قلب بليغ على أوتار وردة.. عشق بدأ بلحن وانتهى بوجع لا ينسى

رغم أن زواجهما لم يستمر سوى ست سنوات، فإن قصة الحب التي جمعت الموسيقار الراحل بليغ حمدي بالمطربة الكبيرة وردة الجزائرية، تجاوزت حدود الزمان والمكان، لتتحول إلى رمز لعشق نقي وموسيقى خالدة، فهي قصة حُفرت في الوجدان، ليس فقط لعاطفتها، بل لأنها حملت صوتًا ولحنًا شكّلا وجدان أجيال كاملة من عشاق الطرب العربي.
البداية من لحن «تخونوه».. وردة تقع في حب الصوت قبل الشخص
بدأت حكاية بليغ ووردة من دون أن يلتقيا، إذ كانت البداية من خلال صوت العندليب عبد الحليم حافظ في فيلم «الوسادة الخالية»، حين شدت بأذن وردة ألحان أغنية «تخونوه»، فسألت: «مين اللي لحن الأغنية دي؟»، لم تكن تعلم أن هذا السؤال سيقودها إلى حب حياتها.
أما بليغ، فقادته الصدفة للقاء وردة وجهًا لوجه، خلال كواليس تصوير فيلم «ألمظ وعبده الحامولي»، حيث فُتن بها من النظرة الأولى، لكن القدر لم يكن مهيأ بعد لبدء قصة الحب، إذ عادت وردة إلى الجزائر، واستكمل بليغ مشواره الموسيقي.

عيد الاستقلال.. نقطة التحول
عاد اللقاء بين بليغ ووردة من جديد بمناسبة احتفالات عيد استقلال الجزائر، حيث سافر بليغ بدعوة للمشاركة في الفعاليات، وهناك رأى وردة مرة أخرى، وأدرك أن عليه ألا يضيع هذه الفرصة، هذه المرة، اتفقا على التعاون في عمل فني، واشترط بليغ على وردة أن تزور القاهرة قريبًا.
«العيون السود».. بداية الرحلة الرومانسية والموسيقية
وصلت وردة إلى القاهرة، وكان أول لقاء فني بينهما لتسجيل أغنية «العيون السود»، ومع النجاح الكبير الذي حققته الأغنية، توج الثنائي علاقتهما بالزواج في منزل الفنانة نجوى فؤاد عام 1973، ليتحول الحب إلى شراكة موسيقية أثمرت عن عشرات الأغنيات التي أصبحت علامات في تاريخ الغناء العربي.
150 لحنًا.. واتهامات باستحواذ وردة على إبداع بليغ
على مدار سنوات ارتباطهما، قدم بليغ لوردة أكثر من 150 لحنًا، من أشهرها «حكايتي مع الزمان»، «بتونس بيك»، «ليالينا»، وغيرها من الروائع.
وسرعان ما لاحقت الاتهامات بليغ بأنه منح وردة معظم ألحانه، لكنه كان يرد ببساطة: «وردة دي أنا.. دي طيبة جدًا».

بليغ يهديها الورود يوميًا.. والطلاق لم يُنهِ الحب
رغم الحب الكبير بينهما، إلا أن الزواج لم يصمد طويلًا، حيث انفصل الثنائي بعد ست سنوات، في واحدة من أكثر حالات الطلاق ألمًا في الوسط الفني.
بليغ، الذي كان يهدي وردة الورود يوميًا، تألم بشدة بعد الانفصال، ورفض كل محاولات المصالحة، رغم حزنه الواضح في اللقاءات التليفزيونية، وكذلك كانت وردة، التي لم تُخفِ تأثرها بالفراق.
«يمكن على باله».. رسالة مشفرة من بليغ إلى وردة
بحسب روايات المقربين، لم يتوقف بليغ عن التعبير عن حبه لوردة حتى بعد الطلاق.
كانت أغنية «يمكن على باله» التي غنتها عفاف راضي، تعبيرًا غير مباشر عن مشاعره، وكان يدندنها دائمًا وهو في طريقه إلى الإسكندرية، وكأنها رسالة مشفرة إلى حبيبته السابقة.
«وردة كانت حب بليغ الصادق».. ومات وهو لا يزال يحبها
لم يتزوج بليغ حمدي بعد وردة، رغم ارتباطه بعلاقات عديدة داخل الوسط الفني.
وبحسب من عرفوه جيدًا، فإن وردة كانت الحب الحقيقي في حياته، ومات وهو لا يزال يحمل في قلبه عشقًا لها.
هذا ما أكده الفيلم التسجيلي «بليغ عاشق النغم» للمخرج حسين بكر والكاتبة فايزة هنداوي، والذي تناول تفاصيل حياته الفنية، وركّز على أن علاقته بوردة كانت الجانب الأكثر حزنًا وتأثيرًا في حياته.

الخاتمة.. الحب انتهى والزمن لم يُنهِ الأثر
رحل بليغ حمدي عن عالمنا، لكنه ترك إرثًا موسيقيًا لا يُنسى، وألحانًا لا تزال تروي قصة حب استثنائية لامرأة واحدة فقط.. «وردة».
قصة بدأت من لحن، وعاشت في القلب، واستمرت في الوجدان، لتكون واحدة من أجمل حكايات العشق في تاريخ الفن العربي.