لبنان يحذر «حماس».. لا نسمح بتهديد سيادتنا أو زعزعة استقرارنا
في تحذير مباشر ونادر، وجه المجلس الأعلى للدفاع في لبنان اليوم الجمعة، رسالة واضحة إلى حركة حماس، مطالبًا إياها بعدم استخدام الأراضي اللبنانية في أي عمليات قد تمس بـ«السيادة الوطنية والأمن القومي» للبلاد.
جاء ذلك في بيان صدر عقب اجتماع طارئ عقده المجلس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، وبحضور كبار المسؤولين في الدولة، وفي مقدمتهم رئيس مجلس الوزراء نواف سلام ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل والاقتصاد، إضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية.
موقف حازم من بيروت: لا تهاون مع أي تهديد
وأكد البيان أن المجلس تداول في المعطيات الأمنية المستجدة، وعلى رأسها إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه الأراضي الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية، وما تبعها من ردود إسرائيلية عنيفة استهدفت مناطق في الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب البلاد، حيث يتمتع «حزب الله» ونشاطات فصائل فلسطينية بوجود تقليدي.
وخلص المجلس إلى ضرورة «اتخاذ أقصى التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حد نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية»، موصيًا الحكومة بتحذير واضح لحركة حماس وغيرها من الفصائل المسلحة، من مغبة استغلال الأراضي اللبنانية في أي أعمال عدائية.
وشدد البيان على أن «سلامة الأراضي اللبنانية فوق كل اعتبار»، وأنه لا مجال للتماهي مع أي جهة تحاول جرّ البلاد إلى مواجهات لا مصلحة للبنان فيها.
خلفية القرار: تصعيد في الجنوب وقلق رسمي
يأتي هذا الموقف اللبناني الرسمي بعد أيام من إطلاق صواريخ من مناطق جنوبية لبنانية باتجاه إسرائيل، في ما وصف بأنه رد على العدوان الإسرائيلي المتواصل في قطاع غزة.
وقد أدت هذه العمليات إلى قصف إسرائيلي واسع استهدف مواقع مفترضة لإطلاق الصواريخ ومناطق في الضاحية الجنوبية.
وبحسب مصادر عسكرية عرضت تقاريرها خلال الاجتماع، فقد تم توقيف عدد من المشتبه بهم في عمليات الإطلاق التي وقعت يومي 22 و28 مارس الماضي، وأُعلن أن الملاحقات القضائية ستبدأ مطلع الأسبوع المقبل بحق هؤلاء الموقوفين وكل من يثبت تورطه.
عون: لا لمنصات الفوضى.. وسوريا تحت الرادار
وفي كلمته خلال الاجتماع، شدد الرئيس اللبناني جوزيف عون على أهمية بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، مؤكداً أنه «لا يجوز تحت أي ذريعة تحويل لبنان إلى منصة لزعزعة الأمن».
كما أبدى قلقه من تداعيات الأزمة السورية واحتمال تسلل تداعياتها إلى الداخل اللبناني، لا سيما في ما يخص ملف النازحين السوريين، مطالباً بوضع خطة متكاملة لضبط الحدود ومتابعة التطورات.
سلام: نرفض السلاح غير الشرعي.. وندعم فلسطين بقنوات مشروعة
من جانبه، أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن الحكومة ملتزمة بوثيقة الوفاق الوطني التي تنص على حصرية السلاح بيد الدولة، ودعا إلى «تسليم السلاح غير الشرعي»، في إشارة ضمنية إلى فصائل مسلحة داخل لبنان.
وأضاف سلام: «نُجدد التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ورفض الاحتلال، لكن ذلك لا يعني أن نسمح بتحويل لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات"، مشددًا على أن "السيادة اللبنانية خط أحمر».
الإجراءات المقبلة.. توصيات حازمة ومتابعة قضائية
وختم البيان بالتأكيد على رفع التوصية التالية إلى مجلس الوزراء: «تحذير حركة حماس من استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي اللبناني"، مع التهديد باتخاذ "أقصى الإجراءات» في حال التكرار.
كما أكد البيان أن المجلس «أخذ علمًا ببدء الملاحقات القضائية بحق الموقوفين في قضية إطلاق الصواريخ»، في خطوة تعكس إصرار الدولة على عدم التساهل مع أي خرق أمني.
مراقبون.. موقف غير مسبوق يعبر عن ضغط داخلي وخارجي
ويرى مراقبون أن تحذير المجلس الأعلى للدفاع لحركة حماس يعد خطوة غير مسبوقة بهذا المستوى من الحدة، ويعكس تزايد الضغط الدولي والإقليمي على لبنان لضبط حدوده الجنوبية ومنع تصدير التوترات إلى المنطقة.
كما يأتي الموقف وسط حراك سياسي داخلي للحد من الفوضى الأمنية، ومطالب من المجتمع الدولي بإلزام الفصائل المسلحة بوقف أي عمليات تهدد الاستقرار، خاصة في ظل الانقسام السياسي الحاد داخل البلاد والفراغ الرئاسي الذي استمر لأشهر.
