خبراء التغذية يحذرون من «تجميد الخبز» وأضراره الصحية

أصبح «تجميد الخبز» عادة شائعة في كثير من البيوت خاصة مع تزايد ضغوط الحياة وسرعة وتيرة الأيام، إذ يلجأ الناس إلى تخزين الخبز في الفريزر لفترات طويلة لتوفير الوقت والجهد، ولكن رغم ما يبدو من فائدة في حفظ الخبز ومنع تلفه، إلا أن «خبراء التغذية» حذروا مؤخرًا من أضرار صحية خفية قد تنجم عن «تجميد الخبز»، مما يستدعي وعيًا أكبر بطريقة التخزين الصحيحة.
تحذيرات علمية من تجميد الخبز
أكد عدد من خبراء التغذية أن «تجميد الخبز» يؤدي إلى تغيرات في التركيب الكيميائي للمكونات الغذائية داخله، حيث تتفاعل النشويات والدهون والبروتينات بشكل مختلف عند درجات الحرارة المنخفضة جدًا، مما قد يُفقد الخبز جزءًا من قيمته الغذائية، ويؤثر على نكهته وقوامه، بل وقد ينتج عنه مركبات غير صحية إذا أُعيد تسخينه بشكل خاطئ بعد التجميد.
وأشار الخبراء إلى أن عملية «تجميد الخبز» تتسبب في فقدان نسبة من «الرطوبة» الطبيعية داخله، مما يجعله أكثر «جفافًا» عند إذابته، كما أن التجميد الطويل قد يؤدي إلى تكوين بلورات ثلجية دقيقة تُحدث شروخًا في الألياف النشوية، فتُغير من طبيعته وتجعل هضمه أصعب بالنسبة للجهاز الهضمي، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في القولون أو المعدة.
التجميد وتكوّن المركبات الضارة
وأوضح المتخصصون أن من أكبر مخاطر «تجميد الخبز» أنه قد يؤدي إلى تكوين مركب يُعرف باسم «الأكريلاميد» عند إعادة تسخين الخبز بعد التجميد، وهو مركب يتكوّن نتيجة تفاعل النشويات مع درجات الحرارة العالية، وقد أظهرت أبحاث عديدة أن الأكريلاميد من المواد التي قد ترفع خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان عند تراكمها في الجسم، وهو ما جعل العديد من المنظمات الصحية العالمية تدعو إلى الحذر من إعادة تسخين الخبز المجمد في درجات حرارة مرتفعة.
وأضافوا أن هذه المشكلة تتفاقم أكثر عندما يُستخدم «الميكروويف» أو «المحمصة الكهربائية» بدرجات حرارة عالية مباشرة بعد إخراج الخبز من الفريزر، حيث تتحول النشويات إلى سكريات بسيطة تتفاعل بسرعة مكوّنة مركبات غير صحية، ولذلك نصح الخبراء بضرورة ترك الخبز يذوب تدريجيًا في درجة حرارة الغرفة قبل تسخينه.
فقدان القيمة الغذائية للخبز المجمد
يرى أخصائيو التغذية أن عملية «تجميد الخبز» لا تؤثر فقط على المذاق بل تمتد لتؤثر على القيمة الغذائية، إذ إن بعض الفيتامينات والمعادن تتدهور بمرور الوقت في درجات التجميد، مثل فيتامين «ب» المركب الذي يتأثر بسهولة بالبرودة الشديدة، وكذلك المعادن الدقيقة كالمغنيسيوم والحديد التي قد تتفاعل مع الهواء المتجمد داخل أكياس التخزين، مما يقلل من فائدتها للجسم.
كما أوضح الخبراء أن التجميد لا يوقف نشاط بعض الميكروبات تمامًا، بل يبطئه فقط، وبالتالي فإن تخزين الخبز لفترات طويلة قد يؤدي إلى نمو بكتيري بطيء قد ينشط فور إخراجه من الفريزر، خاصة إذا لم يكن التخزين في أكياس محكمة الغلق، وهو ما يفسر تغير رائحة بعض أنواع الخبز المجمد بعد فترة طويلة.
نصائح لتخزين الخبز بطريقة صحية
وللحد من أضرار «تجميد الخبز»، قدم خبراء التغذية مجموعة من النصائح المهمة، أبرزها تجنب التجميد لفترات طويلة، وأن لا تتجاوز مدة حفظ الخبز في الفريزر ثلاثة أسابيع كحد أقصى، مع ضرورة وضعه في أكياس محكمة الغلق لتقليل تعرضه للرطوبة والهواء، كما يُفضل تقسيم الكمية إلى حصص صغيرة لاستخدامها حسب الحاجة دون إعادة التجميد المتكرر.
ونصح الخبراء أيضًا بعدم وضع الخبز وهو ساخن في الفريزر لأن ذلك يؤدي إلى تكاثف البخار داخله وتكوّن بلورات جليدية، مما يُضعف جودة الخبز لاحقًا، ويُستحسن تركه يبرد تمامًا قبل تخزينه، كما يُنصح بإذابة الخبز تدريجيًا في درجة حرارة الغرفة وليس في الميكروويف مباشرة، لأن التسخين السريع يغيّر من تركيب النشويات ويزيد من احتمالية تكوّن المواد الضارة.
بدائل طبيعية لتجميد الخبز
وأشار بعض خبراء التغذية إلى وجود بدائل آمنة تغني عن «تجميد الخبز» في الفريزر، مثل حفظه في «الثلاجة» لمدة قصيرة لا تتجاوز ثلاثة أيام، أو تغليفه بورق مخصص لحفظ الطعام في درجة حرارة الغرفة بعيدًا عن الرطوبة، كما يمكن تجفيف الخبز بطريقة طبيعية في الفرن بدرجة حرارة منخفضة ثم حفظه في برطمان محكم الغلق لاستخدامه لاحقًا في وصفات الطعام مثل الفتات أو البقسماط.
وأوضحوا أن من الأفضل إعداد كميات صغيرة من الخبز الطازج تكفي ليومين أو ثلاثة فقط بدلًا من اللجوء إلى التجميد المستمر، لأن الطزاجة عنصر أساسي في الحفاظ على فوائد الخبز وقيمته الغذائية، خاصة إذا كان مصنوعًا من الحبوب الكاملة الغنية بالألياف.
رأي الأطباء في تأثير الخبز المجمد على الهضم
بيّن الأطباء أن تناول الخبز بعد فترة من التجميد قد يسبب «انتفاخًا» أو «صعوبة في الهضم» لدى بعض الأشخاص، وذلك بسبب تغير طبيعة النشويات التي تصبح أكثر قساوة بعد التجميد، مما يجعل الأمعاء تبذل جهدًا أكبر لهضمها، وقد أظهرت دراسات حديثة أن «تجميد الخبز» يغيّر من بنية الجلوتين، وهو البروتين المسؤول عن تماسك العجين، مما قد يثير مشكلات لدى من يعانون من «حساسية الجلوتين».
كما نبه الأطباء إلى أن الأطفال وكبار السن هم الأكثر تأثرًا بتناول الخبز المجمد لفترات طويلة، نظرًا لحساسية أجهزتهم الهضمية، لذلك أوصوا بأن تكون الأولوية دومًا للخبز الطازج الذي يُستهلك في نفس اليوم أو في اليوم التالي كحد أقصى.
التوازن هو الحل
وفي نهاية حديثهم، شدد خبراء التغذية على أن «تجميد الخبز» ليس خطرًا مطلقًا إذا تم بطريقة صحيحة ولأوقات قصيرة، لكن الإفراط في استخدامه دون وعي أو تسخينه بطريقة غير سليمة هو ما يؤدي إلى المشكلات الصحية، لذلك فإن الحل يكمن في التوازن، والاعتدال في التخزين والاستهلاك، مع الحرص على تناول الخبز الطازج قدر الإمكان، لأنه أكثر فائدة وأفضل طعمًا.
فهم مخاطر «تجميد الخبز» يساعد الأسر على حماية صحتها من الأضرار الخفية التي قد لا تبدو واضحة للوهلة الأولى، فالغذاء السليم لا يتعلق فقط بما نأكله، بل أيضًا بكيفية حفظه وطهوه وتناوله.