الإثنين 03 نوفمبر 2025 الموافق 12 جمادى الأولى 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل يجوز اختيار جنس المولود؟.. الإفتاء توضح الحكم

امين الفتوى
امين الفتوى

الإفتاء تؤكد أن مسألة «تحديد جنس المولود» من القضايا التي تتكرر أسئلتها بين الناس في هذا العصر الحديث، حيث أصبح «العلم» والتقنية الطبية قادرين على التدخل في كثير من تفاصيل الإنجاب، وقد تناولت دار الإفتاء المصرية هذا الموضوع بتوضيح شامل من خلال تصريحات الدكتور علي فخر أمين الفتوى، الذي أوضح الرأي الشرعي في هذا الشأن مبينًا أن الإسلام لا يمنع استخدام الوسائل الحديثة إذا كانت في نطاقٍ محددٍ وبنيةٍ صالحةٍ لا تتعارض مع «مشيئة الله».

الفرق بين التحديد والاختيار في رأي الإفتاء

قال الدكتور علي فخر أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية إن «الفقهاء» فرّقوا بين مصطلحين مهمين في هذا الموضوع وهما «الاختيار» و«التحديد»، فـ«الاختيار» يعني أن الطبيب يقوم بانتقاء الحيوان المنوي أو البويضة التي يُراد منها الحمل سواء لإنجاب ذكر أو أنثى، بينما «التحديد» يشير إلى محاولة التحكم الكامل في إرادة الله عز وجل وفي نتائج الخلق، وهذا أمر لا يملك الإنسان أن يتدخل فيه لأن «الخلق لله وحده».

وأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء أن «الاختيار» جائز شرعًا في حال وجود أسباب خاصة مثل أن يكون لدى الأسرة أبناء من جنس واحد ويرغب الزوجان في تحقيق التوازن الأسري بإنجاب مولود من الجنس الآخر، مبينًا أن ذلك لا يُعد تدخلًا محرمًا ما دام الهدف منه إنسانيًا ومحدودًا ولا يسبب ضررًا اجتماعيًا أو نفسيًا، كما أكد أن هذا «الاختيار» لا بد أن يتم في نطاقٍ ضيقٍ ووفق استشارة طبية وأخلاقية تضمن عدم إساءة استخدام الوسائل الحديثة.

الإفتاء توضح حدود الجواز الشرعي

كما شدد أمين الفتوى في دار الإفتاء على أن «الاختيار» لا يجوز أن يتحول إلى «ظاهرة عامة» بين الناس، لأن ذلك يؤدي إلى خلل خطير في المجتمع، فإذا اتجه الناس جميعًا إلى إنجاب الذكور فقط أو الإناث فقط فإن «التوازن الإنساني» سيختل، مما يسبب أزمات اجتماعية واقتصادية وأخلاقية، ولهذا جاء «التحريم» في مثل هذه الحالات لأنه يعارض مقاصد الشريعة التي تقوم على العدل والتوازن والتنوع في الخلق.

وأشار أمين الفتوى في دار الإفتاء إلى أن الله تعالى جعل من سننه الكونية أن يكون في الحياة ذكور وإناث يكمل بعضهم بعضًا، وأن هذا التنوع من آيات الله في الكون، مستشهدًا بقول الله تعالى: «لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ» وهي آية عظيمة تؤكد أن «الإرادة الإلهية» فوق كل إرادة بشرية وأن الإنسان مهما بلغ من علم فلن يستطيع أن يخرج عن «القدر الإلهي».

الإفتاء تحذر من التلاعب بالخلق

وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء أن استخدام «الوسائل الطبية» لتحديد جنس المولود يجب أن يكون وفق «ضوابط شرعية» وأخلاقية، لأن التوسع فيها بلا ضابط قد يؤدي إلى «الغرور العلمي» الذي يجعل الإنسان يظن أنه قادر على تغيير سنن الله في الكون، بينما الحقيقة أن كل ما يفعله هو مجرد «أخذ بالأسباب»، أما «النتائج» فهي بيد الله وحده، فالله هو «الخالق البارئ المصور»، وهو الذي يهب الحياة لمن يشاء ويمنعها عمن يشاء لحكمة يعلمها سبحانه.

وأوضح أن العلماء والأطباء متفقون على أن كل ما يندرج تحت «التدخل الطبي المشروع» لا يُعد حرامًا إذا كان الهدف منه علاج العقم أو تحقيق توازن أسري أو دفع ضرر محتمل، لكن يجب أن يكون بعيدًا عن أي غرض مادي أو نفسي أو اجتماعي غير مشروع، كما أن «الإفتاء» ترى أن كل ما يُخرج الإنسان عن الإيمان بقدرة الله ومشيئته يُعتبر خطرًا على العقيدة قبل أن يكون خطرًا على المجتمع.

العلم لا يتعارض مع الإيمان

وأكد أمين الفتوى في دار الإفتاء أن العلم لا يتعارض مع الدين إذا وُضع في مكانه الصحيح، فالله تعالى أمرنا بالأخذ بالأسباب والسعي في الأرض، لكن ذلك لا يعني التعدي على مشيئته أو إنكار دوره سبحانه في تدبير الكون، وقال إن المسلم عندما يستخدم وسائل الطب الحديثة يجب أن يستحضر النية الصالحة وأن يعلم أن ما يفعله هو مجرد «وسيلة»، بينما الخلق والنتيجة بيد الله وحده، وأضاف أن هذا الفهم هو الذي يجعل «الإيمان» والعلم يسيران معًا دون تعارض.

الحكمة من توازن الخلق كما تراها الإفتاء

وفي ختام حديثه أشار أمين الفتوى في دار الإفتاء إلى أن الله سبحانه وتعالى خلق الذكر والأنثى لحكمةٍ عظيمةٍ تتجلى في استمرار الحياة وبناء المجتمعات على أساسٍ متوازنٍ ومتكاملٍ، فلا يجوز للإنسان أن يسعى لإفساد هذه الحكمة بمحاولات «التحكم الكامل» في الخلق، فالمؤمن الحق يدرك أن «الرزق بالذرية» منحة من الله وأن السعادة ليست في نوع المولود بل في بره وصلاحه.

وأكدت دار الإفتاء المصرية أن هذا التوازن بين العلم والإيمان هو الذي يصون المجتمع من الانحراف الفكري أو الأخلاقي، داعية الأسر إلى الرضا بما قسمه الله من الذرية ذكورًا كانوا أو إناثًا، لأن في كل منهما خيرًا عظيمًا، ولأن الله وحده يعلم أين تكون المصلحة.

تم نسخ الرابط