«كيمبل» الأمريكي يستحوذ على لوحة فنية غامضة من القرن السابع عشر

الخميس 07/أغسطس/2025 - 10:39 م

استحوذ متحف كيمبل للفنون، الواقع في مدينة فورت وورث بولاية تكساس الأمريكية، على لوحة فنية نادرة بعنوان «طبيعة صامتة مع شمام وبطيخ وفواكه أخرى»، وهي منسوبة إلى الفنان الإيطالي الغامض المعروف باسم «بنسيونانتي ديل ساراتشيني»، وهو الاسم الذي أطلق على شخصية فنية مجهولة الهوية ارتبطت بمجموعة محدودة من الأعمال التي أنتجت في العاصمة الإيطالية روما خلال العقود الأولى من القرن السابع عشر.

ورغم عدم الكشف عن تفاصيل الصفقة، إلا أن عملية الاستحواذ أثارت اهتمامًا كبيرًا في الأوساط الفنية العالمية، نظرًا لقيمة العمل الفنية والتاريخية، إلى جانب غموض هوية الرسام الذي لا تزال شخصيته الحقيقية محل بحث ودراسة من قبل المؤرخين والنقاد.

«مؤسسة كيمبل» تقتني العمل.. وسرية حول سعر الشراء

أعلنت مؤسسة «كيمبل للفنون» الحاكمة للمتحف أنها قامت بشراء اللوحة، دون أن تكشف عن السعر الذي دُفِع نظير الحصول عليها. وصرح المتحدث باسم المتحف بأن السعر سيظل سريًا، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل، وفقًا لما نقله موقع «news.artnet» المتخصص في الأخبار الفنية العالمية.

وكانت اللوحة قد ظهرت مؤخرًا في دار «أركوريال» للمزادات في العاصمة الفرنسية باريس خلال مارس من عام 2023، حيث قدرت بسعر مبدئي منخفض بلغ 1.6 مليون دولار أمريكي، قبل أن تُسحب لاحقًا من المزاد دون أن يتم بيعها.

من «مدرسة إسبانية» إلى لوحة إيطالية أصلية

تاريخ اللوحة يعود إلى ما قبل ثلاثة عقود حينما بيعت لأول مرة في عام 1988 ضمن مزاد أقيم بفندق «دي فانت باستور» بمدينة أنتيب الفرنسية، حيث اعتُبرت حينها عملًا ينتمي إلى «مدرسة إسبانية» تعود للقرن السابع عشر.

بعد ذلك، تنقّلت اللوحة بين مجموعتين خاصتين من جامعي الأعمال الفنية، إلى أن توسط تاجر الأعمال الفنية القديمة، «نيكولاس هول» المقيم في نيويورك، في عملية بيعها لصالح متحف كيمبل هذا العام، وهو ما يمثل تحولًا كبيرًا في الاعتراف بقيمتها الفنية وانتمائها الحقيقي.

«عمل هادئ لكنه قوي».. رؤية متحف كيمبل

وفي بيان رسمي، وصف متحف كيمبل لوحة «الطبيعة الصامتة» بأنها «عمل هادئ لكنه قوي»، مشيرًا إلى أنها واحدة من أفضل وأقدم اللوحات التي تندرج ضمن هذا النوع من الفن في إيطاليا، خاصة بعد مرحلة الرسام الشهير «كارافاجيو» أو مايكل أنجلو ميريسي، الذي توفي عام 1610.

وأضاف المتحف أن اللوحة تمثل بُعدًا بصريًا وجماليًا مميزًا في الفن الإيطالي، وتُبرز تأثير مدرسة كارافاجيو، من حيث الإضاءة والدراما البصرية والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، مما يمنحها أهمية متزايدة على مستوى التأريخ الفني.

الفنان الغامض.. لغز مستمر

الفنان الملقّب بـ«بنسيونانتي ديل ساراتشيني» لا يزال يُعتبر أحد أكبر الألغاز في تاريخ الفن الأوروبي، حيث تُنسب له مجموعة صغيرة من الأعمال التي ظهرت في روما خلال العقود الأولى من القرن السابع عشر، دون أن يتم التوصل إلى هويته الحقيقية حتى الآن.

وتُرجِع التسمية إلى صلة مفترضة بإحدى العائلات النبيلة أو بتقليد فني معين، لكن لا توجد وثائق كافية لتأكيد هذه الفرضيات.

ورغم ذلك، تثير أعماله إعجاب الباحثين والنقاد بسبب دقتها اللافتة وتفردها في الطرح، إلى جانب التشابه الأسلوبي مع تيار «الطبيعة الصامتة» في الفن الإيطالي المتأخر.

مقارنة بسجل المزادات السابق

وفقًا لبيانات المزادات، فإن الرقم القياسي لأحد أعمال هذا الفنان في المزادات العالمية بلغ 278.500 دولار أمريكي فقط، وذلك للوحة بعنوان «صبي يعضه جراد البحر العذب»، والتي بيعت في دار «سوثبي» عام 2013، رغم أن التقدير المبدئي لها كان يبلغ 300 ألف دولار.

وهذا ما يجعل الصفقة الأخيرة مع متحف كيمبل تحمل بُعدًا مختلفًا، حيث ارتفعت القيمة الفنية لأعماله، كما ازدادت فرص التعرف عليه بمرور الوقت، بفضل الجهود البحثية التي تبذلها المؤسسات الأكاديمية والفنية.

لوحة كارافاجيو تعود.. والتوأم البصري يكتمل

تزامن استحواذ متحف كيمبل على اللوحة الجديدة مع عودة لوحة «كاردشاربس» الشهيرة للفنان كارافاجيو، والتي تعود إلى الفترة ما بين عامي 1596-1597، بعد أن تم إعارتها لمعرض «كارافاجيو 2025» الضخم الذي أقيم في قصر باربيريني بالعاصمة الإيطالية روما، واستقطب ما يزيد عن 450 ألف زائر، حسب التقارير.

وبات بإمكان زوار متحف كيمبل الآن مشاهدة اللوحتين في المبنى التاريخي من تصميم المعماري «لويس خان»، ما يُشكّل ثنائية فنية تجمع بين الغموض والتاريخ والعبقرية البصرية.

الثقافة