السبت 18 أكتوبر 2025 الموافق 26 ربيع الثاني 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

الإفتاء توضح حكم «تغيير النذر» واستبداله بالمال للفقراء

المال
المال

النذر من العبادات التي تتعلق بالنية الصادقة والعهد مع الله، وقد بينت دار الإفتاء المصرية أن تغيير «النذر» من نوع إلى آخر أو استبداله بما هو أفضل منه شرعًا يعد من الأمور الجائزة، وأكدت أن إخراج القيمة المالية المكافئة للنذر أو ما يزيد عنها لا حرج فيه إذا كان ذلك في مصلحة الفقراء والمحتاجين، لما في ذلك من «تعظيم النفع» وتوسيع دائرة الخير التي قصدها الناذر عندما ألزم نفسه بهذا العمل التعبدي.

جواز استبدال النذر بما هو أفضل

أوضحت دار الإفتاء أن الأصل في «النذر» هو الوفاء به كما حدده الإنسان في بداية نذره، فإذا نذر صومًا أو صدقة أو ذبحًا فعليه أن يؤدي ما نواه بالهيئة نفسها ما دام قادرًا على التنفيذ، إلا أن الشريعة الإسلامية تفتح الباب للخير الأوسع وتحث على ما هو أكثر نفعًا، لذلك أجاز العلماء تغيير «النذر» إلى ما هو أفضل منه إذا كان هذا التغيير يؤدي إلى تحقيق مصلحة أعم للفقراء والمحتاجين، أو يعظم أثر العمل الصالح في المجتمع، مثل أن ينذر المسلم ذبح شاة ثم يرى أن الفقراء بحاجة إلى مال أو طعام أكثر نفعًا فيبدل الذبح بقيمة مالية تزيد الخير وتحقق المقصود من النذر وهو التقرب إلى الله.

وأكدت الدار أن الناذر إذا قام بإخراج ما يعادل قيمة «النذر» أو أكثر منها فإن ذلك جائز ولا حرج فيه، بشرط أن يكون الهدف من هذا التبديل هو المصلحة العامة ومراعاة حاجة المحتاجين، مشيرة إلى أن «الإخلاص في النية» هو الأساس في قبول العمل وأن «النية الصادقة» هي التي ترفع قدر النذر وتجعل له ثوابًا مضاعفًا.

ما لا يجوز في النذر

وفي المقابل شددت دار الإفتاء على أن ما لا يجوز شرعًا هو تقليل قيمة «النذر» أو استبداله بما هو أدنى في الصفة أو الأثر، لأن ذلك يخالف مقصود النذر من الوفاء والتعظيم، فإذا نذر شخص ذبح بقرة فلا يجوز له أن يذبح خروفًا بدلًا منها، أو أن يتصدق بمبلغ أقل مما يوازي قيمتها، لأن هذا يعد إخلالًا بواجب الوفاء بالنذر الذي أوجبه الإنسان على نفسه، وأوضحت الدار أن «النذر عبادة توجب الوفاء» طالما تعلقت بطاعة الله، وعلى الناذر أن يؤديها كما التزم بها إلا لعذر شرعي معتبر.

تحقيق المصلحة الأرجح

وأضافت دار الإفتاء أن من مقاصد الشريعة «تحقيق المصلحة الراجحة» للناس، فإذا كان في تغيير «النذر» إلى صورة أخرى خير أعظم أو نفع أشمل جاز ذلك، مثل أن يقرر الشخص بعد نذره أن يتصدق بالمبلغ المالي بدلًا من الذبح، لأن في المال توسعة لأحوال الفقراء وقدرة على تغطية حاجاتهم المختلفة، وهذا الرأي ذهب إليه كثير من الفقهاء والمحققين الذين رأوا أن المراد من النذر هو التقرب إلى الله بما يحقق النفع لا بالهيئة فقط، بل بالمضمون والمقصد.

الوفاء بالنذر كما عيّنه الناذر

وأكدت الإفتاء أن الأصل في «النذر» أن يلتزم الناذر بما عينه إن كان طاعة، فإذا نذر صيامًا أو صلاة أو صدقة أو حجًا فعليه أن يؤدي ما نواه على صورته الأصلية، لأن النذر عبادة خاصة ترتبط بالعهد والالتزام، ولا يجوز التهاون فيها أو التعامل معها بخفة، فالنذر وعد مع الله، ومن أوفى بعهده نال القبول والأجر العظيم، كما أن «الإخلال بالنذر دون عذر» يعد تقصيرًا في الوفاء بالعهد الذي أوجبه العبد على نفسه.

تغيير النية في النذر

وفي سياق متصل أجاب الشيخ محمد وسام أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد إلى الدار حول «هل يجوز تغيير النية في النذر»، فقال إن المسلم عليه أن يفي بالنذر كما نواه وتلفظ به، فلا يجوز له أن يغير النية بعد أن ألزم نفسه بما قال، موضحًا أن من نذر الصدقة بمال فعليه أن يتصدق بالمال، ومن نذر الذبح فعليه أن يذبح، ومن نذر الصوم فعليه أن يصوم، فالأصل هو الالتزام اللفظي والفعلي بما حدده الإنسان في نذره.

وأضاف الشيخ وسام أن تغيير «النذر» لا يكون بتبديل النية وإنما يكون بالتعويض أو الاستبدال إلى ما هو أفضل منه كما قررت دار الإفتاء، أما تغيير النية من نوع إلى آخر دون سبب شرعي أو دون تحقيق مصلحة راجحة فهو غير جائز لأنه إخلال بالوعد، مشيرًا إلى أن النذر من الطاعات التي تتطلب الصدق والثبات وعدم التراجع.

كفارة عدم الوفاء بالنذر

وبيّن الشيخ محمد وسام أن من لم يستطع الوفاء بما نذره فعليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم الإنسان أهله، أو كسوتهم، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وذلك لأن «النذر» حين يتعذر الوفاء به يعامل معاملة اليمين في الكفارة، وهذا ما اتفقت عليه أقوال العلماء المعاصرين، موضحًا أن الإسلام دين اليسر لا العسر، وأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، ولذلك جعل للمتعذرين بابًا للكفارة حتى لا يتحول «النذر» إلى مشقة أو حرج.

مقصد النذر في الإسلام

النذر في الإسلام ليس وسيلة للضغط على النفس أو إلزامها بما لا تطيق، بل هو تعبير عن «الإخلاص والرغبة في التقرب إلى الله»، وقد كان الصحابة والتابعون يرون النذر عهدًا صادقًا بين العبد وربه، يؤكد صدق النية وشكر النعمة، ومن هنا جاءت أهمية «الوفاء بالنذر» وعدم الاستهانة به، لأن الله سبحانه وتعالى أثنى على الذين يوفون بالنذر في قوله تعالى «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا»، مما يدل على أن النذر عبادة عظيمة وشأنها كبير في ميزان الطاعة.

خلاصة ما أكدته دار الإفتاء المصرية أن «النذر» يجب الوفاء به كما هو إن كان من الطاعات، ويجوز تغييره إلى ما هو أفضل في النفع أو الأثر بشرط أن تتحقق المصلحة الشرعية وأن تبقى النية خالصة لله، كما يجوز إخراج قيمته المالية للفقراء والمحتاجين إذا كان ذلك أكثر نفعًا، أما التقليل من قيمته أو تحويله إلى ما هو أدنى فغير جائز، لأن في ذلك انتقاصًا من معنى النذر وأثره التعبدي، وعلى المسلم أن يتذكر أن النذر عهد مع الله لا يُستهان به، وأن الوفاء به علامة صدق الإيمان.

تم نسخ الرابط