«ذكرى زلزال ديسمبر».. حين نفي الإنجليز سعد زغلول إلى سيشيل
ذكرى نفي سعد زغلول.. يحلّ علينا اليوم، الثالث والعشرون من ديسمبر، حاملاً معه أصداء مرحلة مفصلية في تاريخ مصر الحديث؛ ففي مثل هذا اليوم من عام 1921، أقدمت سلطات الاحتلال البريطاني على واحدة من أكثر خطواتها حماقة وتحدياً لمشاعر المصريين، وهي نفي «زعيم الأمة» سعد زغلول ورفاقه للمرة الثانية، ولكن هذه المرة إلى جزيرة سيشيل النائية في قلب المحيط الهندي.
لم يكن هذا التاريخ مجرد إجراء إداري لقمع ثورة، بل كان اختباراً جديداً لصلابة الشعب المصري الذي آمن بأن استقلال بلاده لا يمر إلا عبر بوابة الحرية والكرامة.
إن ذكرى نفي سعد زغلول الثانية تفتح الباب لقراءة تضحيات جيل بأكمله، رفض أن ينكسر أمام آلة القمع البريطانية، وجعل من منفى زعيمه وقوداً لنيران ثورة لا تنطفئ، لتظل هذه الواقعة شاهدة على أن إرادة الشعوب أقوى من السجون والمنافي.
من «مالطة» إلى «سيشيل».. رحلة النضال التي لم تنكسر
لم يكن نفي سيشيل هو التجربة الأولى لسعد زغلول مع «الغياب القسري»، بل سبقتها التجربة الأشهر حين تم اعتقاله ونفيه للمرة الأولى إلى جزيرة مالطة في 8 مارس عام 1919.
في ذلك الوقت، ظن الإنجليز أن تغييب القائد سيؤدي إلى وأد الحلم، لكن النتيجة كانت عكسية تماماً؛ حيث انفجرت «ثورة 1919» الكبرى، التي تعد واحدة من أقوى أسباب زعامة سعد زغلول وتكريسه كأب روحي للوطنية المصرية.
تحت ضغط الثورة الهائل والاضطرابات التي شلت مفاصل الدولة، لم تجد إنجلترا بداً من عزل الحاكم البريطاني والإفراج عن سعد زغلول وزملائه، ليعودوا مجدداً إلى أرض الوطن في 29 مارس 1921.
وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، سمحت بريطانيا للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلى «مؤتمر الصلح في باريس» ليعرض قضية استقلال مصر على القوى الدولية، وهي الرحلة التي حملت معها آمال الملايين، لكنها اصطدمت بصخرة المصالح الاستعمارية.
نفي سعد زغلول واشتعال الثورة للمرة الثانية
عاش الوفد المصري في باريس أياماً عصيبة، حيث لم يجد استجابة حقيقية من أعضاء مؤتمر الصلح لمطالب الاستقلال، مما ولد حالة من الإحباط تحولت لاحقاً إلى طاقة غضب كبرى في الشارع المصري.
ومع عودة سعد زغلول وتصاعد لهجته ضد الاحتلال، ألقى الإنجليز القبض عليه مرة أخرى في مثل هذا اليوم من عام 1921، ونفوه إلى جزيرة سيشيل.
هذا القرار كان بمثابة «عودة الثورة لاشتعالها»؛ فبدلاً من أن يهدا المصريون، ازداد حماسهم بشكل غير مسبوق، وانطلقت المظاهرات في كل الميادين.
ولم تقتصر المواجهة على الهتافات فقط، بل ابتكر المصريون سلاحاً جديداً هز أركان الإمبراطورية، وهو «مقاطعة البضائع الإنجليزية».
قاطع الشعب كل ما هو بريطاني، مما ألحق خسائر اقتصادية فادحة بالمحتل، وزاد من اشتعال الثورة في الأرياف والمدن، رغم محاولات إنجلترا المستميتة للقضاء على التحركات الشعبية بالقوة الغاشمة.
لجنة «ملنر» وصخرة الصمود الشعبي
حينما أدركت بريطانيا أن العنف والقمع لن يجدي نفعاً مع شعب قرر نيل حريته، حاولت الالتفاف على المطالب الشعبية عبر القنوات الدبلوماسية.
فبعثت لجنة لمعايشة الأحوال في مصر بقيادة اللورد «ملنر»، وكان الهدف منها البحث عن حلول تبقي على المصالح البريطانية تحت غطاء إصلاحي.
إلا أن الشعب المصري، بوعيه الفطري، أعلن مقاطعة اللجنة مقاطعة تامة. تم التصدي لها بكل الطرق الممكنة، ورفع المصريون شعاراً واحداً: «لا تفاوض إلا مع سعد».
لقد كان الهدف من هذه المقاطعة إجبار بريطانيا على الاعتراف بسعد زغلول بصفته الممثل الوحيد والشرعي للأمة، وهو ما وضع الاحتلال في مأزق دولي وأخلاقي كبير، وأثبت أن الزعيم حتى وهو في منفاه بـ «سيشيل»، لا يزال يمسك بزمام الأمور في القاهرة.
عودة «زعيم الأمة» وتتويج النضال في صناديق الاقتراع
بعد أربع سنوات قضاها سعد زغلول منفياً ومناضلاً، لم تجد بريطانيا سبيلاً سوى الاستسلام لإرادة المصريين.
عاد «زعيم الأمة» إلى أرض الوطن في عام 1923، في مشهد تاريخي لا ينسى، حيث استقبله الشعب استقبال العاشق لفقيده الذي دفع من عمره سنوات خلف البحار من أجل قضية بلده.
- سعد
- زغلول
- الاضطراب
- مال
- الاحتلال البريطاني
- حلم
- ديسمبر
- طاقة
- البحث
- مشاعر
- الأمة
- المحيط
- ثورة 1919
- النضال
- الشرع
- القوة
- واقعة
- مقاطع
- كرامة
- تمر
- البضائع
- المصريين
- أسهم
- آلام
- الدول
- المدن
- الدولة
- اقتصاد
- ضغط
- وقت
- قلب
- تسلا
- صلاح
- اعتقال
- المصري
- بضائع
- العنف
- أمن
- سلاح
- عرض
- السفر
- الوقت
- طالب
- الهند
- مؤتمر
- التاريخ
- بريطانيا
- الاضطرابات
- مصر
- عاشق
- شاهد
- سلطات الاحتلال
- الاحتلال
- باريس
- قرار
- شاعر ا
- حماس
- مقاطعه
- مصريين
- النتيجة
- القارئ نيوز



