خبراء يحذرون.. «الكافيين» خطر صامت يهدد صحة الأطفال

يعد «الكافيين» من أكثر المواد المنبهة انتشارًا في العالم، فهو المكون الرئيسي في القهوة والشاي والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، لكن ما يجهله الكثير من الأهالي هو أن «الكافيين» ليس آمنًا للأطفال كما يعتقد البعض، إذ يحذر الخبراء من أن استهلاكه المفرط قد يؤدي إلى مشكلات صحية ونفسية خطيرة لدى الصغار، فهو منبه قوي للجهاز العصبي يؤثر على القلب والمخ والنوم والنمو، ولذلك أصبح الحديث عن أضرار «الكافيين» للأطفال ضرورة طبية ومجتمعية ملحة.
ما هو الكافيين ولماذا يستخدم بكثرة
يُعتبر «الكافيين» مادة طبيعية توجد في أوراق وبذور بعض النباتات مثل القهوة والشاي والكاكاو، ويُستخدم منذ قرون كمحفز للجهاز العصبي، حيث يساعد على اليقظة وتقليل الإحساس بالتعب، وقد أصبحت منتجات «الكافيين» اليوم متاحة في كل بيت تقريبًا سواء في فنجان القهوة أو كوب الشاي أو زجاجة المشروب الغازي، ومع ازدياد الإعلانات الموجهة للأطفال لمشروبات الطاقة أصبح الصغار عرضة لتناول كميات تفوق بكثير ما يتحمله جسدهم.
تأثير الكافيين على الأطفال
يحذر الأطباء من أن «الكافيين» لا يُعتبر آمنًا للأطفال لأنه يسبب اضطرابًا في ضربات القلب ويؤثر على جودة النوم ويزيد من العصبية والتوتر، كما أنه قد يؤدي إلى صداع مستمر وشعور بالإجهاد العام، وتقول الدراسات إن «الكافيين» يؤثر على «المخ النامي» للأطفال ويغير في كيمياء الدماغ مما يجعل الطفل أكثر عرضة للقلق وصعوبة التركيز، وقد أظهرت أبحاث أن الأطفال الذين يشربون كميات كبيرة من «الكافيين» يعانون من ضعف التحصيل الدراسي وزيادة السلوك العدواني مقارنة بغيرهم.
مصادر الكافيين الخفية
من الأخطاء الشائعة أن الأهل يظنون أن مصدر «الكافيين» الوحيد هو القهوة، بينما في الواقع يوجد «الكافيين» في العديد من المنتجات اليومية التي يستهلكها الأطفال، مثل الشوكولاتة الداكنة والمشروبات الغازية والشاي ومشروبات الطاقة وحتى بعض الأدوية التي تُباع دون وصفة طبية، فمثلاً علبة واحدة من مشروب الطاقة قد تحتوي على ما يعادل ثلاثة أكواب من القهوة من حيث كمية «الكافيين»، وهذا يعني أن الطفل قد يتناول جرعة مفرطة دون أن يشعر أحد بخطورتها.
أضرار الكافيين على القلب والنوم
يؤكد الخبراء أن «الكافيين» يسبب تسارع ضربات القلب لدى الأطفال ويؤثر على ضغط الدم بشكل مؤقت لكنه قد يسبب مشكلات مستمرة إذا تم تناوله بانتظام، كما أن «الكافيين» يقلل من قدرة الجسم على الدخول في النوم العميق مما يؤدي إلى الأرق واضطرابات في النوم، وحرمان الطفل من النوم الكافي يؤثر بدوره على جهاز المناعة والنمو العقلي والبدني، لذلك ينصح الأطباء بمنع الأطفال من تناول أي منتج يحتوي على «الكافيين» بعد فترة الظهيرة.

تأثير الكافيين على العظام والنمو
من الجوانب الخطيرة التي يسببها «الكافيين» أنه يتداخل مع امتصاص الكالسيوم في الجسم، مما يقلل من كثافة العظام لدى الأطفال ويعرضهم لمشكلات في النمو، كما أن الاعتماد المستمر على «الكافيين» بدلاً من الحليب أو العصائر الطبيعية يحرم الطفل من العناصر الغذائية المهمة مثل البروتينات والفيتامينات، وتؤكد أبحاث حديثة أن الأطفال الذين يستهلكون كميات عالية من «الكافيين» تكون لديهم معدلات نمو أبطأ من أقرانهم.
الكافيين والإدمان السلوكي
قد لا يعلم كثير من الآباء أن «الكافيين» يسبب نوعًا من الإدمان السلوكي، فكلما اعتاد الطفل على شرب القهوة أو المشروبات الغازية أصبح من الصعب عليه التوقف عنها، لأن الجسم يبدأ في الاعتماد عليها لتوليد الطاقة، وعند التوقف المفاجئ يشعر الطفل بصداع حاد وخمول وعصبية، مما يجعله يطلب المزيد من «الكافيين» لاستعادة نشاطه، وهذا السلوك قد يتطور في المستقبل إلى إدمان منبهات أو مواد أخرى.
الحد الآمن من الكافيين للأطفال
تشير التوصيات العالمية إلى أن الأطفال دون الثانية عشرة يجب ألا يستهلكوا أي كمية من «الكافيين»، بينما يمكن للمراهقين تناول كميات محدودة لا تتجاوز 100 ملليغرام يوميًا أي ما يعادل كوب شاي واحد، إلا أن الواقع يظهر أن الكثير من الأطفال يتناولون أكثر من ذلك بكثير من خلال المشروبات الغازية أو القهوة الجاهزة أو حتى الحلويات المحتوية على الكاكاو، لذلك يجب أن يكون الأهل على وعي بمحتوى «الكافيين» في الأطعمة والمشروبات التي يقدمونها لأبنائهم.
بدائل صحية لمشروبات الكافيين
يمكن استبدال المشروبات الغنية بـ«الكافيين» ببدائل طبيعية وصحية، مثل العصائر الطازجة أو مشروبات الأعشاب الخالية من الكافيين مثل البابونج والنعناع، كما يمكن تشجيع الأطفال على شرب الماء بشكل كافٍ خلال اليوم للحفاظ على نشاطهم، ويُفضل أن يتناول الطفل وجبات خفيفة تحتوي على الفواكه والمكسرات بدلًا من الحلويات أو الشوكولاتة التي تحتوي على كميات من «الكافيين»، فهذه البدائل توفر الطاقة الطبيعية دون أضرار.
التوعية مسؤولية مجتمعية
من المهم أن تدرك الأسر والمدارس أهمية التوعية بمخاطر «الكافيين» على الأطفال، فالكثير من المراهقين يرون في مشروبات الطاقة وسيلة للشعور بالقوة والتركيز، بينما في الحقيقة هي «قنبلة منبهة» تؤثر سلبًا على القلب والجهاز العصبي، لذلك يجب أن تتضمن الحملات الصحية المدرسية شرحًا وافيًا عن أضرار «الكافيين» وأن يُشجع الأطفال على تبني نمط حياة صحي يعتمد على التغذية المتوازنة والنوم الكافي والرياضة.
يبقى «الكافيين» مادة منبهة مفيدة عند البالغين إذا استُخدمت باعتدال، لكنها قد تتحول إلى خطر حقيقي عندما يتناولها الأطفال، فالجسم الصغير لا يتحمل تأثيراتها القوية، والأضرار تتراكم مع الوقت، لذلك فإن وعي الأهل وتجنب إعطاء أطفالهم مشروبات أو أطعمة غنية بـ«الكافيين» هو خط الدفاع الأول ضد المشكلات الصحية المستقبلية، وليتذكر الجميع أن «الكافيين» ليس مصدرًا للطاقة كما يُروج له بل منبه يرهق الجسم إذا أُسيء استخدامه.