السبت 24 مايو 2025 الموافق 26 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

قبل نيوتن.. فلاسفة اليونان القدماء تحدثوا عن «قوانين الطبيعة» منذ آلاف السنين

الإغريق
الإغريق

 كان فلاسفة اليونان القدماء قد بدأوا بالفعل في تأمل العالم من خلال مفاهيم دقيقة لما أطلقوا عليه «قوانين الطبيعة»، وذلك قبل أن يضع إسحاق نيوتن قوانينه الشهيرة للحركة والجاذبية، وقبل أن يطرح الفيلسوف الفرنسي ديكارت رؤاه في المنهج العلمي. 

هذا ما تكشفه دراسة حديثة أجرتها الفيلسوفة الكندية جاكلين فيكي من جامعة واترلو، والتي تسلط الضوء على نصوص منسوبة لفلاسفة عظماء كأفلاطون وأرسطو وفيلون الإسكندري، تظهر استخدامهم لهذا المفهوم قبل قرون طويلة من بزوغ فجر العلم الحديث.

تحد للفرضيات التاريخية التقليدية

لطالما افترض مؤرخو العلوم أن فكرة «قوانين الطبيعة» لم تظهر إلا في أوروبا في القرن السابع عشر، وبشكل خاص على يد الفلاسفة المسيحيين الذين أرادوا فهم العالم على أنه تحكمه نظم وضعها خالق عاقل.

 لكن بحث فيكي يأتي ليدحض هذا التصور، موثقًا إشارات مباشرة وغير مباشرة لفكرة القوانين الطبيعية في كتابات فلاسفة سبقوا عصر نيوتن بما لا يقل عن ألفي عام.

وتُشير الدراسة، التي نُشرت عبر موقع «Greek Reporter» المتخصص في الشؤون الثقافية والعلمية، إلى أن هؤلاء الفلاسفة لم يستخدموا مصطلح «قوانين الطبيعة» فقط، بل ناقشوا وظائفها وحدودها وتطبيقاتها، خاصة في مجالي الطب والرياضيات.

أفلاطون.. المرض كان خرقًا لقانون الطبيعة

في حوار «طيماوس»، يتناول أفلاطون مسألة التوازن داخل الجسد البشري، ويشرح كيف أن الدم يجب أن يُغذى بشكل منتظم، وإلا فإن المواد الضارة تنتشر في الجسد محدثة خللًا. 

وفي هذا السياق، يعتبر أفلاطون أن هذه النتيجة تنجم عن انتهاك لما سماه «قوانين الطبيعة».

ما يلفت النظر في هذا الطرح هو أن أفلاطون لم ير القانون الطبيعي كأمر حتمي أو غير قابل للكسر، بل كان يدرك أنه قابل للانتهاك، وهذا الانتهاك هو ما يفسر الظواهر غير الطبيعية مثل المرض. وهو تصور يتجاوز مجرد الوصف إلى نوع من الفهم التحليلي للعالم الطبيعي.

أرسطو وفيثاغورس.. الأرقام تحكم الكون

أما أرسطو، تلميذ أفلاطون وأحد أبرز العقول الفلسفية في التاريخ، فقد أرجع أصل فكرة قوانين الطبيعة إلى الفيثاغوريين، الذين رأوا في الأرقام أساسًا كونيًا.

 يشير أرسطو إلى الرقم ثلاثة باعتباره «نموذجًا قانونيًا» في الطبيعة، إذ يمثل بداية ووسطًا ونهاية، وهو ما يراه انعكاسًا لنظام كوني متناسق.

فيلون الإسكندري ونيقوماخوس.. قوانين الطبيعة بلغتها الرياضية

من جانبه، كتب فيلون الإسكندري، الفيلسوف اليهودي المتأثر بالفكر اليوناني، أن خلق الكون جرى وفق قوانين طبيعية ثابتة، وهو بذلك يُظهر فهمًا دينيًا وفلسفيًا موحدًا لنظام الكون.

ويذهب نيقوماخوس الجراسي، فيلسوف القرن الثاني، إلى أبعد من ذلك، ففي كتابه "مقدمة في الحساب" يُعرف قوانين الطبيعة بلغة رياضية، ويُظهر اعتقادًا راسخًا بأن الطبيعة تتبع أنماطًا رياضية دقيقة، وهو تصور يوازي ما وصل إليه العلماء بعد قرون طويلة.

جالينوس.. الطبيب الذي شرح الجسد بقانون الطبيعة

ويُعد الطبيب والفيلسوف جالينوس من أوائل من طبّقوا مفهوم قوانين الطبيعة في المجال الطبي، إذ اعتبر أن الجسم يعمل بطريقة معينة وفق «نظام طبيعي»، وأن المرض ما هو إلا اختلال في هذا النظام، أي خرق لقانون الطبيعة الخاص بالجسد.

إرث فلسفي يمهد للعلم الحديث

تخلص أبحاث فيكي إلى أن هذه التصورات لم تكن مجرد تأملات فردية، بل نابعة من تراث فلسفي طويل تأثر بالمدرستين الفيثاغورية والأفلاطونية، اللتين اعتبرتا أن النظام والانسجام هما جوهر الوجود.

 وهو ما مهد لظهور فكرة «القانون» الذي يفسر الظواهر، سواء في الجسد أو السماء أو الأرقام.

وتفتح هذه الدراسة الباب لإعادة النظر في تاريخ الفلسفة والعلم، وتضع فلاسفة اليونان القدماء في مكانة أكثر مركزية في تطور مفهوم "قوانين الطبيعة"، التي شكلت لاحقًا حجر الزاوية في تأسيس العلوم الحديثة.

تم نسخ الرابط