الأربعاء 15 أكتوبر 2025 الموافق 23 ربيع الثاني 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل الطهارة شرط للمؤذن في الصلاة؟.. الإفتاء تجيب

الأذان
الأذان

أكدت دار الإفتاء المصرية أن الصلاة هي الركن الأعظم الذي يُعلن عنه الأذان في كل يوم، موضحة أن الطهارة ليست شرطًا لصحة الأذان، وأن المؤذن يمكنه أن يرفع الأذان ولو كان على غير طهارة، حيث إن المقصود من الأذان هو «الإعلام بدخول وقت الصلاة» وليس أداء عبادةٍ قائمةٍ على الطهارة كالوضوء أو الغسل، وبينت الدار أن الطهارة في هذه الحالة تُعد من باب الاستحباب وليس الوجوب، لأن الأذان من «جملة الأذكار المشروعة» التي يجوز أداؤها في كل حال، وقد أجمع العلماء على ذلك منذ العصور الأولى، معتبرين أن الطهارة للمؤذن من مكارم الأخلاق وآداب العبادة وليست من شروط صحتها، فهي سنة محببة لما فيها من تعظيم لشأن الأذان وارتباطه الوثيق بـ«الصلاة».

الأذان ذكرٌ مشروع لا يتطلب وضوءًا

وأوضحت دار الإفتاء أن الأذان من الأذكار التي يجوز أن تصدر من المسلم في أي حال، سواء كان متوضئًا أو غير متوضئ، لأنه لا يُشترط له الطهارة كاشتراطها في «الصلاة» نفسها، فالأذان ليس عبادة بدنية بل هو ذكرٌ وإعلامٌ بوقت الفريضة، لذلك فإن الأصل فيه أنه مشروع في كل وقت، وقد استندت الدار في بيانها إلى ما ذكره الإمام النووي في كتابه «الأذكار» حين قال إن الحدث لا يمنع الذكر، ومن ثم لا يمنع الأذان، لأن الذكر يُقصد به تعظيم الله تعالى ولا يتوقف على حالة الطهارة، ما دام اللسان طاهرًا من المعاصي والقلب حاضرًا بنية العبادة، وهذا ما ينطبق على المؤذن الذي يُعلن «الصلاة» في الناس.

رأي الفقهاء في حكم الطهارة للمؤذن

ذكرت دار الإفتاء أن الفقهاء من مختلف المذاهب قد أجمعوا على أن الأذان يصح من غير المتطهر، وأن الطهارة في هذا المقام من باب الفضائل لا من باب الشروط، وقد نص الإمام علاء الدين الكاساني في كتابه «بدائع الصنائع» على أن الطهارة من سنن الأذان وليست شرطًا له، لأن الأذان في ذاته ذكرٌ معظَّم، والمقصود به التذكير بـ«الصلاة» وإعلان وقتها للمسلمين، لذلك فإن التطيب والتطهر عند الأذان من كمالات الأدب، لا من موجبات الصحة، وأكدت الدار أن العلماء جميعًا يرون في الطهارة «كمالًا أدبيًا وروحيًا» يزيد من شرف المؤذن وهيبته أمام الناس.

سنة الصحابة ودليل الجواز

واستشهدت دار الإفتاء بما ورد عن الصحابي الجليل بلال بن رباح –رضي الله عنه– مؤذن رسول الله ﷺ، حيث كان يؤذن أحيانًا وهو على غير وضوء، ولم يُنقل أن النبي ﷺ نهاه عن ذلك، وهو ما يدل على جواز الأذان دون طهارة، لأن بلالًا كان من أوائل المؤذنين الذين أذنوا للصلاة في عهد النبي، ولو كانت الطهارة شرطًا لازمًا لأمره النبي ﷺ بذلك، ومن هنا يستفاد أن الأذان عبادة قائمة على الذكر لا على الطهارة، ومع ذلك فإن الأفضل والأكمل أن يكون المؤذن على وضوء اقتداءً بالمصلين الذين يدعوهم إلى «الصلاة»، إذ إن المؤذن يُعتبر أول من يهيئ نفسه للعبادة بندائه.

الأذان عبادة مرتبطة بالصلاة روحًا ومعنى

أكدت دار الإفتاء أن الأذان لا ينفصل عن «الصلاة» من حيث الغاية، فهو نداء للمسلمين ودعوة لبدء العبادة، لكنه يختلف عنها من حيث الأحكام، فالصلاة تحتاج إلى طهارة لأنها عبادة بدنية يشترط فيها الوضوء أو الغسل، بينما الأذان هو ذكرٌ وإعلام، ولا يُطلب له ما يُطلب للصلاة من شروط الطهارة، ومع ذلك فإن الطهارة في هذا الموضع تُضفي على المؤذن خشوعًا وصفاءً نفسيًا واستعدادًا معنويًا لأداء الأمانة التي كُلّف بها، وهي إعلام الناس بوقت العبادة، ولذلك حرص السلف الصالح على الوضوء قبل الأذان تعظيمًا لشأن «الصلاة» واتباعًا للسنة في مكارم الآداب.

الطهارة تعظيم للشعيرة وليست إلزامًا شرعيًا

أشارت دار الإفتاء إلى أن مشروعية الطهارة للمؤذن جاءت من باب تعظيم الشعيرة واحترام الذكر، فهي من مظاهر التقدير لشرف الأذان ومكانته، لأن المؤذن هو الذي يُعلن «الصلاة» في الناس ويرفع شعار الإسلام في المآذن، فالأولى به أن يكون في أكمل هيئة من النظافة والطهارة، ولكن ذلك لا يعني أن فقدان الطهارة يبطل الأذان، لأن الحكم الشرعي قائم على جواز الأذان من غير وضوء، وهو ما أكده جمهور العلماء الذين يرون أن المقصود بالطهارة هنا هو «الطهارة الأدبية» أكثر من «الطهارة الحسية»، أي طهارة القلب والنية واللسان عند الدعوة إلى «الصلاة».

الطهارة والكمال الروحي للمؤذن

وبينت دار الإفتاء أن التزام المؤذن بالطهارة يعكس مدى حرصه على إتمام الشعيرة بأكمل صورة، فالأذان يُعتبر مقدمة «الصلاة» وأول ما يسمعه الناس من شعائر الدين كل يوم، لذلك فإن المؤذن إذا أذن وهو متطهر يكون أكثر خشوعًا وحضورًا للقلب، كما يشعر بعظمة الأمانة التي يحملها في دعوة الناس لعبادة الله، ومع ذلك فإن الشرع لم يجعل الطهارة إلزامًا، بل جعلها من فضائل العمل وكماله، فالمؤذن على غير طهارة مأجورٌ أيضًا، لأن الأذان ذكرٌ مشروع لا يتوقف على الوضوء، ومن باب الكمال الروحي يُستحب له أن يكون طاهرًا جسدًا ولسانًا.

واختتمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن الطهارة للمؤذن سنة مؤكدة وليست فرضًا، وأن الأذان صحيح سواء أُدي بطهارة أو بدونها، لأن الأذان من الأذكار العامة التي لا يُشترط فيها الوضوء، والمقصود بالطهارة هنا تحقيق الكمال الأدبي والروحي في أداء الشعيرة، وليس اشتراط صحتها كما هو الحال في «الصلاة» نفسها، فالمؤذن يُثاب على أذانه في كل الأحوال، ولكن الأكمل والأفضل له أن يتطهر قبل رفع صوته بـ«الصلاة خير من النوم» و«حي على الصلاة»، اقتداءً بالصحابة الكرام وتعظيمًا لشعيرة الدين التي تُعد من أبرز مظاهر الإسلام في حياة المسلمين.

تم نسخ الرابط