«ملف عمره 77 عاما»..البرلمان يفتح جراح الإيجار القديم والسجيني يطالب بحلول دستورية

في جلسة وصفها بأنها تحمل طابعًا تاريخيًا، شدد رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، النائب أحمد السجيني، على أهمية مناقشة تعديلات قانون الإيجار القديم، مؤكدًا أنها تمثل محطة مفصلية في المسار التشريعي للبرلمان، وأنها تستجيب لتوجيهات سابقة للرئيس عبدالفتاح السيسي بضرورة التدخل التشريعي لحل هذه الأزمة المتراكمة منذ عقود.
وقال السجيني، خلال اجتماع اللجنة الذي عُقد اليوم الأحد لمناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإيجار القديم، إن هناك حاجة ماسة إلى إعادة التوازن في العلاقة بين المالك والمستأجر، ولكن على نحو لا يخل بمبادئ العدالة الاجتماعية أو يفتح بابًا للاضطراب المجتمعي، مشيرًا إلى أن القانون بشكله الحالي يُعد من الملفات المعلقة منذ عام 1947.
ضرورة إغلاق الملف.. وإنهاء أزمة تاريخية
وأوضح السجيني أن القانون ظل دون تعديل حقيقي طوال عقود، على الرغم من صدور 39 حكمًا قضائيًا بشأنه، بينها أحكام بعدم الدستورية.
ووجه انتقادًا للحكومات المتعاقبة، بسبب ما وصفه بـ «الصمت المريب» تجاه القضية، وغياب الرؤية الجادة لمعالجة تداعياتها.
وأضاف أن البرلمان لا يمكن أن يتجاهل هذا الملف أكثر من ذلك، داعيًا إلى حسمه بشكل نهائي، حتى لا تتوارث الأجيال القادمة مشكلة قانونية واجتماعية امتدت لعقود.
تحفظات على مشروع القانون
وأبدى رئيس لجنة الإدارة المحلية تحفظاته على مشروع القانون الحكومي، مشيرًا إلى أنه بعيد تمامًا عن المخرجات التي خرجت بها لجنة «4+4» بوزارة العدل في عام 2024، والتي ضمت ممثلين عن الملاك والمستأجرين وخبراء قانونيين.
وتساءل السجيني عن الدراسات الحكومية المصاحبة للمشروع، متعجبًا من غياب التقييمات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية، وهو ما يثير علامات استفهام بشأن جدوى القانون وقدرته على التطبيق العملي العادل.
كما شدد على ضرورة تضمين المذكرة الإيضاحية المرفقة مع مشروع القانون لجميع الأحكام الدستورية ذات الصلة، خاصة وأن هناك مواد تشريعية داخل المشروع تثير مخاوف قانونية، وتحتاج إلى فحص دقيق من حيث مدى توافقها مع الدستور.
خمس سنوات ثم الإخلاء.. تساؤلات مشروعة
من بين أبرز المواد التي أثارت الجدل، المادة الخامسة من مشروع القانون، التي تنص على إخلاء الوحدة المؤجرة بعد مرور خمس سنوات من تاريخ صدور القانون.
وهنا تساءل السجيني: «هل أعدت الحكومة دراسة للأثر الاجتماعي لهذه المادة؟ وهل فكرت في البدائل التي ستُطرح على الأسر المتضررة؟».
وأشار إلى أن النص المقترح يفتقر إلى البُعد الإنساني، موضحًا أن هناك شريحة كبيرة من المواطنين تقطن منذ سنوات طويلة في أحياء راقية كالمهندسين والزمالك، فكيف يتم إبلاغهم بعد خمس سنوات فقط أن البديل هو الانتقال إلى مناطق جديدة كحي الأسمرات، دون دراسة لواقعهم المعيشي والاقتصادي؟!
المادة السابعة والثامنة محل جدل
وأضاف السجيني أن المواد الأخرى، وتحديدًا السابعة والثامنة، تتطلب أيضًا نقاشًا مستفيضًا، حيث لم تتضح بعد كيفية تقييم الأثر الاقتصادي والسكاني لهاتين المادتين، وهل تم الرجوع إلى نتائج اجتماعات لجنة وزارة العدل أم لا.
وأكد أن المادة الثامنة تحديدًا ابتعدت كثيرًا عن المخاوف التي عبّر عنها المشاركون في جلسات لجنة 4+4، متسائلًا عن غياب التفصيلات الفنية في النصوص، مما يصعب مناقشتها من الناحية التشريعية والعملية.
لا دفاع عن طرف.. بل دعوة لمعالجة شاملة
وختم السجيني كلمته قائلاً: «أنا لا أدافع عن المستأجرين، كما لا أنحاز للملاك، بل أطرح أسئلة مشروعة للحكومة حتى نصل إلى معالجة شاملة وعادلة. نحن لا نريد قوانين تخلق أزمة جديدة تحت شعار حل أزمة قديمة».
وطالب بضرورة عقد جلسات استماع مجتمعية، يشارك فيها خبراء القانون والاقتصاد وممثلو المجتمع المدني، لضمان تحقيق توازن بين الحقوق والواجبات، وأن يكون التشريع عادلًا وقابلًا للتنفيذ دون الإضرار بأي طرف.