الجمعة 17 أكتوبر 2025 الموافق 25 ربيع الثاني 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

حكم الصلاة بعد العملية الجراحية «دون اغتسال»

الصلاة
الصلاة

الصلاة من أعظم العبادات التي تُعد صلةً بين العبد وربه، وقد يسأل كثير من الناس عن حكم الصلاة بعد الخضوع لعملية جراحية، خصوصًا إذا وُجد جرح يمنع من الاغتسال الكامل، وهو ما أوضحه الدكتور أحمد عبد العظيم، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال حديثه عن الأحكام الشرعية المتعلقة بالطهارة والصلاة بعد العمليات.

الإفتاء توضح حكم الصلاة بعد العملية الجراحية

أكد أمين الفتوى أن الصلاة واجبة على المسلم في جميع أحواله، ولا تسقط عنه ما دام عقله حاضرًا، ولكن الشريعة الإسلامية جاءت بالتيسير ورفع الحرج، فإذا كانت الجراحة في موضعٍ يمنع الغُسل الكامل أو تؤدي إلى ضرر أو مشقة شديدة، فإن الإسلام يجيز للمريض أداء الصلاة بوسائل الطهارة الممكنة دون أن يقع في إثم، لأن «الدين يُسرٌ لا عُسر فيه»، وهذا ما شدد عليه علماء الشريعة عبر العصور.

وأوضح أمين الفتوى أن الأصل في الطهارة هو الوضوء والغُسل، ولكن عند وجود عذر يمنع الغُسل كالجرح المفتوح أو الألم الشديد أو وجود ضمادات طبية لا يمكن إزالتها، فيكفي أن يتوضأ المريض وضوءًا عاديًا ثم يُصلي، ولا حرج عليه في ذلك، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: «لا يُكلّف الله نفسًا إلا وسعها».

الصلاة دون اغتسال بعد الجراحة

وأشار الدكتور أحمد عبد العظيم إلى أن الصلاة دون اغتسال جائزة إذا لم يكن الغُسل واجبًا شرعًا مثل حالات الجنابة أو الحيض أو النفاس، فحينئذٍ يكون الوضوء كافيًا، ويؤدي المسلم الصلاة على حاله دون أي حرج، أما إذا كان الغسل واجبًا ولكن المريض لا يستطيع أن يغسل موضع الجرح أو جسده كاملًا خوفًا من الضرر، فحينها يغسل ما يستطيع فقط ويترك ما يُؤذيه، وهذا يُعتبر كافيًا شرعًا لأداء الصلاة.

وأضاف أن من رحمة الله أن جعل التيمم بديلاً شرعيًا للطهارة في حالة تعذر استخدام الماء تمامًا، فيضرب المريض بيديه على التراب أو ما يقوم مقامه ضربة واحدة ويمسح وجهه ويديه إلى المرفقين، ثم يؤدي الصلاة في وقتها، على أن يُعيد الوضوء أو التيمم عند دخول وقت صلاة أخرى، حفاظًا على الطهارة المطلوبة لكل فريضة.

مبطلات الصلاة وأحكامها

ومن الجوانب المهمة التي أوضحها أمين الفتوى أن هناك أفعالًا تُبطل الصلاة وأخرى تُكره فيها، فالمصلي يجب أن يحرص على خشوعه واستحضار قلبه في عبادته، ومن مبطلات الصلاة أن يتعمد ترك ركنٍ أساسي أو شرطٍ من شروطها، كأن يترك الركوع أو السجود عمدًا، أو يُحدث في صلاته ما ينافي الخشوع مثل الأكل أو الشرب عمدًا، أما من يفعل ذلك نسيانًا فليس عليه إثم، وتظل صلاته صحيحة.

كما أن الكلام عمدًا أثناء الصلاة يُفسدها، إلا في حال الجهل بالحكم أو النسيان، فحينها لا تبطل، وقد اتفق العلماء على أن كثرة الحركات الخارجة عن هيئة الصلاة تبطلها، بينما الحركات اليسيرة كتحريك الأصابع أو حك الجسد لا تُفسدها، وإن كانت مكروهة إن تكررت، أما الضحك بصوت عالٍ فيبطلها، بخلاف التبسّم الذي لا يُفسدها.

مكروهات الصلاة

أكدت دار الإفتاء عبر ما ورد من أحاديث نبوية أن هناك أمورًا تُكره أثناء الصلاة لأنها تُنافي الخشوع وتقلل من ثواب العبادة، ومن أبرز هذه المكروهات العبث بالبدن أو تشبيك الأصابع أو فرقعتها أثناء الصلاة، فقد ورد عن ابن عباس أنه قال لمن فعل ذلك: «لا أمّ لك، تفقع أصابعك وأنت في الصلاة»، لأن هذه الأفعال تُشغل عن تدبر القراءة والخشوع المطلوب.

ومن المكروهات أيضًا رفع البصر إلى السماء أثناء الصلاة لما ورد في الحديث الشريف: «لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم»، وكذلك تغميض العينين دون حاجةٍ لذلك لأنه مظنة النوم، إلا إذا كان إغماض العينين أدعى للخشوع بسبب المشتتات المحيطة بالمصلي.

ويُكره كذلك التخصر أثناء الصلاة وهو وضع اليدين على الخاصرتين، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، كما تُكره الصلاة مع مدافعة الأخبثين أي البول أو الغائط، لما فيه من انشغالٍ وقلّة خشوع، وكذلك تُكره الصلاة في حضور الطعام الذي تشتهيه النفس حتى لا ينشغل المصلي به عن صلاته.

ومن المكروهات أيضًا استقبال النار أثناء الصلاة لأن فيه تشبهًا بعبّاد النار، وكذلك تنكيس السور أي قراءة سورة أعلى في الركعة الثانية مما قرأه في الركعة الأولى، وتُكره الصلاة عند النعاس أو التثاؤب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نعس أحدكم فليرقد حتى يذهب عنه النوم»، وأمر بدفع التثاؤب ما استطاع لأنه من الشيطان.

كما يُكره بسط الذراعين في السجود لأن النبي نهى عن ذلك وقال: «اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب»، وتُكره تغطية الفم أو الأنف أثناء الصلاة إلا لحاجةٍ طبية، كما تُكره تكرار نفس السورة في الركعتين إلا لعذر، لأن في ذلك مخالفةٍ لهدي النبي عليه الصلاة والسلام.

التيسير في أحكام الصلاة للمريض

وختم أمين الفتوى توضيحه بالتأكيد على أن الصلاة عبادة لا تسقط عن المسلم في أي حال، ولكن الله سبحانه وتعالى خفّف عن عباده في حالات المرض والسفر والضرورة، فيجوز للمريض أن يُصلي جالسًا أو مضطجعًا أو حتى بالإيماء فقط إن عجز عن القيام أو الركوع، لأن المقصود من الصلاة هو ذكر الله والخضوع له، وليس المشقة أو العنت، وقد جاء في الحديث الشريف: «صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنب».

وأشار إلى أن المقصود بالطهارة في الصلاة هو إعداد النفس والجسد للقاء الله تعالى، فإذا تعذر الاغتسال الكامل بسبب عملية جراحية، فالله يعلم حال عبده، ويقبل منه عبادته ما دام أخلص النية واجتهد في الطاعة، ولهذا فكل من أجرى عملية جراحية يمكنه أداء الصلاة بالوضوء أو التيمم وفق حالته الصحية دون تأخير ولا حرج.

تم نسخ الرابط