الإفتاء تؤكد بطلان «البشعة» وتحسم جدل الموروثات الخاطئة
أكدت الإفتاء في بيانٍ جديد أن ما يُعرف باسم «البِشْعَة» لا يمت بصلة إلى الشريعة الإسلامية، موضحة أن هذه الممارسة القائمة على إلزام المتَّهَم بِلَعْق إناءٍ نحاسي مُحمّى حتى الاحمرار ليست إلا عادة باطلة تُخالف مبادئ الإسلام ومقاصده، وشدّدت «الإفتاء» على أن اللجوء إلى مثل هذه الأساليب يُعد محرَّمًا شرعًا لما فيه من إيذاء وتعذيب وإضرار بالإنسان، مؤكدة أن الشريعة الإسلامية وضعت منهجًا واضحًا لإثبات الحقوق يقوم على «البَيِّنات» الشرعية المعتبرة كما جاء في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «البَيِّنة على من ادَّعى، واليَمِين على من أنكر»، وهو منهج يرسخ قواعد العدل ويُبعد المجتمع عن أي ممارسات تُهين الإنسان أو تُعرضه للضرر.
البِشْعَة بين الموروث الشعبي والشريعة الإسلامية
تُشير «الإفتاء» إلى أن البِشْعَة ليست سوى بقايا من موروثات قديمة اختلطت فيها الخرافة بادعاءات تحصيل الحق عبر الإيذاء، وأن هذه الممارسات لا تُقرها الشريعة بأي صورة، وتُبرز «الإفتاء» أن مقاصد الشريعة الإسلامية تهدف إلى حماية النفس البشرية وصيانة كرامة الإنسان، وهو ما يجعل أي ممارسة تُعرِّضه للضرر أو الإيذاء مرفوضة شرعًا، وتوضح أن الإسلام لم يُبح يومًا أي وسيلة تعتمد على التعذيب أو الامتهان أو الضغط النفسي، بل جاء ليُكرم الإنسان ويُعلي من شأن كرامته، لذلك تُعد البِشْعَة مخالفة صريحة لهذه المقاصد باعتبارها تُهدر كرامة الإنسان وتشوه صورته وتُعرِّضه للأذى دون دليل أو حق، وتلفت «الإفتاء» إلى أن انتشار مثل هذه الموروثات الباطلة يعود إلى الجهل بطرق القضاء الشرعية وإلى ضعف الوعي بالحقوق والوسائل المشروعة لإثباتها، وهو ما يستدعي تنبيهًا مجتمعيًا قويًا وواعيًا.
مسؤولية المجتمع في مواجهة الممارسات الباطلة
تؤكد «الإفتاء» أن مسؤوليتها الشرعية والوطنية تُحتم عليها أن تنشر الوعي بين الناس بخطورة هذه الممارسات وآثارها النفسية والاجتماعية، وتوضح أن حماية الفرد من الإضرار به ليست مجرد واجب شرعي بل هي مسؤولية مجتمعية كبيرة تشارك فيها جميع فئات المجتمع، وتشدِّد «الإفتاء» على ضرورة تعزيز ثقافة «الرحمة» و«العدالة» والتعامل مع القضايا والخلافات بطرق شرعية وقانونية واضحة تحفظ الحقوق وتمنع الظلم، وتشير إلى أن اللجوء إلى البِشْعَة يعكس ضعفًا في المعرفة بطرق التقاضي الصحيحة وابتعادًا عن روح الإسلام الذي حارب الظلم ودعا إلى إقامة العدل بالحق لا بالتعذيب أو الإهانة، وتوضح أن المجتمع بحاجة إلى توعية واسعة تُعيد الثقة إلى المؤسسات الشرعية والقانونية التي وُضعت لحماية الناس وحفظ حقوقهم، وترى «الإفتاء» أن نشر الوعي الصحيح يقلل من انتشار الممارسات الضارة التي تُنسب ظلمًا إلى التراث بينما هي في الحقيقة مخالفات شرعية يجب تركها.
الشريعة الإسلامية ومكانة الإنسان
تُبرز «الإفتاء» في سياق حديثها أن الشريعة الإسلامية قامت على حفظ المصالح الإنسانية وصيانة حقوق الإنسان، وتوضح أن الإسلام يعامل الإنسان على أنه مخلوق مُكرَّم له حقوق لا يجوز التعدي عليها، لذلك فإن أي ممارسة تقوم على الإيذاء أو التعذيب أو الامتهان تُعد خروجًا عن روح الشريعة ومعانيها، وتبيّن «الإفتاء» أن الاحتكام إلى الأدلة الشرعية هو الطريق الصحيح للفصل في النزاعات وأن الإسلام لم يجعل القضاء وسيلة لإيذاء المتهمين أو إذلالهم بل جعل العدل أساس الحكم، كما تشير «الإفتاء» إلى أن الشريعة حدَّدت الأدلة الشرعية بدقة وجعلت من «البَيِّنات» و«الشهادة» و«اليمين» طرقًا ثابتة لإثبات الحق ونفي التهم، وهي طرق تُعلي من شأن العقل والقانون وتبتعد تمامًا عن الأساليب البدائية التي تُعرِّض الإنسان للمهانة، وترى «الإفتاء» أن ربط الممارسات الباطلة بالشريعة يمثل خطرًا على المجتمع لأنه يخلط بين الدين والعادات ويُضلل الناس عن الحقيقة.
دعوة الإفتاء إلى نبذ الموروثات المؤذية
وفي ختام بيانها تُوجه «الإفتاء» دعوة صريحة إلى المجتمع بضرورة حفظ كرامة الإنسان والابتعاد عن كل ممارسة تُعرِّضه للأذى أو الظلم، وتوضح أن الاحتكام إلى شرع الله وإلى القوانين التي تنظم الحياة هو السبيل الأمثل لضمان العدالة واستقرار المجتمع، وتؤكد «الإفتاء» أن رحمة الإسلام أوسع من أن تُختزل في عادات أو أساليب تُهين الناس أو تُلحق بهم الضرر، وأن العدل الذي جاء به الإسلام يقوم على القيم الراسخة لا على موروثات خاطئة لا تمت للحق بصلة، وتدعو «الإفتاء» الله تعالى أن يرزق المجتمع البصيرة وأن يُلهم الناس الحكمة والرشد وأن يجعل بين أفراد المجتمع روحًا من السكينة والرحمة، وتوضح «الإفتاء» أن وعي المجتمع هو الحصن الأول ضد كل ممارسة مؤذية أو عادة باطلة تُسيء للإنسان وللشريعة معًا، وتعود «الإفتاء» لتؤكد أن الحفاظ على الإنسان هو المقصد الأسمى للشريعة الإسلامية وأن أي انحراف عن هذا المبدأ يُعد مخالفة صريحة يجب التصدي لها.



