البرهان يعيد تشكيل مجلس السيادة.. وتعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء

أصدر القائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، مرسوماً دستورياً، اليوم الإثنين، بتعيين أعضاء جدد في مجلس السيادة الانتقالي، كما أعلن البرهان عن تعيين رئيس جديد لمجلس الوزراء، في وقت تتصاعد فيه التحركات الإقليمية والدولية لإعادة إحياء مسار التفاوض وإنهاء الصراع المستمر.
وكانت قرارات البرهان في خطوة جديدة ضمن مساعي الجيش السوداني لإعادة هيكلة المشهد السياسي في البلاد،
تعيينات جديدة في مجلس السيادة ورئاسة الحكومة
ووفقاً لما نقلته وكالة السودان للأنباء «سونا»، فقد شمل المرسوم تعيين كل من د. سلمى عبد الجبار المبارك، ود. نوارة أبو محمد محمد طاهر، كعضوين جديدين في مجلس السيادة الانتقالي، وهو المجلس الذي يتولى مهام القيادة السياسية المؤقتة في البلاد منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.
كما نص المرسوم على تعيين الدكتور كامل الطيب إدريس عبد الحفيظ رئيساً لمجلس الوزراء، في خطوة تهدف إلى تشكيل حكومة انتقالية يمكنها إدارة شؤون البلاد في ظل الأزمة المستمرة.
ووجه البرهان الأمانة العامة لمجلس السيادة وكافة الجهات المعنية في الدولة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ المرسوم ووضعه موضع التنفيذ الفوري.
جهود لإعادة إحياء مفاوضات جدة
تأتي هذه التعيينات في وقت تشهد فيه الساحة السياسية السودانية حراكاً دبلوماسياً متصاعداً، حيث تسعى عدة أطراف إقليمية ودولية إلى إعادة إحياء مفاوضات جدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن المحادثات المرتقبة ستركز على وقف إطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، ووضع خارطة طريق سياسية تنهي حالة الانقسام وتعيد البلاد إلى مسار الانتقال المدني.
ويرى مراقبون أن تعيين رئيس للوزراء وتوسيع عضوية مجلس السيادة يمثل محاولة من البرهان لإظهار جدية في التعاطي مع الضغوط الدولية المتزايدة، وتهيئة الأرضية لاستئناف الحوار السياسي المتعثر.
خطوات نحو تشكيل حكومة انتقالية شاملة
على المستوى الداخلي، تتواصل التحركات لتشكيل حكومة انتقالية تضم ممثلين عن مختلف الأطراف المدنية والعسكرية، بما في ذلك الحركات المسلحة والمكونات السياسية التي ظلت خارج المشهد خلال الفترة الماضية.
ووفق مصادر مطلعة، فإن الحكومة المرتقبة ستُكلَّف بمهام رئيسية، أبرزها استعادة الاستقرار، معالجة الأزمات الاقتصادية المتفاقمة، وتهيئة البلاد لإجراء انتخابات حرة خلال فترة زمنية متفق عليها.
كما برزت في الآونة الأخيرة دعوات مكثفة من قبل قوى الثورة السودانية ومبادرات مدنية تطالب بإصلاحات دستورية شاملة تضمن توسيع قاعدة المشاركة السياسية، وتحقيق شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة.
الوضع الأمني.. هدوء نسبي في الخرطوم وتوترات بالأقاليم
أمنياً، وعلى الرغم من التقدم السياسي النسبي، لا تزال بعض المناطق في السودان تشهد توترات أمنية ومواجهات متفرقة، خصوصاً في إقليمي دارفور وجنوب كردفان، حيث تتصارع المجموعات المسلحة على النفوذ والموارد، وسط غياب الدولة وضعف المؤسسات الأمنية.
في المقابل، شهدت العاصمة الخرطوم تحسناً نسبياً في الأوضاع الأمنية خلال الأيام الماضية، حيث انخفضت حدة الاشتباكات وتمكنت قوات الجيش من إعادة الانتشار في بعض المناطق الحيوية.
ومع ذلك، تستمر بعض الاحتجاجات السلمية في أجزاء من الخرطوم وولايات أخرى، تطالب بالإصلاح السياسي ومحاكمة المتسببين في الانتهاكات التي صاحبت الحرب الأخيرة.
ردود فعل محلية ودولية متباينة
في أولى ردود الفعل، أعربت بعض القوى السياسية السودانية عن تحفظها على التعيينات الأخيرة، معتبرة أنها تأتي دون توافق وطني شامل، في حين رأت أطراف أخرى أن الخطوة قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الحوار والمصالحة الوطنية.
دولياً، لم تصدر بعد مواقف رسمية من المجتمع الدولي بشأن التغييرات، إلا أن المراقبين يرون أن الخطوة ستُخضع لتقييم دقيق من قبل الأطراف الراعية لمسار جدة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والسعودية، اللتين تواصلان العمل على حل الأزمة السودانية بالطرق السلمية.
طريق طويل نحو الاستقرار
تشير المعطيات إلى أن السودان لا يزال أمامه طريق طويل لاستعادة استقراره السياسي والأمني، حيث يواجه تحديات مركبة تتداخل فيها الاعتبارات المحلية والإقليمية والدولية.
وفي الوقت الذي تُظهر فيه السلطة الانتقالية رغبة في المضي قدماً نحو التهدئة والتسوية، يبقى النجاح رهيناً بإرادة حقيقية لتقديم التنازلات، والالتزام بإرث الثورة السودانية الذي ينادي بتحقيق دولة مدنية ديمقراطية يسود فيها القانون وتُحترم فيها حقوق الإنسان.