حكم أداء صلاة الغفلة في الليل.. الإفتاء توضح بالرأي الشرعي

صلاة الغفلة من العبادات التي يغفل عنها الكثير من الناس رغم ما ورد بشأنها من فضل عظيم وثواب جزيل وهي من «صلوات النوافل» التي يُستحب أداؤها بين صلاتي المغرب والعشاء وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية في بيان مفصل أن صلاة الغفلة من الصلوات التي دعت إليها السنة النبوية الشريفة وأيدتها أقوال كبار الفقهاء والمحدثين من مختلف المذاهب الإسلامية.

سبب التسمية وموقعها في الزمن

سُميت هذه الصلاة باسم صلاة الغفلة لأن الناس في هذا الوقت ينشغلون عادة بتناول العَشاء أو الاستعداد للنوم أو متابعة الشؤون الدنيوية فيغفلون عن «العبادة» والذكر ولذلك جاءت تسميتها تعبيرًا عن هذا «الوقت الخاص» الذي قلّ فيه الذاكرون والمصلون فيكون من أقبل على صلاة الغفلة في هذا التوقيت قد أقبل على الله في وقت انصراف الناس عنه ولذلك قيل عنها أيضًا إنها «صلاة الأوَّابين» أي العائدين إلى الله بالتوبة والطاعة.

عدد ركعات صلاة الغفلة وآراؤها الفقهية

ذكرت دار الإفتاء أن هناك آراء متعددة حول عدد ركعات صلاة الغفلة فأقل ما ورد فيها ركعتان وقيل أربع ركعات ووسطها ست ركعات وأكملها عشرون ركعة وهذه الأقوال جميعها وردت عن الصحابة والتابعين وكبار أئمة الفقه مثل الشافعي وأبي حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل وكلهم أجمعوا على أن هذه الصلاة «مستحبة» ولها فضل كبير خصوصًا عند المداومة عليها.

أحاديث وآثار حول فضل صلاة الغفلة

استدلت الإفتاء بعدد من الأحاديث النبوية الشريفة والآثار المأثورة عن الصحابة في بيان فضل صلاة الغفلة ومنها حديث السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «من صلى بين المغرب والعشاء عشرين ركعة بنى الله له بيتًا في الجنة» وكذلك ورد عن الصحابي الجليل أبي هريرة أن النبي قال «من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم بينهن بسوء عُدلت له بعبادة اثنتي عشرة سنة» وهذه النصوص تدل على الفضل الكبير لصلاة الغفلة خاصة إذا أُديت بخشوع وانتظام.

مشروعية صلاة الغفلة عند الفقهاء

اتفقت المذاهب الأربعة على مشروعية صلاة الغفلة وندبها بين المغرب والعشاء وقد ذكر الإمام ابن عابدين في الحنفية أنها مستحبة ووردت بلفظ صلاة الأوّابين كما قال الإمام القيرواني من المالكية إنها صلاة مرغب فيها والمداومة عليها خير كبير وذكر الإمام النووي من الشافعية أنها صلاة خاصة تميز بها الصالحون كما أشار الحنابلة إلى استحبابها بين العشاءين وأكدوا أنها من أعمال القربات التي يغفل عنها الناس وهي ذات أجر عظيم.

صلاة الغفلة ليست بدعة بل سنة

أكدت الإفتاء أن صلاة الغفلة لا تُعد من البدع كما يظن بعض الناس بل هي سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم وقد وردت في العديد من كتب الحديث والمسانيد ورواها عدد من الصحابة كما أن الأحاديث وإن كان في بعضها ضعف إلا أن «القاعدة الشرعية» تنص على قبول الأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال إذا اجتمعت طرقها وتعددت رواياتها وهو ما ينطبق على الأحاديث الواردة بشأن هذه الصلاة.

كيفية أداء صلاة الغفلة ووقتها المفضل

صلاة الغفلة تُؤدى بين صلاة المغرب وصلاة العشاء وهي تصلى مثنى مثنى أي كل ركعتين بتسليم ولا يشترط لها تشهد أوسط ولا ترتيب معين في عدد الركعات فمن أراد أن يصليها ركعتين فله ذلك ومن أراد أن يصلي ستًا أو أكثر حتى عشرين فذلك جائز وكلما زاد العدد زاد الأجر بإذن الله ولا يُشترط فيها دعاء مخصوص أو قراءة معينة بل يُقرأ فيها بما تيسر من القرآن الكريم وتُؤدى بهدوء وخشوع.

الآثار عن الصحابة والتابعين تؤيد فضل صلاة الغفلة

من الآثار المشهورة ما ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يُعرف بصلاته في هذا التوقيت فقال «نعم ساعة الغفلة» وهي بين المغرب والعشاء كما ورد عن عمّار بن ياسر رضي الله عنه أنه صلى بعد المغرب ست ركعات وقال رأيت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها وغُفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر كما أن عبيد مولى رسول الله قال إن النبي كان يأمر بالصلاة في هذا التوقيت.

رسالة الإفتاء في ختام توضيحها

وجهت دار الإفتاء دعوة للمسلمين للحرص على هذه «النافلة الغالية» التي يغفل عنها كثير من الناس وأكدت أنها ليست بدعة بل من السنن المستحبة التي تدل على حب العبد للطاعة وحرصه على القرب من الله في وقت انشغال الآخرين وأشارت إلى أن صلاة الغفلة باب من أبواب الخير ومفتاح من مفاتيح «السكينة» و«الرضا» و«الاستغفار» وأن من يداوم عليها سيجد أثرها في نفسه وحياته ومآله.