السبت 31 مايو 2025 الموافق 04 ذو الحجة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

من قلب روما.. الأكاديمية المصرية ترسم خريطة جديدة للتلاقي الثقافي

الدكتورة رانيا يحيى
الدكتورة رانيا يحيى

في إطار المبادرات الثقافية والدبلوماسية التي تطلقها الأكاديمية المصرية للفنون بروما، برئاسة الدكتورة رانيا يحيى، تواصل الأكاديمية تعزيز رسالتها الحضارية من خلال مد جسور التعاون مع المؤسسات الثقافية الأوروبية، تأكيدًا لدورها كمركز إشعاع ثقافي يربط بين مصر وأوروبا. 

وقد تجلى هذا النهج مؤخرًا من خلال تعاون مثمر بين الأكاديمية المصرية ونظيرتها البلجيكية المجاورة، ضمن مبادرة نوعية حملت عنوان «الأكاديمية المصرية والجوار الأكاديمي.. روح الانفتاح والتلاقي بين الثقافات».

تعاون مصري بلجيكي يعكس فلسفة الانفتاح الثقافي

جاء هذا التعاون ليُجسد رؤية مديرة الأكاديمية، الدكتورة رانيا يحيى، الهادفة إلى توسيع شبكة الشراكات مع كبرى المؤسسات الأكاديمية والثقافية في أوروبا، بما يخدم تقديم صورة معاصرة للثقافة المصرية، منفتحة ومتفاعلة مع السياقات العالمية. 

وهو نهج يُرسّخ الدور الحضاري للأكاديمية، بوصفها منصة للحوار بين الثقافات، وساحة لعرض ثراء الهوية المصرية في أبعادها التاريخية والمعاصرة.

محاضرة شريف السباعي.. العمارة بوصفها ذاكرة وتواصلاً حضاريًا

في سياق هذا التعاون، استضافت الأكاديمية البلجيكية بروما محاضرة متميزة للباحث المصري شريف السباعي، المعروف بعمق دراساته حول التاريخ والعمارة، حيث تناول في محاضرته نموذجًا فريدًا لتقاطع الحضارتين المصرية والأوروبية، من خلال قصة إنشاء مدينة «هليوبوليس» مطلع القرن العشرين.

المدينة، التي كانت حلمًا عمرانيًا للبارون البلجيكي إدوار إمبان، تحولت إلى مشروع فريد جمع بين الرؤية الأوروبية في تخطيط المدن وبين سحر الشرق المصري، لتصبح مثالًا نادرًا على التعددية الثقافية والعمرانية التي سبقت عصرها.

 وقد سلط السباعي الضوء على الطابع المعماري الغريب والمبهر لـ«قصر البارون»، الذي لا يزال يُثير الدهشة حتى اليوم، بطرازه المستوحى من المعمار الهندي، والذي أصبح رمزًا للمدينة الجديدة آنذاك.

من هليوبوليس إلى العاصمة الإدارية.. استمرارية الرؤية

لم تقتصر المحاضرة على تناول الماضي فحسب، بل قدّم السباعي قراءة معاصرة للواقع المعماري المصري، مشيرًا إلى الترابط الرمزي بين حلم مدينة هليوبوليس ومشروع «العاصمة الإدارية الجديدة» الذي يجري إنشاؤه حاليًا ضمن رؤية «الجمهورية الجديدة» في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وأوضح الباحث أن المشروعين يشتركان في الفكرة الجوهرية: الخروج من رحم الصحراء لبناء مدينة حديثة تعكس روح العصر، مع المحافظة على البعد الرمزي والتاريخي للهوية المصرية.

 وقد جاءت هذه المقارنة لتبرز كيف يمكن للعمارة أن تكون امتدادًا حيًا للذاكرة الثقافية، وجسرًا بين الماضي والمستقبل.

تكريم وتقدير.. دبلوماسية ناعمة تعكس عمق الشراكة

وفي ختام اللقاء، قامت الدكتورة رانيا يحيى بتكريم نظيرتها البلجيكية البروفيسورة سيسيل إيفرس، مديرة الأكاديمية البلجيكية، بإهدائها شهادة تقدير ودرع الأكاديمية المصرية، تعبيرًا عن الامتنان لهذا التعاون البنّاء وتقديرًا للدور الذي تلعبه الأكاديمية البلجيكية في تعزيز الفعاليات الثقافية المشتركة.

أكاديمية روما.. منارة للحوار الحضاري

تعكس هذه الفعالية، وغيرها من الأنشطة التي تقودها الأكاديمية المصرية للفنون في روما، التحول الجوهري الذي تشهده الدبلوماسية الثقافية المصرية، حيث لم تعد تقتصر على العرض الفني، بل امتدت لتشمل التفاعل المعرفي والفكري، وفتح مسارات للتلاقي الإنساني بين الثقافات.

وفي تصريح للدكتورة رانيا يحيى، أكدت أن هذه المبادرات تأتي في إطار رؤية وزارة الثقافة المصرية، بقيادة الدكتورة نيفين الكيلاني، لترسيخ مكانة مصر الثقافية على الساحة الدولية، وفتح آفاق جديدة للتبادل الأكاديمي والفني والمعرفي مع المؤسسات الأوروبية.

وأضافت أن الأكاديمية باتت تمثل صورة مصر الحديثة، التي لا تكتفي بتقديم تراثها للعالم، بل تسعى أيضًا لفهم الآخر، والانفتاح على تجاربه في إطار من الاحترام المتبادل والتكامل الحضاري.

بهذا التعاون، تُثبت الأكاديمية المصرية للفنون بروما، مرة أخرى، أنها ليست مجرد مؤسسة تعليمية أو ثقافية، بل كيان نابض يختزن طموحات المصريين في تقديم نموذج حي للثقافة الوطنية المنفتحة، التي تسهم في بناء المستقبل عبر أدوات الماضي، وتُحاور العالم بلغة الفن والفكر والتاريخ.

تم نسخ الرابط