«ذكرى ميلاد محمد عوض»..نجم الكوميديا الذي أسعد القلوب ولا تزال ضحكاته حية

يوافق اليوم الخميس ذكرى ميلاد الفنان الكبير الراحل «محمد عوض»، أحد أعمدة الكوميديا في تاريخ الفن المصري والعربي، والذى ظل طوال مسيرته مصدرا للبهجة والضحك عبر أدوار مميزة في السينما والمسرح والتلفزيون.

 وبرغم مرور سنوات طويلة على رحيله، فإن فنه ما زال حاضرًا في وجدان الجمهور، وأعماله تشاهد باستمرار وتتناقلها الأجيال.

بدايات فنية متواضعة وطموح لا يعرف حدود

ولد محمد عوض في مثل هذا اليوم 12 يونيو عام 1932 بحي شبرا بالقاهرة، ونشأ في أسرة بسيطة اهتمت بتعليمه.

 التحق بكلية الآداب قسم فلسفة جامعة القاهرة، وهناك بدأت ملامح موهبته الفنية في الظهور من خلال مشاركته في عروض المسرح الجامعي، قبل أن يقرر صقل موهبته أكاديميًا، فالتحق بمعهد الفنون المسرحية وتخرج فيه بتفوق.

لم تكن بداية محمد عوض سهلة، حيث واجه صعوبات في اقتحام عالم الفن، لكنه أصر على إثبات ذاته، واستطاع من خلال أدوار صغيرة أن يلفت الأنظار إليه، حتى جاءته الفرصة الحقيقية على خشبة المسرح التي شكلت انطلاقته الحقيقية نحو النجومية.

نجم المسرح الكوميدي

كان محمد عوض أحد نجوم فرقة «ساعة لقلبك» الإذاعية الشهيرة، والتي مهدت له الطريق ليصبح نجمًا مسرحيًا من طراز فريد. 

تألق في العديد من المسرحيات التي أصبحت علامات بارزة في تاريخ المسرح المصري، مثل «جوزين وفرد»، «طبق سلطة»، و«الدنيا مقلوبة»، و«الواد سيد الشغال» في بدايتها، قبل أن يستكملها الزعيم عادل إمام لاحقًا.

تميزت عروضه المسرحية بخفة الظل وسرعة البديهة والارتجال الذكي، وكان يتمتع بكاريزما جعلته محبوبا لدى مختلف الفئات العمرية، كما كانت طريقته المميزة في الأداء سببا في تميزه عن أبناء جيله.

السينما تفتح ذراعيها لوجهه الكوميدي

لم يقتصر إبداع محمد عوض على المسرح فقط، بل امتد إلى شاشة السينما، حيث شارك في عشرات الأفلام التي تنوعت بين الكوميديا والدراما الخفيفة، وكان في كثير منها يحمل البطولة المطلقة. 

من أبرز أفلامه «إجازة بالعافية»، «أخطر رجل في العالم»، «العيال كبرت»، و«مدرسة المشاغبين».

شكل ثنائيًا شهيرًا مع عدد من النجوم أبرزهم «عبد المنعم مدبولي» و«يونس شلبي» و«صفاء أبو السعود»، كما عمل تحت إدارة مخرجين كبار مثل فطين عبد الوهاب وحسن الإمام.

التلفزيون وأدوار لا تنسى

دخل محمد عوض عالم التلفزيون في وقت لاحق، وقدم من خلاله أعمالًا درامية وكوميدية متنوعة، استطاع من خلالها أن يحجز مكانا في قلوب الجمهور داخل البيوت المصرية والعربية، ومن بين أشهر مسلسلاته «هارب من الأيام» و«زمن الحب» و«أهلا بالسكان».

تميزت أدواره التلفزيونية بالبساطة والصدق، كما أنه كان ينجح دائما في توصيل رسائل اجتماعية وإنسانية من خلال أدائه التلقائي، دون افتعال أو مبالغة.

الجانب الإنساني في حياته

عرف محمد عوض بين زملائه وأصدقائه في الوسط الفني بروحه الطيبة ودماثة خلقه، وكان محبوبًا من الجميع. 

كان دائما يساعد الوجوه الشابة ويشجعهم على الاستمرار، كما لم يعرف عنه الدخول في أي خلافات فنية أو شخصية طوال مسيرته.

على المستوى الأسري، أنجب الفنان الشهير «عوض» ثلاثة أبناء، من بينهم النجم الشاب «عادل عوض» الذي اتجه إلى الإخراج، وحاول أن يسير على نهج والده في تقديم أعمال فنية محترمة تليق بالجمهور.

الرحيل الصادم لجمهوره

في يوم 27 فبراير عام 1997، فجع الوسط الفني والجمهور المصري برحيل الفنان محمد عوض عن عمر يناهز 64 عامًا، بعد صراع مع المرض. 

شيعت جنازته في حضور حشد كبير من الفنانين والمحبين، وودعه جمهوره بدموع الحزن وذكريات لا تُنسى من الضحك النقي.

ورغم مرور أكثر من ربع قرن على وفاته، ما زالت أعماله تُعرض على الشاشات وتحظى بنسب مشاهدة مرتفعة، وتُعتبر مدرسة في الكوميديا البيضاء التي لا تعتمد على الإسفاف أو الابتذال.

تكريمات بعد الرحيل وذكراه باقية

حصل محمد عوض خلال حياته وبعد وفاته على عدة تكريمات من جهات فنية ورسمية، تقديرًا لما قدمه من أعمال أثرت في الوجدان المصري والعربي، وأطلق اسمه على أحد مسارح القاهرة تكريما لمسيرته الفنية.

وفي ذكري ميلاده هذا العام، تداول عدد كبير من محبيه ونجوم الفن صوره وأعماله على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن ضحكته ما زالت تعيش بيننا، وأنه سيبقى حاضرًا في القلوب والعقول.

ختام

يبقى «محمد عوض» حالة فنية نادرة، وواحدا من أبرز من رسموا البسمة على وجوه الجمهور، ونجح في أن يترك خلفه إرثًا فنيًا راقيا سيظل خالدًا في ذاكرة الفن المصري والعربي.