بعد مأساة عريس أسوان… اكتشف «متلازمة القلب السعيد»

متلازمة القلب السعيد أصبحت حديث الجميع بعد مأساة عريس أسوان حيث تحولت ليلة الفرح إلى لحظة حزن عميق، فقد سلطت هذه الواقعة الضوء على «متلازمة القلب» التي تُعرف علميًا بمتلازمة القلب السعيد وهي حالة نادرة تصيب عضلة القلب نتيجة انفعال عاطفي شديد سواء كان بسبب فرح كبير أو حزن مفاجئ، ويشرح الأطباء أن هذه الحالة تجعل «القلب» يتفاعل مع الصدمة العاطفية بطريقة تؤدي إلى ضعف مؤقت في قدرته على ضخ الدم، مما يجعل فهم أسبابها وأعراضها وطرق الوقاية منها أمرًا ضروريًا لكل من يهتم بصحة قلبه وحياته.

ما هي متلازمة القلب السعيد؟

متلازمة القلب السعيد أو كما يُطلق عليها أحيانًا «متلازمة القلب المنكسر» هي حالة طبية نادرة تصيب القلب فجأة بسبب انفعال عاطفي شديد سواء كان سعادة زائدة أو حزناً عميقاً، وتُعرف هذه الحالة أيضاً بTakotsubo Syndrome بحسب الأدبيات الطبية، وهي حالة مؤقتة تؤثر في قدرة عضلة القلب على ضخ الدم بشكل طبيعي.

تتطور متلازمة القلب السعيد عند اندفاع هرمونات التوتر مثل الأدرينالين بشكل مفاجئ داخل الجسم، مما يؤدي إلى ضعف مؤقت في جزء من عضلة القلب أو تشوّبات في شكل البطين الأيسر الذي يبدو ممتدًا أو منتفخًا في بعض الحالات، وهذا يؤدي إلى اضطراب في تدفق الدم وكفاءته، وقد تشبه أعراضها الجلطة القلبية أو النزيف القلبي في بدايتها.

السيناريو الكارثي في أسوان

في واقعة عريس أسوان تحولت فرحة الزفاف إلى مأساة حين لفظ الشاب أنفاسه الأخيرة وسط الاحتفال، وتبين بعد التحقيقات أن ما أصابه قد يكون من متلازمة القلب السعيد، فبينما يتوقع الناس أن هذا النوع من الانهيار القلبي يبدأ بمعاناة مع المرض أو مشاكل مزمنة للقلب، ربما لم يكن العريس يعرف أنه معرضٌ لمثل هذه الحالة، أو لم يكن جسمه مستعدًا لتحمّل الصدمة العاطفية الكبرى في لحظة فرح.

وتشير المصادر إلى أن الحالة قد وقعت خلال الاحتفال أو إثر تواتر مشاعر وعواطف شديدة في جو الزفاف، مما أدى إلى استجابة مفاجئة في جهاز الجسم العصبي والهرموني تؤثر على القلب مباشرة.

أعراض متلازمة القلب السعيد

تتشابه أعراض متلازمة القلب السعيد إلى حد كبير مع تلك المصاحبة للجلطة القلبية، مما يجعل التشخيص أمرًا دقيقًا وحساسًا، ومن أبرز هذه الأعراض:

• ألم شديد في الصدر يشبه ألم الجلطة

• ضيق التنفس المفاجئ

• اضطراب ضربات القلب أو خفقان

• دوار أو إحساس بالإغماء

• شعور بالضعف العام أو التعب المفاجئ

• أحيانًا قد تؤدي الحالة إلى توقف القلب إذا كانت رد الفعل عظيمًا

ومن المهم التنويه إلى أن المرض قد يتطور بسرعة كبيرة بعد التعرض لصدمة عاطفية قوية، سواء كانت سلبية أو إيجابية.

من هم الأكثر عرضة للإصابة؟

لا يمكن القول إن متلازمة القلب السعيد تصيب أحدًا دون غيره، لكن هناك عوامل تزيد من احتمالية تعرض الإنسان لها:

• الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب مسبقًا أو لديهم تاريخ مع ضعف القلب

• النساء خصوصًا فوق سن اليأس غالبًا ما تكون أكثر عرضة بحسب الدراسات

• الأشخاص ذوو القلوب الحساسة والتفاعلية عاطفيًا

• من يعانون من ضغوط نفسية وعاطفية كبيرة مفاجئة

• أولئك الذين لا يملكون استعدادًا جسديًا لتحمّل الصدمات

كيفية التشخيص والعلاج

التشخيص المبكر مهم جدًا في حالات متلازمة القلب السعيد لأن الأعراض قد تكون خادعة وتُشبه أمراضًا قلبية خطيرة أخرى، ويشمل التشخيص عادة ما يلي:

• تخطيط كهربائي للقلب ECG

• تصوير القلب بالأشعة فوق الصوتية أو الأشعة التداخلية

• فحص إنزيمات القلب لمعرفة الضرر

• متابعة حالة المريض نفسياً وعاطفيًا

أما العلاج فيكون داعمًا تامًا، فليس هناك علاج خاص فوري للقضاء على المتلازمة، لكن الأطباء يعملون على:

• تثبيت حالة القلب ودعم ضخ الدم إذا كانت ضعيفة

• استخدام أدوية تقلل من الضغط والتوتر على القلب

• مراقبة المريض في وحدة العناية القلبية أو المراقبة المكثفة

• علاج الضغط النفسي الذي قد يكون سببًا أو مساهمًا

• في الحالات الحرجة ربما تُستخدم مضادات النزيف أو دعم دوري للقلب

غالبًا ما تتحسن الحالة خلال أيام أو أسابيع إذا خضع المريض للرعاية المناسبة

ما الذي يمكن فعله للوقاية؟

لا توجد وسيلة تضمن منعَ متلازمة القلب السعيد تمامًا، لكنها حالة نادرة جدًا، ومع ذلك يمكن اتخاذ بعض الإجراءات التي تقلل من الخطر:

• تجنّب الضغوط النفسية الشديدة أو التعامل معها بأساليب صحية

• ممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على صحة القلب

• الاسترخاء وتقنيات التنفس والتأمل للتقليل من التوتر

• المتابعة الدورية للقلب خاصة لمن لديهم تاريخ قلبي

• الاهتمام بالصحة النفسية وتلقي الدعم عند الحاجة

الدروس المستخلصة من حادثة أسوان

حادثة عريس أسوان هي تذكير قوي بأن «متلازمة القلب السعيد» ليست مجرد تسمية بل واقع ممكن أن يصيب أحدنا في لحظة فرح أو حزن شديدة، وأن القلب يتأثر ليس فقط بالجسد بل بالعقل والعاطفة أيضًا، لذا من الضروري أن نكون يقظين تجاه أعراض الألم المفاجئ في الصدر أو ضيق التنفس بعد صدمة عاطفية مهما كانت خلفيتها.

كما تُبرز أهمية توعية المجتمع حول تلك الحالات النادرة والأقل شهرة حتى يتم التعامل معها بشكل فوري وإنقاذ الأرواح، فلا ينبغي الاستخفاف بأي ألم مفاجئ في القلب، ويجب التوجه للطبيب على الفور.

القلب، الذي هو مركز العاطفة والحياة، قد يعاني بصمت في لحظة مفاجئة بسبب متلازمة القلب السعيد، وهكذا كشف مأساة عريس أسوان أن هذه الحالة النادرة قد تتسلل فجأة إلى حياة الإنسان دون إنذار ظاهر، لكن المعرفة والوعي يمكن أن يكونا الخط الفاصل بين النجاة والمأساة، فابقَ حذرًا من أي عرض مفاجئ في القلب، واعتنِ بصحتك النفسية والجسدية دومًا.