير الاقتصادي والاستراتيجي للاستثمار

يُتوقع أن ينعكس هذا الاستثمار الضخم إيجابيًا على الاقتصاد المحلي في «الصين»، حيث سيوفر آلاف فرص العمل الجديدة ويعزز من الصادرات في مجال التكنولوجيا، كما سيساهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية التي تسعى إلى الدخول في شراكات مع الشركات الصينية، ومن جانب آخر فإن امتلاك قدرة مستقلة في إنتاج الشرائح سيمنح «الصين» قوة تفاوضية أكبر في السوق العالمية، خاصة في ظل الصراع التجاري مع الولايات المتحدة، مما يجعل هذا المشروع أحد أعمدة الأمن القومي التكنولوجي في البلاد.

التحديات التي تواجه الصين في سباق الشرائح

رغم أن «الصين» حققت تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة في الوصول إلى المستوى التقني الذي تمتلكه الشركات الغربية مثل «TSMC» و«Intel» و«Samsung»، فالتكنولوجيا الدقيقة لصناعة الشرائح تحتاج إلى معدات معقدة وتقنيات طباعة نانوية لا تزال الصين تعمل على تطويرها محليًا، كما تواجه البلاد صعوبات في استيراد بعض المكونات الحساسة بسبب القيود الأمريكية، لكن بكين تواصل الاستثمار بكثافة في البحث العلمي والتدريب لتقليل هذه الفجوة التكنولوجية.

مستقبل صناعة الشرائح في الصين

يبدو مستقبل «الصين» في مجال الشرائح الإلكترونية واعدًا، فمع الدعم المالي الهائل والسياسات التحفيزية الموجهة للشركات المحلية، من المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة طفرة غير مسبوقة في الإنتاج والابتكار، كما تشير التوقعات إلى أن الصين ستصبح خلال عقد من الزمن من أبرز المنتجين العالميين للرقائق الدقيقة، خاصة مع دخول جيل جديد من المهندسين المبدعين والأسواق المتعطشة للتكنولوجيا الصينية، حيث يمثل هذا الاستثمار خطوة جديدة في طريق بناء «قوة تكنولوجية مستقلة» قادرة على منافسة أقوى الاقتصادات العالمية.

استثمار «الصين» بقيمة 38 مليار دولار في صناعة الشرائح الإلكترونية يمثل إعلانًا واضحًا عن نيتها في السيطرة على مستقبل التكنولوجيا الحديثة، فهي لا تسعى فقط إلى دعم شركاتها المحلية بل إلى بناء منظومة متكاملة تجعلها مكتفية ذاتيًا ومتفوقة صناعيًا، ومن المتوقع أن تثمر هذه الجهود عن نتائج ملموسة خلال السنوات القادمة، مما يغير خريطة التكنولوجيا العالمية ويمنح «الصين» موقع الصدارة في عالم الابتكار والإنتاج.

تم نسخ الرابط