تراجع مفاجئ لأسعار الذهب بعد تجاوزه الـ6 آلاف جنيه

بعد أسبوع من الصعود الجنوني الذي حبس أنفاس المستثمرين والمواطنين على حد سواء، شهدت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والبورصة العالمية حالة من التراجع التصحيحي خلال تعاملات اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025.

 وجاء هذا الانخفاض ليمثل استراحة محارب للمعدن النفيس، الذي تأثر بمزيج من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، أبرزها عودة القوة النسبية للدولار الأمريكي، واتجاه المستثمرين لتسييل مكاسبهم مع اقتراب إسدال الستار على عام 2025.

ورغم الهبوط، لا يزال الذهب يتداول عند مستويات مرتفعة تاريخياً، إلا أن تعاملات اليوم سجلت تراجعاً ملحوظاً في القوة الشرائية، وسط حالة من الترقب لما ستسفر عنه الأيام الأخيرة من العام. 

وبحسب تقرير حديث أصدرته منصة «آي صاغة»، المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، فإن هذا التراجع يعود جزئياً إلى ضعف أحجام التداول المعتادة في نهاية ديسمبر، بالإضافة إلى ظهور بوادر إيجابية على الساحة السياسية الدولية.

سوق الصاغة في مصر.. عيار 21 يتراجع 105 جنيهات

محلياً، استجاب سوق الذهب في مصر بسرعة للمتغيرات العالمية، حيث سجلت الأسعار تراجعاً قوياً منذ الساعات الأولى لصباح اليوم. 

وأوضح سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، أن أسعار الذهب في السوق المحلية فقدت نحو 105 جنيهات من قيمتها، ليتراجع عيار 21 (الأكثر طلباً ومبيعاً) من قمة الـ 6 آلاف التي لامسها مؤخراً، ويسجل مستوى 5970 جنيهًا.

وجاءت قائمة الأسعار في محلات الصاغة (بدون المصنعية) على النحو التالي:

جرام الذهب عيار 24: سجل حوالي 6823 جنيهًا، ليظل العيار الأغلى سعراً والمفضل للاستثمار الثقيل.

جرام الذهب عيار 18: هبط إلى مستوى 5117 جنيهًا، وهو العيار الذي يشهد إقبالاً في المشغولات الذهبية الفنية.

الجنيه الذهب: سجل تراجعاً ملحوظاً ليبلغ قرابة 47760 جنيهًا، متأثراً بالانخفاض العام في سعر الجرام والبورصة العالمية.

«الأوقية» تفقد بريقها العالمي.. جني أرباح وضغوط دولارية

على الصعيد العالمي، لم يكن المشهد أقل دراماتيكية، حيث تعرض المعدن الأصفر لموجة بيعية قوية أدت إلى انخفاض الأوقية بنحو 126 دولارًا دفعة واحدة، لتستقر عند مستوى 4407 دولارات.

 هذا الهبوط جاء بعد أن سجل الذهب قمة تاريخية غير مسبوقة عند مستوى 4555 دولارًا للأوقية في ختام تعاملات الأسبوع الماضي.

وأشار إمبابي إلى أن هذا التراجع الحاد يفسره سلوك المتعاملين الذين فضلوا «جني الأرباح» قبل عطلات نهاية العام، خاصة بعد المكاسب الكبيرة التي تحققت في وقت قصير.

 كما أسهم ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي في الضغط على أسعار المعدن، حيث إن صعود العملة الأمريكية يجعل الذهب أكثر تكلفة على حائزي العملات الأخرى، مما يقلل الطلب العالمي عليه في المدى القصير.

أوكرانيا والدولار القوي.. محركات التراجع المفاجئ

لم تكن العوامل الفنية وحدها هي المحرك للسوق اليوم، بل لعبت «السياسة» دوراً محورياً في هذا التراجع. 

فقد انتعشت آمال الأسواق العالمية بشأن إمكانية التوصل إلى «اتفاق سلام في أوكرانيا»، وهو ما قلل من جاذبية الذهب كـ«ملاذ آمن» يلجأ إليه المستثمرون في أوقات الحروب والأزمات الكبرى.

وبالتوازي مع ذلك، شهدت العملة الأمريكية "عودة معتدلة" للقوة، مدعومة ببيانات اقتصادية أمريكية قللت من حدة التوقعات بخفض عنيف لأسعار الفائدة في مطلع العام القادم.

 هذا التداخل بين الأمل في السلام وقوة الدولار دفع الذهب للتخلي عن قمة الـ 4550 دولاراً التي سجلها في الساعات الأولى من التداولات الأوروبية، ليدخل في مسار هابط مؤقت تزامناً مع سيولة ضعيفة في الأسواق العالمية.

كشف حساب الأسبوع الماضي.. صعود جنوني سبق السقوط

ولفهم حجم التراجع الحالي، يجب النظر إلى القفزة الهائلة التي حققها الذهب في الأسبوع المنصرم. فقد كشف المدير التنفيذي لـ«آي صاغة» أن جرام الذهب عيار 21 كان قد حقق ارتفاعاً قوياً بنحو 285 جنيهًا خلال أسبوع واحد فقط؛ حيث افتتح التداولات عند مستوى 5790 جنيهًا، وأغلق عند 6075 جنيهًا.

أما عالمياً، فقد كانت الرحلة أكثر إثارة، إذ ارتفعت الأوقية بنحو 194 دولارًا خلال الأسبوع الماضي، بعدما بدأت التداولات عند 4339 دولارًا، قبل أن تسجل رقمها القياسي الجديد (4555 دولاراً) وتنهي الأسبوع عند 4533 دولارًا.

 هذا "الصعود العمودي" كان لابد أن يتبعه حركة تصحيحية لجني الأرباح، وهو ما نشهده حالياً في تداولات الإثنين.